استعرضت ندوته مقاطع من أفلامه ومنها «أموريس بيروس« و«أمك أيضاً»
الدوحة ـ «سينماتوغراف»
فاجأ المخرج والمنتج والممثل غايل غارسيا بيرنال الحضور خلال ثالث ندوات قمرة الدراسية يوم أمس الإثنين عندما كشف أنه لم يكن يريد احتراف التمثيل، وذلك في معرض حديثه عن مشواره الفني وخبرته بالعمل مع عدة مخرجين وأفلامه العالمية.
وبصفته أحد الخبراء السينمائيين في قمرة، سيتولى غايل غارسيا بيرنال نصح وتوجيه أصحاب أربعة مشروعات من مشروعات قمرة ضمن برنامج تطوير مكثف هي: الوثائقي الطويل «أسفلت» (مصر والأردن وعمان والسعودية وقطر) لعلي حمود، الوثائقي الطويل «الجمعية» (مصر ولبنان وقطر) عن أحد أفقر أحياء القاهرة لريم صالح، والوثائقي الطويل «سلام كثير» (المغرب وأستراليا وبلجيكا وقطر) عن الشتات الأفغاني لياسمين كاساري، والفيلم الروائي الطويل «عند حلول الظلام» (تايلاندا وفرنسا وقطر) حول تعقيدات الحياة لأنوشا سويشاكورنبونغ.
بدأ غارسيا بيرنال التمثيل في سن مبكرة على المسرح كما مثل في أحد مسلسلات أوبرا الصابون. وقال، «إن هذه المسلسلات تماماً كما تصفها الصور النمطية عنها حيث تُنجز على عجل ولا تخرج بشكل جيد، فهم لا يعبأون بالمنتج النهائي. إلا أنها كانت تجربة مثيرة للاهتمام، وكنت محظوظاً لمشاركتي في واحد منها حيث أدركت في سن مبكرة كيف يمكن للأمور أن تسوء وما لا أرغب بفعله».
وذهب غارسيا بيرنال بعدها إلى لندن لدراسة التمثيل في المعهد المركزي للخطابة والدراما، وقال في وصف هذه التجربة «لقد فككوني وأعادوا بنائي من جديد. دخلت المعهد وكل ظني أنني أعرف كل شيء حيث حملت الكثير من الأحكام المسبقة وأن لا شي لديهم ليعلمونني إياه. كنت على خطأ، كما هو حال غالبيتنا في هذه المواقف».
وعند حديثه عن الأفلام التي جذبته خلال نشأته، ذكر غارسيا بيرنال أعمال مخرجين مثل فيم فيندرز، وأكيرا كوروساوا، وثيو أنجيلوبولوس، وراينر فيرنر فاسبيندر، وفيرنر هيرتسوغ التي شاهدها عندما ترك الدراسة ودخل عالم السينما.
وقال غارسيا بيرنال، «كان كل هذا قبل ظهور الإنترنت. كنا ندخل دور السينما دون أن نعرف ما كان بانتظارنا، والمدهش في الأمر هو اكتشافه حيث كان عرضياً كما فتح لنا أبواب عالم جديد».
وعن حال السينما المكسكية خلال سنوات مراهقته وعند بداية مسيرته، قال غارسيا بيرنال أنه بخلاف الستينات والسبعينات، عاشث السينما المكسيكية أسوأ فترات تاريخها المعاصر: «كان الإنتاج شحيحاً وكان مخرجون مثل ألفونسو كوارون، وأليخاندرو غونزاليز إيناريتو، وجييرمو ديل تورو ما زالوا على مقاعد الدراسة في كلية السينما. لم نشهد حركة كبيرة على الساحة الفنية وكان التوقع الوحيد عند المشاركة في فيلم مكسيكي هو المشاركة في حوار ما وكانت هذه حقيقة الأمر. ولم تكن تُعرض الأفلام المكسيكية في دور السينما الكبرى».
وتغير كل هذه مع أول سيناريو فيلم قرأه غارسيا بيرنال، «أموريس بيروس»، الذي كان أول أفلامه حيث التقى بمخرج العمل إيناريتو، الذي كان حينها لاعب أسطونات معروف في المكسيك، بعدما شاهده الأخير في مسرحية وطلب منه الخضوع لتجربة أداء.
«اتصل بي وقلت له أنني أرغب بأداء الدور فنصحني بقراءة السيناريو أولاً وأخذ وقتي في اتخاذ القرار. كنت قد رفضت المشاركة في ثلاثة أفلام أخرى حيث شعرت أنه قدري التمثيل في هذا الفيلم. ومن المهم تعلم رفض الأدوار في مرحلة مبكرة، فإن لم أقل لا لما كان «أموريس بيروس» فيلمي الأول مما كان له أهمية كبيرة».
وقال غارسيا بيرنال أنه أدعى الإصابة بمرض مداري ليتغيب أسبوعاً عن الدراسة بهدف استكمال تصوير الفيلم، كما وصف البراءة التي اتسم بها صنع الفيلم. «لم نكن نعرف ما الذي نفعله، حيث صورنا مشاهد كثيرة عن قرب شديد ولم تكن الصورة واضحةً في جميع اللقطات، إلا أن العمل ثوري في كثير من جوانبه».
وقال غارسيا بيرنال أنه طلب نسخة شريط فيديو من الفيلم حتى تشاهده أسرته. «لم أحصل أبداً على النسخة التي طلبتها حيث عُرض الفيلم حول العالم وشاهده الناس في كل مكان. وكان من المستغرب حينها عرض فيلم غير ناطق بالإنجليزية على هذا النطاق الواسع. وبكل تأكيد، غير الفيلم من السينما في المكسيك، كما سلط الضوء على القارة التي ينتمي إليها، ومثل علامة فارقة في تاريخ السينما العالمية».
وعن فيلمه «وأمك أيضاً»، قال أنهم عملوا على الفيلم لثلاثة أشهر تعرف خلالها من مخرج العمل كوارون ومدير التصوير على عملية صنع الأفلام.
وقال غارسيا بيرنال، «كانت تجربة مذهلة ومليئة بالحب، حيث أنه من النادر للغاية عمل فيلم عن الحب. وما بين الشخصيات التي أديت أدوارها، تظل شخصيتي في هذا الفيلم هي الوحيدة التي ما زلت أتساءل عن مصيرها. وأجد أنها أقرب الشخصيات إلى نشأتي».
وحول العمل مع المخرجين، قال غارسيا أنه «لا توجد قوانين صارمة تحكم ما يمكن أو لا يمكن فعله»، إلا أنه أكد على حاجة المخرجين لاستخدام أفعال «قابلة للتمثيل» في وصف أفعال الشخصيات وما تود أن تصبح عليه في سبيل خلق الحركة والتوتر الدراميين.
وفي معرض حديثه عن خبرته في صناعة الأفلام في بلدان مختلفة، مزح غارسيا بيرنال قائلاً، «في إيطاليا لا يعرفون إلتزام الصمت، أما في السويد فيعملون ثماني ساعات في اليوم بما فيها ساعة الغداء مما يجعل التصوير يستمر لأسابيع». وعن صناعة الأفلام في إنجلترا، قال غارسيا بيرنال «نشعر جميعاً بالحسرة والاستياء عندما يتوقف التصوير لتناول وجبة الغداء! » في إشارة إلى الفكرة السائدة عن سوء الطعام المتوفر في مواقع التصوير الإنجليزية.
وعند سؤاله عن قراره الاستمرار بالعيش في المكسيك عوضاً عن الانتقال إلى الولايات المتحدة بعدما حقق نجاحاً كبيراً، قال غارسيا بيرنال «كان القرار سهلاً، حيث أدركت أن لا حاجة لي بالعيش في الولايات المتحدة لأعمل هناك. وهل يمكن لهوليوود أن تعرض علي فرصة عمل أفضل من تلك التي توفرت لي من خلال فيلم «يوميات دراجة نارية»؟».
كما تحدث غارسيا بيرنال عن انخراطه في الإنتاج والإخراج بصفته تطوراً طبيعياً في مسيرته الفنية، وقال أنه ينوي إخراج فيلم العام المقبل في مدينة مكسيكو.
وعند سؤاله عن التغلب على الأحكام المسبقة والصور النمطية من خلال الأعمال السينمائية، قال غارسيا بيرنال «لا أرى نفسي في حاجة إلى العمل على إلغائها حيث لا يوجد ما يسمي بـ’المكسيكي النموذجي’، فأفضل الطرق إلى تجاوز التابو هو عدم الاعتراف به ولذا أتجاهل الصور النمطية ولا أعبأ بها».
وعبر غارسيا بيرنال عن شغفه بمهرجان أمبولنتي للأفلام الوثائقية في المكسيك الذي يديره بمعية صديقه المقرب وبطل فيلم «وأمك أيضاً» دييغو لونا. وينتقل المهرجان بين حوالي 18 مدينة في المكسيك على مدار شهرين أو ثلاثة. وقال غارسيا بيرنال «إنه أفضل عمل قمنا به»، مضيفاً «المهرجان عظيم ومذهل. وأكثر ما يفيد فيه هو أن للأفلام الوثائقية دور إجتماعي حقيقي حيث تلغي فكرة الخطاب الواحد وتفتح المجال أمام الحوار. ويتمثل شعارنا بالاكتشاف والمشاركة والتغيير، حيث أصبح المهرجان مركزاً للتغيير الاجتماعي في المكسيك، وأرى أنه من أكثر المهرجانات أصالةً حول العالم».