عمان ـ «سينماتوغراف»: إسراء الردايدة
من وحي رواية «الليالي البيضاء» لفيودور دوستويفسكي، يأتي فيلم المخرج الأردني أمين مطالقة «غرابة في الحب» من خلال كوميديا متقلبة تطرق باب مفهوم الحب بين شخصيتين متناقضتين في مدينة لا تمت للرومانسية بصلة.
في عرضه الأول أول من أمس في سينما الرينبو، كانت للفيلم الكوميدي نكهة مختلفة وتقلبات متعددة حول شخصيات الفيلم الثلاث من خلال كوميديا رومانسية تجمع بين فيو «جمال موريس» الساذج وناستينكا «ميشيل لانغ» الجميلة العمياء، في مدينة لوس انجلوس حين يجتمع الاثنان في ظروف أقل مثالية.
وبين الرواية والفيلم حالة خاصة، فهي تنقل المشاهد للزمن الحديث في مدينة غريبة، لكن المخرج يختار أماكن تعيد للذاكرة كلاسيكة أخرى منها اختيار بيوت تشبه منزل سنو وايت في حكاية الأطفال وشجرة عملاقة غريبة الشكل تمتد جذورها وكأنها متواجدة منذ مئات السنين، فيما الأزياء الرومانسية تضفي مزيدا من حالة الحب، لتجعل من شخصيات الرواية مكشوفة تماما على الشاشة.
فالشخصيات التي صورها دوستويفسكي بالرواية مثلا، هي نفسها بالفيلم، تبدأ بشخصية فيو العاشق الحالم الساذج، فيما ناستينكا تمثل الحبيبة المثالية التي يقع بحبها في متنزه في مكان شاعري يتناقض مع مفهوم الحياة في المدينة العصرية، فتظهر العلاقة بين الاثنين وهما هائمان على وجهيهما في مدينة؛ حيث تجمعهما لقاءات متكررة بعلاقة صداقة في محاولة نسيان حبيب هجرها أفريقيا كما حوله أمين مطالقة في فيلمه.
علاقة حب ثلاثية، حب من طرف واحد والوقوع في فكرة الحب، بدلا من الوقوع في الحب، لتتحول إلى حالة حب عنيفة من شعور الصداقة والتعاطف الذي غمر الاثنين معا، خصوصا ضمن أحلام فيو؛ حيث وجد في ناستينكا حالة من الحب والعزاء في غربته ووحدته الدائمة.
البداية تمهد للنهاية، في فيلم الحوار فيه قليل، ليتشابه مع أفلام تشارلي شابلن في حالتها وأجوائها التي تحمل كوميديا حزينة نابعة من المحيط وتجد في الكوميديا سلوكا وليس تصرفا أو نكتة لفظية.
لكن فيلم مطالقة طويل بعض الشيء، ففي بعض المشاهد تم استخدام أسلوب القطع، فكانت على شكل فصول وكأنها رواية، خصوصا في تلك اللحظات التي كانت تجمع بين فيو وناستينكا، قبل أن تتحول معضلة صراع أخرى بعودة الحبيب المنتظر «ستيف» بعضلاته المفتولة، فهو أشبه ببطل مصارعة ليستعيد حبيبته العمياء، فيما فيو يعود إلى وحدته وفراغه، وهو الفراغ الذي كان في الرواية «الليالي البيضاء»؛ حيث إن الفراغ محور مهم يؤثر في عجز البطل عن التأقلم مع واقعه اليوم، ليكون الفيلم «فانتازيا رومانسية».
وللغابات حضور مميز في الفيلم؛ حيث تبرز العلاقة بين فيو والمدينة، فهو يحفظ كل الشوارع والغابات والمحيط، فيعزز علاقته الحميمية التي كان يقيمها مع المكان دون البشر؛ حيث بدا أحيانا وكأنه يخترع في خياله حوارا ويسقطه على أحلامه الخاصة قبل أن يقع في حب ناستينكا.
«غرابة في الحب» فيلم خفيف محمل بالرومانسية، تنقل مشاهده من العصر الحديث لعصر أكثر رومانطقية ربما، فيما أطياف الكلاسيكية تحيط به، وتبقى فيها طعم مرارة الخسارة في الكوميديا الحزينة.