«سينماتوغراف» ـ صلاح سرميني
في وثيقة تسجيلية عن فيلم “رجل، وامرأة”، يقول “كلود لولوش”:
استغرقت كتابة الفيلم شهراً، أو شهراً ونصف، وشهراً للتحضير، وتمّ تصويره في ثلاثة أسابيع، وأنجزنا عمليات المونتاج في ثلاثة أسابيع أيضاً، لقد صورت الفيلم بكاميرا محمولة على الكتف، وبإمكانياتٍ بسيطة، أما تفسير استخدام الأبيض، والأسود، والألوان، فقد كان من المفترض أن نصوره بالأبيض والأسود من أجل تقليل التكاليف، ولكن بعد أن عرض علي أحد المنتجين مبلغاً من المال (50000 دولار) اشترط أن أصوره بالألوان، وهكذا صورنا المشاهد الخارجية بالأبيض، والأسود، والداخلية بالألوان، وأضفى ذلك على الفيلم أسلوباً خاصاً لم يكن في الحسبان، وهذا ما حدث أيضاً بالصدفة عندما صورنا لقطاتٍ عامة لتفادي صوت الكاميرا في حالة تشغيلها، فكانت النتيجة صورة شاعرية.
من جهةٍ أخرى، سمح نجاح الفيلم بتعويض الخسارة التي تعرض لها فيلمي السابق “اللحظات الرائعة” وأنقذ شركتي من الإفلاس، وحصد أرباحاً كبيرة، وهذا ما سمح لي لاحقاً العمل بحرية كاملة، وانجاز الأفلام التي أريدها.
بالنسبة للموسيقى، فقد تمّ تسجيلها قبل تصوير الفيلم، وكان الممثلون يسمعونها خلال التصوير من أجل شحنهم بالانفعالات اللازمة للمشهد.
وعن إدارته للممثلين، يقول:
من الخطأ أن يقرأ الممثلون السيناريو قبل التصوير، هذه الحالة تعني بالنسبة لي، وكأنني أقرأ سيناريو حياتي في يوم مولدي، خلال التصوير كنت أقدم أفكاراً عن الحوارات، وتركت الممثلين يرتجلون، ويعبرون عن مشاعرهم كما يريدون، في لحظة ما لم يكونوا يشعرون بأنهم يمثلون فيلماً، وإنما يعيشون قصة حقيقية.
في مشهد يجمع شخصيتيّن على سبيل المثال، لم أكن أشرح نفس التفاصيل للاثنين، وذلك كي أحصل على مفاجأة خلال التصوير.
لقد اشتركنا فعلياً في سباق مونت كارلو، وكان التصوير حقيقياً، وفي داخل سيارة السباق صورنا بكاميرا 16 مللي.
أميل إلى الحياء في تصوير مشاهد الحب، ولهذا، في مشهد السرير ركزت على وجه المرأة، وهي تبدأ في حبه من اللحظة التي تشعر بأنه سوف يبتعد عنها بسبب تعلقها بالماضي.
التيمة الجوهرية للفيلم هي الموت، وليست علاقة الحب التي تنشا بين الطرفين.
بدوره، يروي “جان لوي ترانتنيان” بعض ذكرياته عن الفيلم، ويقول:
حتى الآن، “كلود لولوش” هو أفضل من يقود الممثل من كل المخرجين الذين تعاملت معهم، سوف يُغضب ذلك البعض، مع المخرجين الآخرين كنت راضياً في معظم الأحيان، ولكن، في الحقيقة، كان “لولوش” مدهشاً، ومتفرداُ، حيث لم يعتمد تمثيلاً ثابتاً، ومجهزاً مسبقاً، كان الأداء أقرب إلى الارتجال، مع الأخذ بعين الاعتبار تفاصيل محددة يجب قولها، لقد كتب حواراً لم نقرأه، ولكن، قبل تصوير أي مشهد، يحكيه لنا، ويشرح تفاصيل جوهرية عن الحوار الذي يجب علينا أن نقوله، كان يحدد لنا الجملة المهمة بالنسبة له، والتي من الضروري قولها، وكان يقول لنا حول هذه الجُملة افعلوا تماماً ما يحلوا لكم، ويتركنا هكذا، وكنا نجد أنفسنا تلقائيين، وكان يصور اللقطة مرة واحدة، لم يكن يصور أبداً أكثر من لقطة من محور واحد، ولكن من زوايا مختلفة، هناك تلقائية، وأصالة نادرة في عمله.
من حوارات الفيلم:
جان لوي: لماذا قلتِ لي بأن زوجكِ توفى؟
آن: لقد توفي فعلاً، ولكن ليس بالنسبة لي.