الإسماعيلية ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير
رغم أن الموت غيب الناقد السينمائي الكبير علي أبو شادي قبل وقت قليل من تكريمه بمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة، إلا أن ندوة تكريمه بالمهرجان أكدت مكانته في قلوب السينمائيين والنقاد من مختلف الأجيال فبقي الحاضر الغائب بينهم.
وفي ندوة تكريمه التي عقدت مساء أمس بالمهرجان تباري الحضور جميعاً في الحديث عنه والإشادة به كمسئول في كثير من المواقع السينمائية والثقافية التي شغلها كما تحدثوا عن صفاته الإنسانية من خلال مواقف عديدة جمعتهم.
وأكد د. خالد عبد الجليل رئيس المركز القومي للسينما أنه عند الإعداد للدورة العشرين لمهرجان الإسماعيلية لم يختلف هو ورئيس المهرجان عصام زكريا عن اختيار علي أبو شادي، وأنه أخبره بذلك فأبدي ترحيبه بذلك وطلب منه اختيار الناقد الذي يتولي الكتاب ليكون وثيقة علي مشواره وتم تنفيذ الكتاب وراجعها أبو شادي قبل رحيله.
وأكد عصام زكريا، رئيس مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة، أن الناقد الراحل علي أبو شادي كان شخصية مؤثرة في حياته، وقال: أول مرة أنشر مقالاً في حياتي كانت في مجلة الثقافة الجديدة وقتما كان على أبو شادي رئيس تحريرها، وكانت المجلة تنشر مقالات لكبار النقاد، وبمجرد ما أعطيته المقال نشره فوراً، وهذا كان دأبه، فدائماً ما يساعد الكثيرين ويدعمهم، وكان يحب أن يكون هناك وجوه جديدة على الساحة.
وأضاف عصام زكريا موضحاً أن المهرجان توقف خمس سنوات قبل أن يعود مرة أخرى على يد على أبو شادي، مؤكداً أنه يعتبر هذه البداية الحقيقة للمهرجان.
وأضاف: من الدورة الأولى التي تولاها على أبو شادي كنت مشاركاً في تحرير الكتالوج، ومن وقتها ومهرجان الإسماعيلية جزء من تكويني وجزء من ثقافتي.
وأنهي رئيس المهرجان حديثه موضحاً أن على أبو شادي تولى مناصب كثيرة، منها رئاسة الرقابة على المصنفات الفنية، مؤكداً أنه تولى زمام الأمور في فترة عصيبة وبها أزمات، واستطاع أن يتجاوزها لصالح الفن والإبداع، ولكنه في نفس الوقت رجل دولة، واستطاع أن يوزان بين الجانبين.
وتحدث الناقد أسامة عبد الفتاح مؤكداً أن تكريم الناقد على أبو شادي ليس مجرد تكريم شخص أو ناقد أو رجل دولة، بل هو تكريم لجيل كامل، وهو الجيل الذي ولد بعد الحرب العالمية الثانية وتشكل وعيه في الستينيات، قائلاً: يمكننا أن نعتبر على أبو شادي ابن التجربة الناصرية، وهو ما يتضح من الكتاب، حيث كان من المعجبين بعبد الناصر وصدم من نكسة 1967 ككل أبناء جيله في تلك الفترة.
وأضاف: على أبو شادي بالنسبة لنا كان بمثابة أب، لجيلنا ولأجيال أخرى، وكان صديقاً لوالدي وأنا أعتبره والدي الثاني، وكنا نختلف كثيراً وهذا طبيعي، ولكن هذا لم يغير من حبنا له، فطوال الوقت كان على أبو شادي رجلاً مهذباً وخلوقا جداً، لم أره قط في حياتي عالي الصوت أو فظاً أو متجاوزاً.
وأوضح أسامة عبد الفتاح أنه كان هناك العديد من العلامات في حياة على ابو شادي منها الناقد فتحي فرج الذي أدخله لعالم النقد السينمائي، موضحاً أن أبو شادي يدين لوظيفته في وزارة المالية بفضل تعريفه على فتحي فرج، وكذلك سمير فريد صديق عمره الذي أدخله عالم المهرجانات السينمائية، فأول مهرجان سافر له كان بترشيح من سمير فريد عام 1980 وكان مهرجان فلسطين ببغداد، وكذلك علاقته بكل من هاشم النحاس وكمال رمزي.
وتباري الحضور من النقاد والسينمائيين في الحديث عنه فقال د. محمود عبد السميع رئيس جمعية الفيلم أن أبو شادي كان عضواً مؤسساً بجماعة السينما الجديدة وهو في العشرينات من عمره، كما أكد أنه أخبره برغبته في تكريمه بدورة جمعية الفيلم فاعتذر لأن مهرجان الاسماعيلية سيكرمه في نفس العام فاتفق علي أن يرأس لجنة تحكيم الدورة الاخيرة من مهرجان جمعية الفيلم التي قررت إهداء دورة المهرجان القادمة في ٢٠١٩ لاسمه.
وأشاد الناقد الأردني ناجح حسن بمواقف أبو شادي الذي التقاه في مهرجان الإسماعيلية لأول مرة وجمعتهما صداقة، وقال انتشال التميمي مدير مهرجان الجونة السينمائي أنه أمر محزن التحدث عن علي أبوشادي بصيغة كان فقد تحدثت معه قبل أسبوع من وفاته واكتشفت فيه دوماً جانباً إنسانياً فهو من القلائل الذين تولوا مناصب عديدة ومع ذلك ظل علي علاقة وثيقة بالجميع.
وقال الناقد أحمد شوقي نائب المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي أنه لا يصدق حتي اللحظة أن علي أبوشادي لم يعد موجوداً بينناً وحكي عن بداية تعارفهما وكيف تعامل معه الراحل، مؤكداً أنه كان شخصاً خارقاً في ذكائه الاجتماعي وفي تعامله مع كل الأزمات وأن ما يبقي هو إنسانيته الشديدة.
وذكرت الكاتبة د. عزة كامل تعاونه الكبير معها حين طلبت منه عمل نادي سينما بمنطقة عين الصيرة ضمن حملة تقوم بها لمحو أمية النساء، وكيف ساعدها بالأجهزة والأفلام ورشح لها بعض السينمائيات لتقديم ندوات للنساء فنجح مشروعها نجاحاً كبيراً بدعمه.
وتحدث الصحفي أيمن الحكيم عن أول حوار أجراه معه وتسبب في رفع قضية ضده، فذهب يعتذر له عن ذلك فقال له بالعكس أنني أشكرك لأنك أثبت أن موقفي صحيح في مواجهة التطرف.
وقال الناقد طارق الشناوي أن سيرة الراحل أطول من عمره وأنه برغم حدوث تراشق بينهما إلا أن لقاءتهما كانت تتسم بروح الدعابة، مؤكداً أن علي أبو شادي رجل دولة من الطراز الأول.
وأكدت الناقدة ماجدة موريس أن الراحل أدرك قيمة الثقافة وأخرجها من براثن السياسة. فيما أكد المخرج الكبير هاشم النحاس أن أبو شادي ليس مجرد إنسان بل مجموعة قيم يجب أن نحميها ونحافظ عليها مشيداً بقدرته علي تخطي الأزمات.