خاص ـ «سينماتوغراف»
إذا كانت النجمة المصرية فاتن حمامة قد حظيت بلقب سيدة الشاشة العربية عن جدارة فإن الناقد البحريني حسن حداد يصبغ عليها في أحدث كتبه لقب “سيدة السينما العربية” ليؤكد أن الشاشة الكبيرة هي التي إحتوت فاتن حمامة منذ كانت طفلة حتي حققت هذه النجومية الإستثنائية عبر أكثر من نصف قرن،
في مقدمة الكتاب الذي صدر إليكترونياً ضمن سلسلة الكتب المتخصصة التى يصدرها المؤلف عبر موقعه “سينماتك” يصف الناقد المصري عصام زكريا حداد بأنه يكتب عن السينما بقلب عاشق وعين ناقد، قائلاً، أنه لم ير عاشقا متيماً محباً مخلصاً للسينما مثل حسن حداد الذي يعمل بجهد وتمويل ذاتي ودأب عبر موقعه الإليكتروني “سينماتك” الذي يحتفل العام القادم بمرور عشرين عاماً علي إطلاقه، وقد تحول علي مدي هذه السنوات لواحد من أهم المكتبات والأرشيفات الموجودة على الشبكة العنكبوتية.
ويشير زكريا إلي أن الكتابة عن فاتن حمامة التي تعد من أكثر الممثلات العربيات شهرة وشعبية وتقدير من قبل الجمهور والنقاد، بعد كل هذه السنوات تعد تحدياً صعباً، لكثرة ما نشر عنها على مدى حياتها وبعد وفاتها، لكن حداد يقدم عبر كتابه -الصادر حديثاً- إضافة ثرية للمكتبة السينمائية.
ويمكن الاطلاع وقراءة الكتاب من خلال اللينك التالي ..
http://www.cinematechhaddad.com/Cinematech/Cinematech_Library/CinematechBooks/CinematechBook_9.htm
يقسم المؤلف الكتاب إلي خمسة مراحل في مشوار سيدة السينما العربية تمثل تطور مسيرتها كما يخصص فصلاً عن رحلتها بالمهرجانات السينمائية، وبرؤية نقدية يختار خمسة أفلام لها تمثل محطات رئيسية في مشوارها الفني وهي دعاء الكروان 1959، الحرام 1965، أريد حلاً 1975، أفواه وأرانب 1979، ليلة القبض على فاطمة 1984، كما يتناول فصلاً من مذكراتها التي نشرت خلال خمسينات القرن الماضي، ويستعين بآراء عدد من المثقفين وصناع الأفلام الذين تحدثوا عنها.
من السطور الأولي للكتاب يعبر حداد عن إفتتانه بفاتن حمامة التي يقول عنها “لقد منحتنا من روحها المحلقة برهافة حس في سموات الفن، ومشاعرها المسكونة بالدهشة خمسون عاماً نفرح، نحزن، ونتعذب معها، ندافع عنها لنحتويها بمشاعرنا ولانتركها أبداً، بعدما أهدت للسينما ما يتجاوز المائة فيلم، لتتربع على القمة، لتصبح بذلك علامة مضيئة في تاريخ السينما العربية بما تملكه من قدرات وطاقات فنية مذهلة في تحويل ما تقدمه من شخصيات درامية في أفلامها إلي شخصيات إنسانية تنبض بالحياة.
يشير المؤلف إلي أن مرحلة الصبا والشباب بعد أن ودعت طفولة “يوم سعيد”، مروراً بأفلام “رصاصة في القلب” و”أول الشهر”، و”دنيا”، “ملاك الرحمة”، حيث مرحلة الصبا وتفتح الموهبة وتطور الشخصية لكن بهدوء وإتزان دون أن تكون هناك أدواراً تستحق التأمل، فهي مجرد فتاة حلوة زكية تضفي جواً من المرح والتفاؤل، وفي المرحلة الثانية إنطلقت إلي الأدوار الرومانسية لتصبح صاحبة “الحب العذري” الذي يقع ضحية لأوضاع إجتماعية ومعيشية كما في أفلام (وداعاً ياغرامي، سلوا قلبي، إرحم دموعي، وأيامنا الحلوة).
بينما تجسد المرحلة الثالثة -وفقاً للناقد – فترة الميلودراما، التي بدأت بتعاونها مع المخرج حسن الإمام، كما في أفلام (ملائكة في جهنم، اليتيمتين، ظلمونى الناس)، والتي يراها المؤلف مرحلة سلبية في مشوار فاتن حمامة، غير أنها تمردت عليها لتقدم أدواراً متنوعة مثل دور الشريرة في فيلم “لا أنام”، والفتاة المتحررة في “الطريق المسدود”.
فينما شهدت المرحلة الرابعة تأكيد شخصيتها الفنية حيث تصدت لمشاكل الأسرة كما في أفلام “ست البيت”، “إمبراطورية ميم”،” أريد حلا”، ويصف الناقد المرحلة الخامسة في مشوار فاتن حمامة بأنها مرحلة النضج الفني التي بدأت منذ نهاية الخمسينات وبالتحديد منذ فيلم “دعاء الكروان” وحتى آخر أفلامها “أرض الأحلام” حيث بدأت تنتقي أدواراً معينة تحتاج لمعايشة حقيقية ودراسة عميقة للشخصية وإنفعالاتها.
وإذا كان الناقد حسن حداد قد إستعرض مسيرة سيدة الشاشة العربية عبر رؤية نقدية عميقة، فإنه ضمنها أيضاً ملفاً من الصور النادرة لمشاهد من أفلامها تمثل مراحل متباينة من عطائها السينمائي، وتعد برهاناً آخر علي تنوع مسيرتها وذكاء إختياراتها وتفرد موهبتها، ما يجعلها تستحق بكل جدارة لقب سيدة الشاشة والسينما العربية.