ظهر منذ أيام العدد الأول من ملحق فصلي تصدره مجلة المستقبل العربي عن مركز دراسات الوحده العربية في بيروت يحمل عنوان «السينما العربية»، ويرأس تحريره الناقد الكبير إبراهيم العريس، وتتألف هيئتها الاستشارية من نخبة متميزة من النقاد العرب منهم د. أمل الجمل (مصر)، وخليل الدمون (المغرب)، وفيكي حبيب (لبنان)، ومحمد رضا (الإمارات)، وغيرهم.
يأتي إصدار المحلق الفصلي عن «السينما العربية» في وقت ندرت فيه الإصدارات السينمائية المتخصصة في العالم العربي، والتي تحتوي على مقالات ودراسات مطولة عن سينمات لها خصوصيتها أو عن قضايا سينمائية شائكة.
ويحتوي العدد الأول من «السينما العربية» على 12 باب مفردة على 144 صفحة من القطع الكبير، ويتضح تكامل الأبواب الرئيسية التي يرجى استمرار سيرورتها على نفس المنوال.
جاء الباب الأول تحت عنوان «الفيلم»، وتعرض بشكل جامع إلى أحدث أفلام المخرج الكبير محمد خان «فتاة المصنع» – الذي مثل مصر في ترشيحات الـ «أوسكار» غير النهائية ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي- حيث كتب الناقد السينمائي المصري أحمد شوقي مقالا عن الفيلم، كما نُشر في نفس الفصل حوارا مطولا وشاملا مع المخرج محمد خان أجراه الناقد السينمائي اللبناني هوفيك حبشيان.
أما محتوى الباب الثاني الذي اندرجت مادته تحت عنوان «أفلام وأقلام» فقد سرد ما خطته أقلام عدد من النقاد العرب حول أفلام «فتاة المصنع»، و«السطوح»، و«أم غايب»، و«موج».
ولم تقتصر متابعات وتحليلات العدد الأول من «السينما العربية» على الأفلام العربية فقط وصناعها. بل جاء فصلا كاملا حمل عنوان «الجوار» دراسة نقدية متميزة عن السينما الكردية كتبها الناقد إبراهيم حاج عبدي.
كما ألقى الباب السادس الذي حمل عنوان «أصوات من الخارج» الضوء على الفيلسوف والمفكر الفرنسي جان بول سارتر وعلاقته مع فن السينما، واحتوى الباب أيضا على ترجمة لنص مداخلة ألقاها المخرج الأمريكي جوزف مانكفيتش حول أيام المكارثية، وعن الدور الذي أداه وقتذاك.
اهتمت «السينما العربية» بمناقشة الانتاج السينمائي العربي، الذي كان أوج أزدهاره مع اضطلاع الدولة في دعمه، فخصصت ضمن ملف عددها الأول، والذي جاء تحت عنوان «القطاع العام في السينما العربية، ما له وما عليه» حيث كتبت فيه د. أمل الجمل عن «تجربة القطاع العام في السينما المصرية» وإنشاء المؤسسة المصرية العامة للسينما، حيث تتبعت مسارها التاريخي بتفصيل تحليلي قام بتفنيد إيجابيات التجربة وعرض ما حققته من إنجازات، وما لحق بها بعد ذلك من إخفاق، وأسبابه. كما كتب الناقد العراقي قيس سالم عن «دور القطاع العام في السينما العراقية»، وكتب أيضا الناقد السينمائي الفلسطيني بشار إبراهيم عن «تجربة القطاع العام في السينما السورية»، أما التجربة المغربية فكتب عنها الناقد خليل الدمون تحت عنوان «الدعم السينمائي الرسمي في المغرب بين الفعالية والمحدودية».
وعرضت كذلك «السينما العربية» ملفا هاما، وقامت أيضا بإثارة قضية. حيث ناقش الفصل العاشر قضية العدد التي تناولت «أسئلة المهرجانات السينمائية العربية» التي وصفت كثرة عددها بالجعجعة، وعبرت عن حالة صناع السينما العربية ومتابعيها المنتظرين طحنها.
الجرعة النقدية الدسمة التي تفتح شهية القاريء نحو المزيد من التعمق والقرب من فن السينما (نظريتة وتقنية) تبعها جرعة تعليمية متميزة من خلال البابين الأخيرين. حيث عرض الباب الحادي عشر كتاب «مدرسة الإسكندرية للتصوير السينمائي» لإبراهيم الدسوقي وسامي حلمي، قدمه الناقد اللبناني محمد رضا.
وتحدث الباب الثاني عشر عن تجربة «المدرسة العربية للسينما والتليفزيون». وجاءت الصفحة الأخيرة مضيئة بصورة الفنانة القديرة الراحلة فاتن حمامة في لقطة من فيلم «دعاء الكروان»، وداعا من أسرة اصدار «السينما العربية» لسيدة الشاشة العربية رحمها الله.
إن ميلاد إصدار سينمائي نقدي برصانة الملحق الفصلي لـ «السينما العربية»، حدث يستحق الاحتفاء به، فلطالما جاءت عشرات التوصيات من النقاد العرب في الفعاليات السينمائية المتعددة على أهمية تشجيع صدور المزيد من المجلات السينمائية النقدية بما لذلك من أثر إيجابي عام يشمل المشاهدين والمتخصصين في آن واحد.
وتهنىء «سينماتوغراف» وتعبر عن بهجتها مع جميع أفراد أسرتها، بصدور أول أعداد «السينما العربية»، وترحب بها كإصدار شقيق وعزيز نطمح في استمراره، ليضيف الي حراك السينما وصناعة الأفلام في المنطقة الكثير، ونتمنى أن ينال ثقة القاريء العربي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ «سينماتوغراف»