«سينماتوغراف» ـ عصام زكريا
يحذِّر الفيلم الوثائقي الجديد بعنوان “ طوارئ الأرض ” Earth Emergency الذي يشهد مشاركة النجمين جين فوندا وريتشارد جير، من العواقب التي تتسبب فيها ظاهرة الاحتباس الحراري سواء على المستوى الاقتصادي، أو البيئي والاجتماعي.
ويستعرض الفيلم التأثيرات الاقتصادية الضارة لهذه الظاهرة ومنها تقلص مساحة الأراضي الزراعية باستمرار، ما يعني نقص الغذاء، وكذلك الأضرار التي تتعرض له المزروعات بسبب الحرارة والرطوبة والتغيرات المناخية الحادة، وأيضاً الأضرار التي تتعرض لها الغابات، بالإضافة إلى تناقص أعداد الأسماك والمأكولات البحرية. وفوق ذلك انحسار بقع الماء العذب وامتداد مساحات مياه البحر المالحة.
وتطرق الفيلم إلى المخاطر التي تنتج عن تأثيرات الأعاصير التي تدمر مدناً بأكملها، والتلوث الذي يهدد صحة الناس، وفقدان الكثيرين لوظائفهم وفرص العمل بسبب هذه الأعاصير والتلوث.
ويشير العمل إلى أن المشكلة تكمن في أن مواجهة الخطر الأكبر الذي يتعرض له الكوكب يحتاج إلى التوقف عن استخدام وسائل الطاقة الضارة مثل البترول والغاز، وهو أمر شبه مستحيل اقتصادياً، إلا إذا ابتكر العلماء وسائل طاقة نظيفة ورخيصة في الوقت نفسه، وهو أمر صعب حالياً.
ويعاني كوكب الأرض الذي أصبح مريضاً، نتيجة مما يفعله البشر من تدمير للثروات والمصادر الطبيعية، ومما يطلقونه من غازات سامة تهلك الزرع والكائنات الحية، وتسببت في ظاهرة الاحتباس الحراري التي كانت احتمالاً غامضاً منذ نصف قرن مضى، ولكنها باتت الآن ظاهرة يمكن رؤيتها بالعين المجردة والإحساس بها سنوياً من التغيرات المناخية الحادة والأعاصير وحرائق الغابات وتآكل الطبقة الجليدية التي تحمي الأرض.
وكلها ظواهر أصبحت تؤثر على الاقتصاد وحياة الناس اليومية، بجانب صحتهم وحياتهم ومستقبل أبنائهم.
كل ذلك نعرفه، سمعناه وشاهدناه وقرأنا عنه، ولكن ها هو فيلم وثائقي جديد يشرح الأمور بطريقة علمية مبسطة، ويدق جرس الإنذار مرة أخرى، لينبه المشاهدين ليس فقط للمشكلة ولكن للحل الذي يتمثل في وعيهم وتحركهم للضغط على السياسيين والمسؤولين ورجال الأعمال ليتخذوا قرارات مصيرية، وأيضاً لاتباع سلوكيات وسبل حياة تخفف من حدة المرض الذي تعاني منه الأرض، وربما تعمل على شفائها أيضاً.
الفيلم بعنوان “ طوارئ الأرض ” Earth Emergency من إنتاج محطة PBS الأمريكية وإخراج وتأليف سوزان جراي.
يستضيف الفيلم اثنين من نجوم هوليوود الكبار المعروفين بنشاطاتهما من أجل حماية البيئة وهما ريتشارد جير وجين فوندا لقراءة تعليق الفيلم.
كما يستضيف عدداً من المشاهير منهم جير الدلاي لاما، والناشطة الصغيرة جريتا ثانبرج وعدداً من العلماء الذين قضوا حياتهم في رصد الظواهر الطبيعية المتعلقة بالتغيرات المناخية ودور البشر فيها على مدار نصف القرن الأخير.
أهم ما يكشف عنه الفيلم هو الدوائر الجهنمية التي بدأت تدور فيها الظاهرة، فارتفاع الحرارة لا يتوقف عند نقطة محددة ولكنه يتسبب في مزيد من ارتفاع الحرارة، والمحيطات والغابات التي كانت تختزن ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان المسؤولين يمكن أن تصبح مصدراً لبث هذين الغازين وتدمير الحياة على الكوكب إذا ظلت الدوائر الجهنمية الحالية تدور دون أن يوقفها أحد.
ويقول أحد العلماء الذين يظهرون في الفيلم إن القلق ليس على الكوكب نفسه، فالكوكب قادر على التعافي بمفرده، ولكن القلق على البشر وكل الكائنات الحية على الكوكب، لأن تعافي الأرض يمكن أن يستغرق آلاف السنين تكون مظاهر الحياة كلها قد اختفت على سطح الأرض.
من الحلول التي يطرحها الفيلم ضرورة التوقف عن استخدام الطاقة الرديئة واستبدالها بطاقة غير ضارة مثل الكهرباء، وكذلك محاولة التدخل لإنقاذ الغابات بإطفاء الحرائق وعدم اقتلاع الأشجار وبناء غابات جديدة تحيط بالأرض والتوقف عن الإضرار بحياة النبات في أعماق المحيطات.
وينتهي الفيلم ببعض التحركات الشعبية الصغيرة التي بدأت تنطلق في بعض البلاد لحث المسؤولين على اتخاذ قرارات وإصدار قوانين طارئة تحمي الكوكب، ويطالب بالمزيد من هذه التحركات باعتبارها السبيل الأخير المتاح.