دبي ـ «سينماتوغراف»
يعود فيلم (على كف عفريت) للمخرجة التونسية كوثر بن هنية إلى واقعة حقيقة حدثت عام 2012 تعرضت خلالها فتاة جامعية للاغتصاب على يد عناصر من الشرطة ليستند إليها في إطلاق العنان للكثير من القضايا التي كان مسكوتا عنها في عهود سابقة وأصبحت الآن مجسدة على شاشة السينما.
يتناول الفيلم قصة الفتاة مريم التي تدرس بالجامعة في تونس العاصمة وتذهب إلى حفل مع أصدقائها وتعجب بشاب تراه لأول مرة هناك، ولم يكادا يتعرفان ويخرجان معا من الفندق للسير على الشاطئ حتى يستوقفهما ثلاثة أفراد شرطة، يذهب أحدهم مع الشاب إلى ماكينة الصرافة بعد أن ابتزه ماليا بينما يتناوب الآخران اغتصاب الفتاة.
وعلى مدى 100 دقيقة يجسد الفيلم مأساة الفتاة التي تريد أن تشكو وتنتزع حقها ممن اغتصبوها بينما الجهة التي يفترض أن تتلقى الشكوى وتحركها نحو القضاء هي ذاتها الخصم.
وتدور الأحداث جميعها في ليلة واحدة بين أقسام الشرطة والمستشفيات، ويعرض الفيلم بكل جرأة لممارسات مشينة من بعض رجال الشرطة ضد المواطنين كانت تمارس قبل سقوط نظام زين العابدين بن علي واستمر بعضها بعد الثورة التونسية في 2011.
الفيلم هو أول بطولة للممثلة مريم الفرجاني التي لم تشارك من قبل سوى في فيلم قصير وبعض الأدوار الصغيرة بأفلام أخرى، وسبق عرضه ضمن برنامج (نظرة خاصة) بمهرجان كان السينمائي في دورته السبعين قبل أن يعرض يوم الخميس في الدورة الرابعة عشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي ضمن برنامج (ليال عربية).
وقالت بطلة (على كف عفريت) في جلسة نقاش على هامش فعاليات مهرجان دبي السينمائي إنها لم تقابل الضحية الحقيقة لقصة الفيلم قبل التصوير واعتمدت فقط على قراءة تفاصيل الحادث وكذلك الكتاب الذي ألفته الفتاة لاحقا عن الواقعة.
وقالت ”المخرجة قدمت القضية بقليل من التصرف وتحررت قليلا من الواقع لذلك حاولت الاجتهاد قدر الإمكان، وعندما كانت لدي بعض الأسئلة التي أريد توجهيها إليها لم أرها وأرسلت ما أريد الاستفسار عنه إلى المخرجة وهي التي قابلتها وعادت لي بالأجوبة“.
وأضافت ”قابلتها بعد عرض الفيلم، وكنت متشوقة لذلك، رأيها عندي كان أهم رأي.. شكرتني كثيرا وكانت هذه بالنسبة أفضل جائزة حصلت عليها“.
واستغرق إعداد الفيلم أربعة أشهر فيما استغرق التصوير خمسة أسابيع فقط وحصل على دعم من وزارة الثقافة التونسية لإنتاجه.
وقالت مريم الفرجاني ”أفضل شيء أن هذا الفيلم لم يكن ليخرج للنور وقت بن علي ولا يمكن أن يعرف الناس بحدوث مثل هذه الحكاية في عهده لكن اليوم الفيلم مدعوم من الدولة“.
وأشارت إلى أنه بينما كانت الشخصية صعبة ومجهدة نفسيا لها جاءت طريقة التصوير التي اتبعتها المخرجة بالاعتماد على اللقطات الطويلة دون قطع لتزيد الأمور صعوبة. والفيلم مقسم إلى تسعة مشاهد فقط.
وقالت ”التصوير بهذه الطريقة بالتأكيد متعب للغاية لأن الممثل ممنوع من الخطأ أو الإعادة للتجويد فهو ليس بمفرده في المشهد والإعادة معناها أن الجميع سيضطر لتكرار المشهد من البداية“.
وأضافت ”بعض المشاهد صورناها 30 مرة وهناك مشهد صورناه 53 مرة بينما لا يستغرق على الشاشة أكثر من 20 دقيقة وهو من أعنف المشاهد بالفيلم لذلك أرهقنا كثيرا“.
ورغم عدم وجود الفيلم بأي من المسابقات الرسمية لمهرجان دبي السينمائي الدولي فهو ينافس على جائزة الجمهور التي تعتمد على تصويت المشاهدين ويتم إعلان نتيجتها في ختام المهرجان.