«سينماتوغراف» ـ أميرة لطفي
من خلال تجربة سينمائية جديدة للمخرج الايطالي بلولو سورنتينو، الذي حصد العام الماضي جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي وجائزة لجنة التحكيم الكبرى لمهرجان كان السينمائي الدولي عن فيلمه «الجمال العظيم»، يأتي مرة أخرى هذا العام إلي الدورة 68 لمهرجان كان السينمائي بفيلم «شباب ـ Youth» والذي عرض اليوم ضمن المسابقة الرسمية، وشارك فيه عدد كبير من أبرز نجوم التمثيل منهم البريطاني مايكل كين، والأميركي هارفي كتيل، والبريطانية راشيل وايز، والأميركية جين فوندا.
و«Youth أو شباب» كما يدل عليه العنوان، يحلل العلاقات بين الأجيال من خلال شخصيتين مشاكستين يجسدهما كل من مايكل كين (فريد) وهارفي كتيل (ميك)، اللذين يتوجهان إلى أحد الفنادق القريبة من جبال الألب في سويسرا لأخذ قسط من الراحة والعزلة. وفريد موسيقار معروف قرر التقاعد، بينما يواصل ميك عمله في السينما ويقوم بالتحضير لسيناريو جديد مع فريق من مساعديه.
وكما هي العادة في أفلام المخرج بلولو سورنتينو، فالشخصيات لها مسيرة فنية خلفها حيث إن أحدهما ملحن والآخر مخرج، ومن خلال طرح مسألة علاقة كل واحد بماضيه وبمستقبله، يستنتج المخرج بلمسة فكاهية أضافتها الشخصيتان اللتان اختارهما في طاقمه، بأن الشباب ليس لديه نفس الاهتمامات.
فكلّ شيء في الفيلم يدفع إلي الشعور بالبرود والموت، وبشكل فلسفي يناقش سورنتينو قضايا عديدة عن الوقت والإبداع وعلاقة كل إنسان بماضيه ومستقبله، ليطرح في النهاية فكرة الشيخوخه لتكون مناقضه لعنوان الفيلم «شباب»، ومن هذه المتناقضات نشاهد سينما من نوع مختلف. سينما تدعو إلى الحوار وتأخذ إلى أبعاد فلسفية تثري الصور والمضامين. ولهذا يظل سورنتينو من أبرز عناصر الجيل الجديد في السينما الإيطالية والأوروبية بشكل عام، فهو ليس مجرد مخرج سينمائي بل كاتب سيناريو يمتلك لغة شعرية عالية المستوى، ومفرداته ثرية تجعله ينتمي إلي «سينما المؤلف» بكل جمالها وبهائها ولمساتها الخاصة، لهذا يعد فيلم «شباب ـ Youth» مختلفا، ومؤكدا أولوية مهرجان «كانّ» المنتصرة دائماً لاستثناءات السينما بقوّة صورتها، وعمق ما تحمله من أفكار.