عبد الحليم حافظ.. ممثل السينما الذي ظلمه عندليب الطرب

«سينماتوغراف» ـ انتصار دردير

هل طغت موهبته كمطرب على حضوره كممثل، سؤال لايزال مطروحاً برغم رحيله، فخلال 16 فيلماً لعب بطولتها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، مؤسساً تياراً سينمائياً فى الأفلام الغنائية الرومانسية، حققت نجاحاً كبيراً، استطاع أن يحتل مكانة كبيرة كنجم سينمائى، وأن يحظى باعجاب الجماهير التى وجدت فيه ممثلاً يشبههم، لكن انشغاله بالغناء والحفلات والسفر ثم المرض الذي أضعف من حضوره السينمائى برغم حبه للتمثيل واعترافه بأنه كان أحد أحلامه أن يكون ممثلا، بل إنه سعى قبل مرضه الأخير ليثبت موهبته كممثل بعيدا عن الغناء فاختار قصة الكاتب الكبير مصطفى أمين «لا» ليقدمها فى فيلم من اخراج الجزائرى أحمد راشدى، وقد جمعتهما جلسات عمل مطولة، اتفقا خلالها على الخطوط العريضة للفيلم الذى كان حليم متحمسا له بشدة، برغم نصيحة بعض أصدقائه له بأن الجمهور أحب عبد الحليم المطرب أولا، واعتاد أن يجد أغنياته فى أفلامه، لكن القدر لم يمهله لهذه التجربة ورحل قبل أن يحققها.

لحن الوفاء

لاشك أن الحظ لعب دورا كبيرا فى حياة الممثل عبد الحليم حافظ، حينما تعرف عليه الجمهور لأول مرة على الشاشة الكبيرة من خلال أربعة أفلام عرضت خلال عام واحد، اذ شهد عام 1955 مولده كممثل، وجاءت ضربة البداية من خلال المخرج حلمى حليم الذى اختاره ليلعب دور الصديق الثالث لعمر الشريف وأحمد رمزى فى فيلم «أيامنا الحلوة» أمام فاتن حمامة، فى الوقت الذى اختاره المخرج ابراهيم عمارة ليلعب دور البطولة أمام شادية فى فيلم «لحن الوفاء»، ورغم ذلك جاء عرض الفيلم الثانى أولا فى 7 مارس 1955وبعدها بأيام عرض «أيامنا الحلوة»، وجاء تزامنهما معا فى توقيت متقارب ليعلن ميلاد الممثل عبد الحليم حافظ الذى اتسم أداؤه بمساحة كبيرة من البساطة والتلقائية والصدق، وكان نجاح الفيلمين دافعا للمخرجين والمنتجين للاستعانة به فى أفلامهم، وبعد شهور وتحديدا فى أكتوبر من نفس العام عرض ثالث أفلامه «ليالى الحب» بتوقيع المخرج المنتج حلمى رفلة، وبطولة آمال فريد وسراج منير وعبد السلام النابلسى، وقبل أن ينتهى العام وفى 12 ديسمبر كان أفيشات فيلمه «أيام وليالى» تغطى واجهات سينما ميامى بوسط القاهرة وهو الفيلم الذى كتبه يوسف جوهر مع المخرج هنرى بركات وانفرد جوهر بكتابة الحوار ولم ينته العام الا وكان حليم قد ثبت أكد وجوده كبطل سينمائى.

ايامنا الحلوه

استندت أدوار عبد الحليم فى أفلامه الأولى لأداء شخصية الشاب الطيب والفقير الذى يحلم بفرصة لاظهار موهبته، لكنه أراد التمرد على هذه الأدوار بمساعدة مخرجين كبار رأوا فيه شيئا مختلفا فقدمه المخرج هنرى بركات فى شخصية الشاب المستهتر الذى يجد نفسه فى مواجهة حب حقيقى بعد حياة عابثة وذلك فى فيلم «موعد غرام» أمام فاتن حمامة وعماد حمدى وزهرة العلا 1956، ثم قدمه بشكل آخر فى «بنات اليوم» أمام ماجدة وأمال فريد واحمد رمزى، ومع صلاح أبوسيف اختلف أداؤه وصار أكثر ثقة فى قدراته كممثل فى «الوسادة الخالية» 1957 المأخوذ عن رواية لاحسان عبد القدوس وشاركه البطولة لبنى عبد العزيز وزهرة العلا وعمر الحريرى، وحقق الفيلم نجاحا جماهيريا ونقديا كبيرا، وقدم مع نهاية الخمسينيات فيلمى «فتى أحلامى» اخراج حلمى رفلة وبطولة منى بدر وعبد السلام النابلسى ولم يحقق الفيلم نجاحا مثلما حققه فيلم «شارع الحب» للمخرج عز الدين ذو الفقار عن قصة وحوار ليوسف السباعى وبطولة صباح وحسين رياض ونبيلة سنبل وحسن فايق.

الوسادة الخالية

«يوم من عمرى، الخطايا، معبودة الجماهير، أبى فوق الشجرة»، أربعة أفلام اختتم بها عبد الحليم مشواره كممثل، وكان لها الحظ الأكبر من النجاح الجماهيرى، وجاءت بتوقيع مخرجين كبار شكلوا علامة مهمة فى مسيرته كممثل، ففي فيلم «يوم من عمري» للمخرج عاطف سالم، ابتعد عبد الحليم عن شخصية المطرب، وقدم شخصية صحفي يبحث عن فرصة للنجاح، ويجدها في حكاية ابنة مليونير تهرب من عريسها في المطار، وتلجأ إلي الصحفي من دون أن تعرف شخصيته، وتقضي معه يوما من أجمل أيام عمرها وعمره، وعندما يقدم موضوعه الصحفي مدعما بصور نادرة، التقطت لهما في أماكن متفرقة، يكتشف أنه قد وقع في حبها، وأنه بنشر الموضوع سوف يسيء إلي سمعتها، فيتحايل لسحبه قبل طباعته، وشاركه في بطولة هذا الفيلم زبيدة ثروت، وعبدالسلام النابلسي، ورغم كونه مقتبساً من الفيلم الأمريكي «إجازة في روما»، لجريجوري بيك، وأودري هيبورن، إلا أنه لايقل عنه جمالاً ونجاحاً، وفي فيلم «الخطايا» مع المخرج حسن الامام أكد عبدالحليم كذلك قدراته كممثل، وطور من نفسه كثيرا، وقدم أداء بالفعل لافتا للانظار أمام زملائه من الممثلين المحترفين عماد حمدي، ومديحة يسري وفاخر فاخر وحسن يوسف ونادية لطفي، ونجح الفيلم نجاحًا قويًا، وفي فيلمه «معبودة الجماهير» مع المخرج حلمي رفلة، شارك عبد الحليم الفنانه شادية بطولته، وكان تجربه صعبه حيث استمر في تمثيله أكثر من أربع سنوات بسبب النزيف الذي كان يحصل له وكان يسافر إلى لندن ما بين فترة وأخرى، وكان  بالفعل من أروع ما قدم العندليب تمثيلا.

الخطايا

وطبعا في حياة عبدالحليم حافظ أفلام أخرى متواضعة النجاح مثل «فتي أحلامي، ودليلة، وبنات اليوم، والبنات والصيف» وهي أفلام لم ينقذها إلا وجوده ونجوميته بالإضافة للأغنيات الرائعة التي قدمها، ولكن يظل أهم أفلامه وأنجحها تجاريا بالإضافة لكونه آخرها «أبي فوق الشجرة» الذي استمر عرضه لمدة عام، ونجح فيه كممثل، وضرب فيه كل الاشكال المتعارف عليها لتقديم المطرب سينمائيا، حيث ظهر بشورت وقدم رقصات استعراضيه علي شاطيء البحر، وهو ما لم تكن السينما المصرية قد اعتادته، والغريب أن مطربا آخر بعد عبدالحليم لم يجرؤ علي تقديم ذلك النوع من الاستعراضات وأيضا الآداء التمثيلي.

ابي فوق الشجرة

وفي حياة عبدالحليم حافظ أيضا كممثل، مسلسل إذاعي واحد هو «أرجوك لا تفهمني بسرعة» تأليف محمود عوض، وشاركه البطولة نجلاء فتحي وعادل إمام. وكان عبدالحليم قد كون في الخمسينيات شركة إنتاج سينمائي مع كل من محمد عبدالوهاب ومدير التصوير وحيد فريد، لكنها قدمت أفلاما لآخرين ولم تدعم مسيرته كممثل.

ومن ثم فإن قيمة عبد الحليم حافظ الفنية عندما نتحدث عنه او نتناوله بالبحث والدراسه، يجب ألا تركز عليه فقط كمطرب، بل يجب أن لا نغفل أو ننسى قيمته كنجم سينما أيضا يملك كل مفردات الممثل الناجح.

أربع سنوات تمثيل أمام شادية في فيلم معبودة الجماهير
مع زبيدة ثروت في يوم من عمري
بطل امام نادية لطفي
Exit mobile version