أخطط لمقر ثابت للمهرجان 7 نجوم وسينماتيك من جميع أنحاء العالم
حاوره: أسامة عسل
اعتاد عبد الحميد جمعة رئيس مهرجان دبي السينمائي طوال الأعوام السابقة أن يجيب على أسئلة الإعلام حول فعاليات كل دورة، ولكنه قرر في حواره الخاص جدا مع «سينماتوغراف» أن يعكس الأمر ويجلس هو في مقعد الصحافة ليسأل وتجيب هي من موقعه على أسئلته، فهل استطاع أن ينجح في طرح مايريد ويأتي بالجديد؟، وكيف تحولت الإجابات إلي مزيد من التساؤلات التي اضطر أمامها أن يترك في كثير من الأحيان مقعد المحاور ليبوح بمخزون تجربة رحلته الماضية، ويعترف بأسرار وتفاصيل جديدة يستعد لها المهرجان خلال السنوات المقبلة؟.
ومابين سجال السؤال والجواب، والمعلومات المتدفقة من كليهما، نترك القاريء يرصد ويراقب اللقاء التالي:
تقمص عبد الحميد جمعة دور الصحافي وقال سائلا، من خلال متابعتك للدورات السابقة ماهي الأشياء الثلاثة التي كنت ستهتم بها أكثر، وتعتبرها من الأمور التي كانت تحتاج إلي تركيز أفضل خلال السنوات الماضية؟.
تعمدت أن تكون إجابتي كشف حساب للمهرجان وأجبت قائلا: كنتم تحتاجون مع كل دورة المواظبة على الجانب التثقيفي والتوثيقي من خلال إصدارات سينمائية متخصصة تميزه، لأن كل الفعاليات تنتهي ويبقى فقط في الذاكرة التوثيق، وهي خطوه حاول المهرجان يخطو إليها في اعوامه السابقة لكنه إما يطرح القليل منها أو يمنع بشكل صريح عن الأستمرار في هذا الاتجاه، وهناك جوانب متعددة كان في الامكان أن يرافقها عدد من الاصدارات مثل رصد سيرة ومسيرة المكرمين في جائزة انجاز الفنانين، أو القضايا والاشكاليات التي تخص السينما والتي طرحها المهرجان في ندواته وورشه الفنية.
اعتدل «جمعة» في جلسته وكأن الاجابة باغتته، واعطى اهتماما اكبر ولهفة لمعرفة المزيد وهو يقول: وماذا أيضا؟
استمر استرسالي في الاجابة وأنا أحولها لأسئلة: من الضروري أن يكون هناك دعاية وترويج أكثر لـ«سوق دبي السينمائي»، لأنه عندما يبدأ نشاطه يرتبط فقط بصناع السينما، ويسقط من دائرة اهتمام وسائل الاعلام ولا يعرف أحد ما الذي تم فيه من صفقات أو بيع وشراء ودعم للأفلام، وهناك أيضا علامات استفهام حول الغاء مثلا مسابقة «المهر الأسيو أفريقي» رغم أنها كانت تسلط الضوء على اماكن مهمه في صناعه السينما وكان فيها تطور كبير ملموس وأفلام متميزة وصناع سينما على مستوى عالي.
في جدية صارمة قال «جمعة»: أعتقد أن ما استعرضته هي نقاط مهمة وجميلة وتحتاج كذلك إلي تعقيب سريع، فبالنسبة للاصدارات أنا مؤمن بأن من دور المهرجانات السينمائية اصدار كتب متخصصة أو ترجمة بعضها عن اصدارات اجنبية وتساعد كل من هو على الساحة المحلية والعربية خصوصا أن يتعلم ويستفيد منها، وكان من الصعب في السنوات الأولى أن يكون لمهرجان دبي هذه الخصوصية، والتي ستكون بلاشك محل اهتمام في السنوات المقبلة، وإن كنا بين الحين والآخر نحاول تقديم كتاب أو اثنين، وأعتقد أن تلك المحاولات تضيع للأسف وسط زخم تفاصيل كثيرة، أما بالنسبة لسوق دبي السينمائي فاعتبره مجازفه لأننا أقمناه في الوقت الذي تبعد فيه المهرجانات الأخرى عن رعايته والاهتمام به، واتينا خلاله بشيء جديد لم يسبقنا إليه احد وهو تحويله إلي سوق رقمي، ولازالت مهرجانات مثل «برلين وكان» تعتمد على الصيغة القديمة في العرض والاستندات، ويختلف فقط مهرجان «فينسيا» الذي يستخدم نفس طريقتنا بعد أن أخذوا منا المدير الذي كان يعمل لدينا، وأرى أن عدم الاهتمام به يقع على عاتق الصحافة التي ترى أن ما يحدث خلاله لايهم قرائها، رغم أن هناك فئة كبيرة تهتم به وخصوصا شريحه من يعملون في مجال صناعة الأفلام، أما بالنسبة لمسابقة «المهر الأسيو أفريقي» فأنا مرتاح لوجهة نظرك وكنت أريد لها الاستمرار، لكننا ركزنا اهتمامنا على «المهر العربي» وأريدها طاغية على كل شيء حتى الفيلم العالمي وهذا هو دور المهرجان لكونه في دولة عربية، ولذلك لا ترى أن هناك «مسابقة للفيلم الأجنبي العالمي» وإن كنا نخطط لها منذ أعوام وفي السنوات المقبلة ستكون اضافة لمهرجان دبي السينمائي تحت مسمى «المهر العربي للأفلام العالمية».
استعاد «جمعة» مرة أخرى موقعه كصحافي، وسئل من عام 2004 إلي عام 2016، هل تعتقد بالفعل أن مهرجان دبي السينمائي ساهم في تطوير واستحداث ومساعدة الفيلم العربي والسينما العربية؟.
أجبت قائلا: ساهمت بلاشك مسابقة «المهر العربي» في عمل حراك لانتاج الأفلام العربية، حتى وصل الأمر إلي أن بعض صناع السينما يسعون إلي منصة مهرجان دبي لعرض أفلامهم وبعضها يقدمها في عرض عالمي أول، ونجحتم أيضا في ايجاد «صندوق انجاز» لدعم الأفلام ماميز حصولكم على أعمال تصنع تحت عباءتكم، وهناك «ملتقى دبي السينمائي» من خلال سوق دبي السينمائي والذي يهتم بالفيلم العربي تحت شعار «من السيناريو إلي الشاشة» ويقدم دعما واضحا وملموسا في كافة مراحل صناعة الفيلم سواء عن طريقكم أو جهات انتاج أخرى، وعبر سنوات قليلة أصبح للمهرجان علامة واضحه مصاحبة للعديد من تيترات الأفلام، والمهرجان غير منغلق على سينما عربية معينة بل هناك انفتاح من المحيط إلي الخليج ساهم في دفع السينما العربية للامام، ويكفي المهرجان وقفته القوية لدعم السينما الاماراتية خصوصا والخليجية عموما.
وبابتسامة رضا قاطعني «جمعة» قائلا: سأكون صريحا معك لم أكن أجاوب بأفضل مما قلت عن دور المهرجان للسينما العربية، وهذا يجعلني أطالب بتبديل المواقع لأعود إلي منصبي وأجاوب عن دور مهرجان دبي مع السينما الامارتية، والذي أراه منصه مهمة سلطت الضوء على نشاط وحالة حراك صناعة الأفلام الاماراتية، واستطعنا في دورة للمهرجان أن نقدم مثلا في افتتاح الليالي العربية فيلم «دار الحي» للمخرج الاماراتي علي مصطفى، والذي سنعرض له في دورة هذا العام فيلم جديد بعنوان «المختارون» واعتقد أن الأمر يحتاج إلي عدد من السنوات المقبلة حتى تدور عجلة الصناعة ويمكن أن نصنع بعدها عددا أكبر من الأفلام الطويلة، وأنا سعيد جدا في كل عام أن تعود أسماء اماراتية بدأت معنا منذ الدورة الأولى للابداع وصناعة الأفلام مثل علي مصطفى ونايلة الخاجه ونجوم الغانم.
وانتهز فرصة عودة عبد الحميد جمعه لموقعة كرئيس لمهرجان دبي السينمائي في هذا الحوار، وأسأل توقفت فيما طرحته أنت حول رصيد السنوات الماضية، ولكني اطالبك بالحديث عن الأعوام المقبلة، كيف تفكر فيها وتخطط لها؟.
فتح «جمعة» أدراج مكتبه ثم أخرج كتالوج كبير الحجم، يحتوي على رسومات ومخطوطات وقال: هذا مشروع متطور بدرجة 7 نجوم ودراسة متكاملة وجاهزة بالأرقام والإحصاءات، وهي لحلم اشتغلت عليه ليكون لمهرجان دبي السينمائي مقر ومكان ثابت عبارة عن فندق فخم ومطاعم وصالات للسينما ومتحف ومكتبة وسينماتيك للأفلام من جميع أنحاء العالم وقاعات للندوات والمؤتمرات الصحافية والورش الفنية، وهذا الحلم وتلك الفكرة اذا تحققت يستطيع المهرجان بعد 3 سنوات من تنفيذها الاستغناء كاملا عن دعم حكومة دبي والاعتماد على نفسه في التمويل، طبعا بخلاف الرعاة الذين يشاركون معنا هذا الحدث سنويا.