عودة أميركية ضخمة إلي الأفلام الحربية
“غضب” .. سيناريو مشتت حاول إجترار تعاطف المشاهدين
“سينماتوغراف” ـ رشا حسني
ينتمي فيلم “غضب ـ Fury” إلي نوعية الأفلام الحربية، حيث يتناول قصة كتيبة تُكلف بالعديد من المهام خلال الحرب العالمية الثانية والتي كانت تُشرف علي نهايتها في أبريل 1945 حتى أنه لم يتبق فقط سوي طاقم المدرعة “ Fury” لتولي إنجاز أخر مهمة وُكلت لهم من خلال التوغل داخل الأراضي الألمانية، لتصمد الفرقة المكونة من خمسة أفراد بقيادة كابتن واردادى (براد بيت) – الذي إستطاع قيادتها مع المدرعة والنجاة بها من ويلات الحرب – كرمز لدفاعهم عن شرفهم وكرامتهم العسكرية حتى أخر طلقة رصاص لديهم.
يعتبر فيلم “غضب” بمثابة عودة ضخمة للأفلام الحربية الأمريكية ولكنها ليست قوية علي كل حال، فالفيلم به الكثير من المشاكل تتمحور بشكل كبير ومؤثر من خلال سيناريو الفيلم، فالسيناريو يعتمد في الأساس علي طريقة سرد تقليدية فرضت عليه في كثير من المواقف عديد من الكليشيهات، ومنها التي تم تناولها بالفعل من خلال أفلام حربية سابقة كفكرة الإتيان بشاب صغير ليس له دراية بالحرب ولا يعلم عنها شئ، للتأكيد علي مدي قسوة تلك الحروب ولا إنسانيتها، ويكون المجند نورمان (لوغان لرمان) من خلال نهاية مُستهلكة، هو ذلك الجندي الذي تعلم إطلاق النار بأرض المعركة والناجي الوحيد من الحرب، إلي جانب عدم منطقية بعض تلك الكليشيهات كعدم إصابة براد بيت بشظايا طلق ناري حتى مع تواجده الدائم خارج المدرعة وذلك مع إحتدام المعارك التي خاضها مع فرقته.
لم يُصنع “غضب” علي ذلك القالب الكلاسيكي للأفلام الحربية من حيث وضع أبطال الفيلم داخل الإطار البطولي – فعلي مستوي الحوار مثلاً – تم الإهتمام بإنتقاء الألفاظ والتركيز الشديد للجمل الحوارية، فجاء الفيلم مليئاً بالألفاظ غير المُنتقاة وكانت الكثير من الجمل الحوارية إستعراضية في محاولة لوضع أبعاد فلسفية لكثير منها، مثل بعض الجمل التي قالها براد بيت لمساعده الضابط نورمان محاولاً شرح طبيعة الحرب وكيف هو الوضع فيها: “المثاليات جيدة … التاريخ عنيف” فلم يكن لها موضعاً بالفيلم سوي رغبة المخرج وكاتب السيناريو ديفيد آير للتفلسف الذي جاء في غير موضعه تماماً.
فيما تميز “غضب” بإحكام الإيهام بحالة الحرب من حيث إختيار أماكن التصوير والتركيز والدقة الشديدتين لإضفاء العوامل الداعمة لذلك الإيهام بصرياً واستخدام ألوان الفيلم الباهتة واللون الرمادي تأثراً بالنيران وأدخنتها، ولكن أفقدت المؤثرات البصرية في كثير من الأحيان ذلك الإيهام وخصوصية موضوع العمل وزمانه في كثير من الأحيان – وهو الأمر الذي لم يظهر مثلاً في “إنقاذ الجندي رايان” للمخرج ستيفن سبيلبيرغ رغم إعتماد الفيلم في أجزاء عديده منه علي تلك المؤثرات – بالرغم من إهتمام المخرج بتفاصيل صغيرة ولكنها مؤثرة في تأصيل إحساس الإيهام للمتفرج كحرصه علي إحضار ملابس خاصة من متاحف بعينها لإرتدائها ونوعية المعلبات والسجائر بنفس الأغطية والألوان.
ومن أهم ما يُميز الفيلم كذلك، تلك المشاهد التي دارت داخل المدرعة خاصة اللقطات التي تلت إتفاق الفرقة علي مواجهة الفرقة النازية القادمة حتى أخر رصاصة لديهم من خلال قدرة المخرج علي تكثيف مشاعر الممثلين بصرياً في إطار اللوكيشن الضيق والمحدود.
ولم يقدم “براد بيت” في الفيلم أفضل أداء وكان مقبولاً ولكنه أبداً لم يكن مُبهراً، علي عكس تميز أداء الممثلين الذين قاموا بأدوار بقية أفراد الطاقم مثل لوغان لرمان في دور نورمان – مايكل بينا في دور تريني جارسيا – شيا لابوف في دور بويد سوان وجون برنثال في دور غرادي ترافيس.