استعرضت ندوته مقاطع من فيلمه «تمبكتو» الحائز على عدة جوائز
الدوحة ـ «سينماتوغراف»
تحدث صانع الأفلام الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، الذي عرض فيلمه «تمبكتو» في الدوحة، عن أهمية ملتقى قمرة، وهو حدث جديد تنظمه مؤسسة الدوحة للأفلام بهدف توجيه وتطوير مهارات صناع الأفلام الصاعدين في قطر وحول العالم.
وقال سيساكو، «يحتاج قمرة إلى أناس يحسنون الاستماع وتبادل الخبرات والأفكار. وفي الثقافة التي أنتمي إليها، تحمل كلمة سيد معنى مزدوج حيث قد نطلق هذا اللقب على شاب التقينا به في الشارع ولا نعرف اسمه. واللقب هذا مهم حيث يظهر قدرة كل شخص على منح الآخر شيئاً. وأنا لست سيداً في الدوحة، إلا أنه يسعدني تبادل الأفكار والخبرات مع الشباب هنا من صناع الأفلام».
وبصفته أحد الخبراء السينمائيين في قمرة، يتولى سيساكو نصح وتوجيه أصحاب ثمانية مشروعات من مشروعات قمرة ضمن برنامج تطوير مكثف هي: فيلم الدراما «العيون الخضراء» (قطر) لعبدالله الملا، وفيلم الدراما «بو عجيلة» (قطر) لسعيد المناعي، وفيلم الدراما الذي تدور أحداثه في الجزائر «حصن المجانين» (الجزائر وفرنسا وقطر)، وفيلم الدراما القطرية «باريجات” لهند فخرو، وفيلم المغامرات الخيالي «سراب» (قطر) لنورة السبيعي، وفيلم الدراما النسائية الذي تدور أحداثه في غزة «ديغراديه» (فلسطين وفرنسا وقطر) لعرب وطرزان أبو ناصر، وفيلم دراما الطفولة «ليس أمامنا وقت» (قطر) لمريم مسراوه، وفيلم الدراما الذي تدور أحداثه عن توصيل البيتزا «بيتزا وبس» (قطر).
ولأن صناعة الأفلام لم تكن مهنة جدية في موريتانيا، اغتنم سيساكو فرصة سنحت له في عمر 19 للذهاب إلى الاتحاد السوفيتي والدراسة في معهد غيراسيموف الحكومي للسينما في موسكو حيث تتلمذ على يد صانع أفلام روسي.
واعتمد فيلمه «في انتظار السعادة» على تجربته الشخصية والغرفة التي عاش فيها مع أمه في موريتانيا بنوافذها المنخفضة حيث رأى كل شيء من هذا المنظور – وتحديداً أقدام المارين وأرجلهم – وكانت هذه الصورة إحدى الصور التي استعان بها خلال الفيلم.
وتعرض خلال سنوات دراسته في المعهد إلى عديد من الأعمال السينمائية العالمية حيث قال «أنا كنت أشاهد عدد من الأفلام يومياً حيث كان ذلك مفروضاً علينا، وتعرفت من خلالها على عوالم جون كاسافيتس، ولوتشينو فيسكونتي، ومايكل أنجلو أنطونيوني، وأندري تاركوفسكي، وإنغمار برغمان».
وقال سيساكو «يصور فيسكونتي في أفلامه الحياة كما يراه الناس في الشارع وأثناء سنوات نشأتي في مالي تعلمت الكثير عن الشارع حيث كان منزلنا بمحاذاته، لذا عرفت أنه بمقدوري أنا أيضاً رواية القصص التي تدور أحداثها في الشارع. ومن المهم للغاية أن تبدأ بما تعرف وبما جربته».
وعن عمله على فيلم «الحياة على الأرض» قال سيساكو أنه عندما قرر أن يعود للعيش في فرنسا أرد أن يصور كيف كانت حياته هناك. «لا بد أن تكون للأفلام معنى لذا قررت أن أعود وأحكي عما أعرفه واشتقت إليه، وأن أكتب قصة بسيطة وأصور مشاهد بسيطة مع ناس أعرفهم. رغبت بأن أعرض حياة لا نراها كل يوم، وحقيقة ما يحصل على الأرض».
بدأ فيلم «الحياة على الأرض» مع نص من صفحتين وكشك هاتف كان في القرية الذي صُور فيها الفيلم واستخدمه الناس للتواصل. «كان هذا الكشك المكان الذي يذهب إليه الناس للحديث مع أبائهم. وكانوا يمسكون بالهاتف بطريقة أوحت برغبتهم الكبيرة في التواصل مع بعضهم البعض، ولذا قررت عمل فيلم حول هذه الفكرة».
«لا يجب علينا البحث عن قصص بعيداً عنا حيث نستطيع العثور عليها في بيوتنا. وأحب السينما عنما تكون قريبة منا. أحب تصوير الناس في لحظات ضعفهم وتصوير الحياة البسيطة، فالحياة رحلة في البحث عن الحياة».
وفي معرض حديثه عن فيلمه «تمبكتو»، شرح سيساكو المشهد الدرامي الذي تموت فيه إحدى الشخصيات قائلاً «أردت أن أصور شخصين على نفس الدرجة من الضعف حيث يقتل أحدهما الآخر بالصدفة. أردت أن أصور الضعف من منظور موضوعي».
وتحدث سيساكو أيضاً عن الاستعانة بأشخاص لا يحترفون التمثيل بأفلامه حيث لا يحمل ذلك أهميةً عنده، وكان الصيادون في فيلم «تمبكتو» صيادون حقيقون التقى بهم طاقم الفيلم عندما وصلوا إلى موقع التصوير. وقال سيساكو «الحياة هي عن اللقاء بالناس وعن الانفتاح للفرص، وهذا هو سحر عالم السينما، فلم لو أكن منفتحاً لما التقيت بهذا الممثل».
وعن هويته كصانع أفلام أفريقي، قال سيساكو «تظهر أصولي الأفريقية من القصص التي أحكيها لكن وصفي بصانع افلام أفريقي فكرة غربيّة للغاية. أرى نفسي كصانع أفلام موريتاني يحب رواية قصص من أفريقيا».
وعند سؤاله عن أهمية التكنولوجيا في صناعة الأفلام، أجاب سيساكو بأن ليس لها أهمية كبرى قائلاً «المهم هو القصة التي تود روايتها. من السهل شراء قلم لكن ذلك لا يجعل منك كاتباً. وعليه، لن تصبح صانع أفلام بمجرد شرائك كاميرا».
وفي حديثه عن الشخصيات النسائية القوية في فيلم «تمبكتو»، قال سيساكو أنه نشأ في مجتمع كانت فيه النساء يتمتعن بقدر كبير من الاحترام وأن علاقته بأمه عامل مهم في نظرته للرجال والنساء: «لا أرى فرقاً بين الرجل والمرأة وأعترف فقط بالإنسان. لدى النساء والرجال مسؤولية كبيرة في هذا العالم ويلعبون أدوار مهمة في مجتمعاتهم. ولدى النساء القدرة على التحلي بالتواضع والجسارة والشجاعة في وقت واحد. وفي «تمبكتو» نرى النساء يتصدون للجهاديين. وكان خياري إظهار هذا النهج من المقاومة السلمية».
وفي حديثه عن الاستعانة بعنصر الفكاهة في أفلامه، وتحديداً في فيلم «تمبكتو»، قال سيساكو «الفيلم عبارة عن حوار، جوار يستمر لساعة ونصف، ولا بد للناس أن يستمتعوا بما يشاهدونه وأن يجد عندهم صدى. والفكاهة جزء من حياتنا اليومية، وحتى من المواقف الدراماتيكية، بما فيها الحرب، حيث أن لها قدرة على أنسنة ما يجري، لذا تتميز شخصياتي أفلامي بالفكاهة، حتى الشريرة منها».