سينما العام 2016 في«كان»، واقعية اكثر، فانتازيا اقل
«كان» ـ هدى ابراهيم
استغرب النقاد ان تمنح جائزة الاخراج هذا العام لفيلمين معا، وردا على استفسار لـ«سينماتوغراف» من رئيس لجنة التحكيم عن ذلك، قال المخرج الاسترالي جورج ميللر، «ما العمل، لدينا الكثير من الافلام الجيدة التي تستحق الفوز وفقط ثماني جوائز. كان لا بد من ذلك».
هذه الجائزة منح نصفها للمخرج الروماني مانجيو عن شريطه «بكالوريا» وهو حامل السعفة قبل سنوات عن شريط «اربعة اشهر، ثلاثة استبيع ويومان».
اما نصفها الثني فمنح للفرنسي اساياس عن شريطه الذي اعتبره النقاد ثاني اسوأ فيلم في المهرجان، وتؤدي دور البطولة فيه الاميركية كريستنستيوارت وعنوانه «المتسوقة الشخصية personal shopper».
جائزة «كان» الكبرى
وتعتبر الجائزة الكبرى ثاني اهم جائزة من حيث الاهمية في المهرجان وكان صاحبها المخرج الكندي الشاب كزافييه دولان، حصل على جائزة أول امس، ومثلما بدا منفعلا جدا خلال تسلمها من لجنة التحكيم الكنسية، كان كذلك أمس، حيث تقطعت كلمته بالعبارات اكثر من مرة، وقال بعد نيل الجائزة : «انا كثير الانفعال، المهرجان بحد ذاته، مكان للعاطفة الجياشة واللامتوقع، اعتقد ان الفيلم تكلم عن العواطف هذه».
وكان فيلم «انها فقط نهاية العالم» المقتبس عن مسرحية فرنسية، تناول مسألة انعدام الحوار والخوف والعنف داخل اسرة طالها التفكك وعبث بها سوء الفهم، لتصبح العلاقات في داخلها مأزومة ومعقدة.
كزافييه دولان علق ايضا بان «الشيء الاساسي في الابداع ان يتم فهمك، انا اعيش سعادة حقيقية في الابداع بمشاركة الممثلين، لقد كانت الجائزة غير متوقعة لكني اثمنها».
دولان، الذي اعتبر ان النقد كان قاسيا معه اضاف: «حاولنا ايصال رسالة، بعد الاستمرار في ما افعله وما اكتبه وانتجه، مسيرتي السينمائية، عمرها فقط ست سنوات، لكن بت اعتبر السينما مهنتي. احرص على ان ابقى تلقائيا والا اتأثر بما يقوله الناس».
ويعتبر هذا المخرج الكندي من المخرجين الذين تبناهم المهرجان وهو سبق له الفوز بجائزة لجنة التحكيم عن فيلم «مومي» كما شارك في عضوية لجنة التحكيم قبل عامين في مهرجان كان.
جائزة لجنة التحكيم
وصعدت المخرجة البريطانية، اندريا ارنولد الى المنصة وهي ترقص وتقول «انا ارقص حين اكون فرحة»، جاء ذلك بعد الاعلان عن منحها جائزة لجنة التحكيم الخاصة في المهرجان عن شريطها «عسل اميركي» الذي يصور مجموعة من الشباب المهمش، الذي يستمر في الحياة، لانه يعيش ضمن مجموعة تحاول كسب عيشها وتهرب من واقعها المزري الى الموسيقى والمخدرات. اندريا ارنولد، قالت انها متشرفة جدا بالجائزة، واكدت انها ماضية على دوب السينما، «لا يجب التراجع ابدا ولا الاستسلام».
افضل تمثيل نسائي
وكانت هذه الجائزة من اصعب الجوائز التي منحت في المهرجان، فقد حضرت الادوار النسائية الهامة بزخم هذا العام في المهرجان، وبدت اكثر تعقيدا، وكانت الاحتمالات كثيرة ، خاصة في ظل ظهور اكثر من مممثلة في دور اول، غير ان لجنة التحكيم رأت ان جاكلين جوزيه، التي تؤدي دور الام في «ما روزا» للمخرج الفيليبيني برللانتي ماندوزا، هي الاجدر بهذه الجائزة. جاكلين بدت متفاجئة للغاية وهي تشرح ان الفيلم يصور واقع بلادها، ويركز الفيلم خصوصا على فساد الشرطة، وازمة عائلة في حي شعبي فقير، يخضع للابتزاز وتعم فيه الرذيلة.
آلية عمل لجنة التحكيم
ورغم معقولية الجوائز، فقد مر بعض الأفلام بجانب الجوائز دون ان يكرم، كما فيلم «طوني آردمان» للمخرجة الالمانية مارن آد، الذي حبذه النقاد ومنحوه سعفتهم، او فيلم «باتيرسون» لجيم جرموش، كما لم ينعكس الحضور النسائي المتنامي مثله في نسبة الجوائز، غير ان رئيس لجنة التحكيم الاسترالي ميللر قال: «عملنا بذكاء ووجل وجمال واحترام. ناقشنا كل الاعمال، وجلسة المناقشة استمرت طويلا، شعرنا معها بالارهاق، كان النقاش ساخنا وعاطفيا، هناك افلام كان يمكن ان نمنحها جائزة، لمزاياها ومواصفاتها، لكني احافظ على سرية الامر كما الطبيب او المحامي. حاولنا العمل بطريقة متوازنة وبذلنا ما بوسعنا. اردنا الاحتفاظ باستقلالية قرارنا ولم نطلع على ما كتبه النقاد عن هذا الفيلم او ذاك».
ورفض ميللر ان يكشف اكثر عن آلية عمل لجنته، والتزم الجميع هذا الامر.
وتعد دورة مهرجان كان السينمائي 69، دورة جيدة باكثر من مقياس وهي تتيح بشكل عام نوعا من راديوغرافيا للانتاج السينمائي العالمي اليوم، وما وصل اليه من حرفية وتطور، لكنها ظلت سينما اجتماعية في معظمها، وقد تفنن الكل في نقل تفاصيل من واقع معين وحكايات اشخاص يسكنون روح الامكنة. وبالفعل شاهدنا في سينما العام 2016، واقعية اكثر، فانتازيا اقل.