خلال ندوة على هامش “القاهرة السينمائي”..
فاتح أكين: أصحاب صالات السينما في تركيا عبروا
عن مخاوفهم من عرض فيلم “القطع”
خاص ـ “سينماتوغراف”، تصوير: منال الليثي
“القطع”.. فيلم تركي ألماني تدور أحداثه عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى، ومع تقلب الرياح السياسية، واكتساب أبناء أقليات الإمبراطورية العثمانية صفة أعداء، يبدأ عساكر الدرك الأتراك في القبض على المواطنين، لتتطور الأحداث وينتج عنها “مجزرة الأرمن”، التى تعرّض لها الأرمن فى أواخر عصر الدولة العثمانية عام 1915، وتكمن أهمية العمل أيضا فى أنه للمرة الأولى يسلط مخرج تركى الضوء على هذه الجرائم – حسبما تؤكد أحداث الفيلم – فى الوقت الذى لا تعترف فيه تركيا بها وتنكرها بشدة، لذا فإن الفيلم يفضح أكاذيب تركيا.
وقال “فاتح أكين”، المخرج الألمانى، تركى الأصل، إن الشعب التركى يعتبر الحديث عن الجرائم، التى ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، من المحرمات، التى يخشى الحديث حولها من قريب أو بعيد. جاء ذلك فى كلمة للمخرج بالندوة، التى أقيمت أمس، الثلاثاء، لمناقشة الفيلم، الذى عرض بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ36.
وأضاف “أكين” أن الفيلم يناقش المذابح ضد الأرمن فى الحرب الأولى، والتى تنكرها الحكومات التركية، مشيرا إلى أن المشكلة التى واجهته كانت فى الرقابة الداخلية للمجتمع التركى، الذى يخشى الحديث فى هذا الأمر، مستشهدا على ذلك بأن بعض أصحاب دور العرض عبروا له عن مخاوفهم من عرض الفيلم داخل تركيا. وأوضح أنه لم يواجه مشكلة مباشرة مع الحكومة التركية حول الفيلم، لأنه صور مشاهده فى الأردن، بالنسبة للمشاهد الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وبقية المشاهد جرى تصويرها فى دول أخرى منها كوبا وألمانيا، وكندا، حيث تم تصوير مشاهد أخرى بها لصعوبة استمرار تصوير الفيلم بالكامل فى الأردن.
وأشار إلى أن الكثير من الأتراك بدأوا مؤخرا فى استيعاب ما جرى ضد الأرمن، موضحًا أنه اختار عدم تكرار كلمة “مذبحة” فى الفيلم لأن الكلمة عندما تتكرر لا يكون لها معنى وهو ما جعله يركز على أجزاء معينة فى هذه المذبحة لتوضيح الحقيقة. وعن الأسباب التي جعلته يؤدي هذا العمل أكد أكين أن مجزرة الأرمن لم يقترب إليها أحد من قبل وهذا أكثر ما جذبني لهذا العمل، وتناولته بصورة تشبه الطبيعة كثيرًا.
وعن “شرك بطل العمل بالله” أكد المخرج أن كل ما مر به من أحداثه طوال أحداث العمل جعله يفكر كثيرًا هل وجود الإله موجود أم لا.
“القطع” سيناريو مادريك مارتن، وإخراج فالح أكين، واشترك في إنتاجه 5 دول، وسبق للفيلم المشاركة فى المسابقة الكبرى لمهرجان فينسيا السينمائى وهو أول فيلم لمخرج من أصول تركية يتناول مجازر الإبادة، التى تعرض لها الأرمن فى أواخر الدولة العثمانية، خلال فترة الحرب العالمية الأولى، حيث قام الأتراك بالتعاون مع عشائر كردية بإبادة مئات القرى شرقى البلاد فى محاولة لتغيير ديموجرافية تلك المناطق.
ومن المعروف تاريخيا أنهم أجبروا القرويين على العمل كحمالين فى الجيش العثمانى ومن ثم قاموا بإعدامهم بعد إنهاكهم، غير أن قرار الإبادة الشاملة لم يتخذ حتى ربيع 1915، حيث قام العثمانيون بجمع المئات من أهم الشخصيات الأرمينية فى اسطنبول وتم إعدامهم فى ساحات المدينة، بعدها أمرت جميع العائلات الأرمينية فى الأناضول بترك ممتلكاتها والانضمام إلى القوافل التى تكونت من مئات الآلاف من النساء والأطفال فى طرق جبلية وعرة وصحراوية قاحلة.. وغالبًا ما تم حرمان هؤلاء من المأكل والملبس، فمات خلال حملات التهجير هذه حوالى 75٪ ممن شارك بها وترك الباقون فى صحارى بادية الشام.