«عشان خارجين».. نجاح لكوميديا المخرج والمؤلف

 «سينماتوغراف» ـ محمد جابر

خلال العقدين الأخيرين في تاريخ السينما المصرية، وبعد ثورة الأفلام الكوميدية التي قادها كوميديون من أمثال محمد هنيدي وعلاء ولي الدين، والتي فتحت الباب لأجيال من “المضحكين الجدد”، أصبحت أغلب الأفلام مرتبطة بأبطالها ونجومها، وتوارى نسبيّاً دور المؤلف والمخرج إلا في استثناءات قليلة ونادرة. أصبح هناك “فيلم مكي” أو “فيلم حلمي”، يرتفع المستوى أحياناً أو يقل، ولكن في النهاية، ما يحرك الفيلم، ويدفع الجمهور لمشاهدته، هو نجمه على الأغلب.

 قبل أن تبدأ تلك المعادلة في التغيّر خلال السنوات الأخيرة. وتراجعت نسبياً “سينما النجم”، وصار يشارك في الأفلام أحياناً ممثلو الصف الثاني الذين خلقوا مؤخّراً نجاحاً لأفلام مثل “كابتن مصر” أو “جحيم في الهند”. ويساهِم أيضاً مقدار الجدية والتعامل الخاص من قبل المخرج والمؤلف في نجاح الفيلم، حتى لو لم يحمل نجوماً بالمعنى الدارج.

من الفئة الأخيرة، لمَع بشدّة خلال العامين الأخيرين المخرج، خالد الحلفاوي، الذي قدّم ثلاثة أفلام دون نجوم مكرسين. وقد حققت الأفلام الثلاثة نجاحات ملفتة. كان الفيلم الثاني بعنوان “كدبة كل يوم”، والذي عرض في يناير/ كانون الثاني عام 2016. أمّا الفيلمان الأول والثالث فهما الأهم، “زنقة الستات” عام 2015، وفيلم “عشان خارجين” الذي يعرض حالياً في دور العرض. وتعاون الحلفاوي في الفيلمين مع الثنائي حسن الرداد وإيمي سمير غانم كأبطال، ومع مؤلفَيْن مختلفين لديهم أفكار كوميدية طازجة ومختلفة.

في الفيلم الجديد، يؤكِّد الحلفاوي مرّة أخرى أنّه البطل الأساسي للأفلام الثلاثة. يساعده القبول الجماهيري لرداد وإيمي كثنائي ناجح. ولكن لم يكن لكل منها أن يظهرا في تلك الحالة من التفاهم واستخدام طاقاتهم الكوميدية اللافتة، إلا في حضرة الحلفاوي. يتناول فيلم “عشان خارجين” حكاية كلاسيكية عن شاب وفتاة يتورّطان سوياً ليومين. ويمنح السيناريو تلك البذرة تفاصيلاً مبتكرة ومختلفة، لأن هذا التورط له علاقة بحقيبة تحتوي على مليون جنيه يتركها لهم رجل غريب. ويبدأ في مطاردتهم واللحاق بهم حفنة من الشخصيات و”الكاركترات” الغريبة طوال الأحداث.

ولكن القصة، في الفيلم الكوميدي تحديداً، ليست هي الأهم. هنالك شيء إيجابي في لجوء الفيلم لقصة كلاسيكية، إذ أنّ ما يصنَع تميّزه الحقيقي، هو قدرته على خلق الضحك، وعلى الإيقاع المميّز الذي يحافظ عليه طوال أحداثه، والكيفية التي يورط بها الشخصيات داخل المواقف، ويتحكّم أو يقود ردود أفعالها، وكيف يصبح الفيلم متماسكاً جداً على الرغم من أنه، في جزء منه، يصبح تتابعاً من الورطات التي يجد الأبطال أنفسهم داخلها. يثبت الحلفاوي بالفعل، وفي ثالث فيلم له على التوالي، بأنّه واحد من أهم مخرجي الكوميديا في مصر في تلك اللحظة. وإذا استمر على نفس المنوال، فإن أفلامه القادمة ستكون أفضل كثيراً.

ويؤكِّد كلّ من حسن الرداد وإيمي سمير غانم، أن شراكتهما الفنيّة ناجحة، وبأنّهما يمتلكان قبولاً جماهيرياً، قد يجعلهما ثنائيّاً يعيدان الشراكات القديمة التقليدية بين ممثّل وممثّلة في السينما المصرية.

يمتلك الردّاد قدراً كبيراً من الخفة والقابلية للتجريب والتعامل مع الدور كما يحتاج، وليس كما يمكن أن يصدره كنجم أو كبطل وسيم، وهو يستفيد من ذلك في كل أدواره إلى أبعد درجة. في المقابل، فإن إيمي سمير غانم، ورغم أنها لا تتطور كثيراً، وربما يكون من الخطر أن تستمر على نفس الأدوات والأداءات الكوميدية التي ميزتها، إلا أن مقدار القبول والتلقائية الكبيرة التي تتميز بهما يدفعان أعمالها للأمام. ويستفيد الفيلم، كأفلام الحلفاوي السابقة، من إمكانيات الممثّلين في الأدوار المساعدة أو الصغيرة. وفي هذا الفيلم، هناك حضورٌ ملفتٌ لمراد مكرم وضياء الميرغني وطاهر أبو ليلة، وبالطبع الممثل، بيومي فؤاد، الذي لايزال محتفظاً بقدرة عظيمة على الإضحاك، رغم استنزاف موهبته في عدد كبير من الأفلام والمسلسلات.

Exit mobile version