بقلم : انتصار دردير
هناك دائما فائزون وخاسرون، وهناك دائما حكايات وراء الكواليس في بعضها مايثير الفرح وأخرى تثير الحزن، لكن مفارقات توزيع جوائز أوسكار 2016 تظل أقرب إلى الفيلم الذي تشاهده مشدودا بقوة منذ البداية لتتعرف على النهاية والتي قد تكون مفاجأة مدهشة، ورغم التعليقات والانتقادات وما يثار من ردود أفعال، لكن الجميع في احتراف بالغ سواء أكانوا ممثلين أو مخرجين أو عاملين في مجالات السينما المختلفة، يعودون إلي أماكن عملهم وتصوير أفلامهم، وعيونهم على أوسكار العام التالي، في شغف نفتقده ونتعامل معه في عالمنا العربي بسذاجه، يقف أمامها البعض وكأنها نهاية كل شيء.
ربما كانت أكثر المفارقات وأسعدها، طبعا لصاحبها، هي فوز ليوناردو دي كابريو بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «ذا ريفينانت»، وكان دي كابريو، البالغ من العمر 41 عاما، قد ترشح 4 مرات لجائزة الأوسكار قبل أن يفوز بها أخيرا، بعد رحلة انتظار دامت أكثر من 25 عاما، ولم تخلو لحظات السعاده والفوز لديه من بعض مرارة الخسارة، بدأت بفقدان الفيلم للجائزة الأهم وهي أفضل فيلم، وانتهت بشائعة سرقة تمثال الأوسكار الذي حصل عليه، ليردد البعض «المنحوس منحوس»، لكن ذلك لم يحرمه من نشوة الفرح، خصوصا مع فوز مخرج الفيلم أليخاندرو إيناريتو بجائزة أفضل مخرج في عامين متتاليين، وحصد الفيلم لجائزة أوسكار أفضل تصوير سينمائي.
بالطبع خسارة «ذا ريفينانت» لجائزة أوسكار أفضل فيلم، تفتح المجال لتساؤل كيف يحدث ذلك، خصوصا مع حصول مخرجه على جائزة الإخراج، لكنها الاختيارات التي تثير الإنتقادات وترسم البهجة على وجوه صانعي فيلم «سبوت لايت» الذي فاز واقتنص تلك الجائزة التي يستحقها، بالإضافة إلي جائزة أفضل سيناريو أصلي.
والغريب فعلا، أن تكون أحيانا الخسارة كبيرة، لكن أصحابها لا يتوقفون أمامها، ويستمرون في العطاء، من دون أي ملل أو كلل، ومثال ذلك فيلم «ذا مارشان» الذي ترشح لسبع جوائز أوسكار، ومن بينها جائزة أفضل ممثل لمات ديمون، الذي قام ببطولته، ولم ينل أي جائزة، وهو حال فيلم «كارول» الذي ترشح لست جوائز ولم ينل أيضا أي جائزة، وفي المقابل يأتي أحيانا الفوز أكثر من المتوقع، فتعلو صيحات الانتصار، ودليل هذا ذهاب أكبر عدد من جوائز الأوسكار إلى فيلم «ماد ماكس: فيوري رود»، الذي حصل على 6 جوائز أوسكار من أصل 10 ترشيحات، من بينها جوائز أفضل أزياء وتصميم الإنتاج والمكياج والمؤثرات الصوتية.
مفارقة أخرى يجب أن نتوقف أمامها ونتأملها، وهي خسارة الفيلم الأردني «ذيب» والفيلم الفلسطيني القصير «السلام عليك يامريم» وعدم حصولهما على أي جائزة، لكن ذلك ليس نهاية كل شيء للسينما العربية، بل الفوز الحقيقي هو وصلهما إلي الترشيحات النهائية للقائمة القصيرة، والأهم هو الاستمرار في الدفع بأعمال سينمائية جديدة إلي الأوسكار، حتى تحين لحظة الفوز بعيدا عن شعار «التمثيل المشرف».
ومابين كل هذا وذاك، تأتي خسارة سيلفستر ستالون الموجعه، والتي كانت كل الاحتمالات ترجح فوزه بجائزة أفضل ممثل مساعد، ليقتنصها منه مارك رايلانس عن فيلم «جسر الجواسيس»، ورغم كل ما قيل عن أن ستالون وصل الي الـ 70 من عمره ومن الصعب أن ينال فرصة أخرى، تبقى رحلة فوز «دي كابريو» مؤشرا واضحا لكل من ينشد النجاح، وجملته في فيلم «ذا ريفينانت» محفزا قويا للجميع بلا استثناء: «طالما ما زلت تتنفس، واصل القتال».