القاهرة «سينماتوغراف» ـ ميريهان فؤاد
في إطار تكريمه لسيّدة الشاشة العربيّة فاتن حمامة، أصدر مهرجان القاهرة السينمائيّ في دورته السابعة والثلاثين كتاباً بعنوان «فاتن» للناقد السينمائيّ «طارق الشناوي» رصد خلاله مشوارها الفنّي منذ ظهورها الأوّل وحتى مشهد النهاية، كاشفاً في مقدّمة كتابه الذي يتضمن أربعة فصول مهمّة، أنّه لم يحادثها على الهاتف سوى مرتين، إحداهما عن طريق الخطأ، غير أنّهما التقيا مرّات قليلة في مهرجانات فنية.
يسرد الشناوي مسيرة فاتن منذ وقفت طفلة أمام الموسيقار الكبيرمحمد عبد الوهاب في فيلم «يوم سعيد» للمخرج «محمد كريم» عام 1940، لم يخفت بريق الطفلة بمرور السنين مثلما حدث للممثّلين الذين لمعوا في الطفولة، واختفوا بعد ذلك. اختارها محمد كريم بعد فيلمها الأوّل بسنوات لتشارك في فيلم «رصاصة في القلب » بطولة راقية إبراهيم، محمد عبد الوهاب، ثمّ لبطولة فيلم «دنيا»، وهو أوّل فيلم يشارك في أولى دورات مهرجان «كان» في عام 46.
يؤكد الشناوي أنّ رحلة فاتن الفنيّة لم تتوقف سوى لأربع سنوات، من 1966 حتى 1970، حيث تعرّضت لتدخل من المخابرات لمحاولة السيطرة عليها، وجعلها عيناً على الوسط الفنّي، لكنّها رفضت، وسافرت إلى لبنان. وعندما علم الرئيس جمال عبد الناصر بذلك أمر بإعادتها إلى مصر بإعتبارها ثروة قوميّة.
كانت فاتن حلم كلّ مخرجي جيلها، فاشتركت في أوّل أفلام حسن الإمام «ملائكة في جهنم»، يوسف شاهين «بابا أمين»، كمال الشيخ «المنزل رقم 13»، وفي بدايات عز الدين ذو الفقار في فيلم« الخلود» عام 48، وقد شكلت في البداية معه دويتو فاتن وعز توّج بنجاح طاغٍ في أفلام «موعد مع الحياة »،«موعد مع السعادة »،«بين الأطلال »، استمرّ حتى بعد انفصالهما، حيث عملا سويّا في فيلم «نهر الحب» مع عمر الشريف.
تلاقت فاتن مع كلّ أجيال المخرجين بداية من محمد كريم، أحمد كامل مرسي، حسن الإمام، وهنري بركات الذي يمثل نقطة فارقة في تاريخها الفنّي. بداية لقائهما بفيلم «الهانم» عام 46، ثمّ «دعاء الكروان» و «الحرام»، «الباب المفتوح» و«الخيط الرفيع»، «دايما معاك» و«أفواه وأرانب» وكانت الخاتمة بفيلم «ليلة القبض على فاطمة» عام 84 .
كما التقت بحسين كمال في «إمبراطورية ميم» عام 72، وبسعيد مرزوق عام 77 في فيلم «أريد حلّاً» الذي ما كان ليتمّ لولا حماسها للقضيّة التي يطرحها. والتقت مع خيري بشارة عام 88 في «يوم حلو ويوم مر»، وكان آخر أفلامها «أرض الأحلام» مع داوود عبد السيد عام 93. الظهور الأخير لفاتن إعلاميّاً كان في مطلع 2013 عندما ذهبت إلى بيروت لاستلام جائزة تكريمها.
يحتوي الفصل الثاني من الكتاب على عدّة مقالات نقديّة حصيلة ما كتبه الشناوي عن فاتن، ضم مقالات بعنوان «موعد مع الحياة.. مرثية مبكرة للموت» ،«موعد مع السعادة ..السعادة المستحيلة لها» ،”طريق الأمل ..من كان منكم بلا خطيئة » ،«نهر الحب ..الخيانة ذروة درجات النبل» ،«أريد حلا.. مشاغبة مع القانون» ،«أرض الأحلام ..فيلم للأطفال فوق الستين»، « فاتن في عيون هؤلاء».
في الفصل الثالث الذي حمل اسم «فاتن في عيون هؤلاء» ،يتحدث عنها والدها أحمد حمامة قائلا :«كانت أذكى أطفال العائلة، سرعة بديهتها ملفتة، وحبها للسينما منذ طفولتها. يصفها عبد السلام النابلسي بجان دارك السينما، وتصفها سناء البيسي بالتلقائيّة والبساطة وسعة الأفق، ويرى فيها يوسف إدريس عبقريّة سينمائيّة ولكنّه يعيب عليها اختيارها الدائم لدور الفتاة الضعيفة التي تستدر عطف الجمهور. يحكي سعد الدين وهبة كواليس لقاءاته بفاتن وبركات أثناء تحضيرات فيلم «الحرام» الذي كتب له السيناريو، ويصف إتقانها وحرصها الشديدين على كلّ التفاصيل، كما يتحدّث المخرج الشاب عمرو سلامة عن فيلمها الأقرب له وهو «الليلة الأخيرة» إخراج كمال الشيخ واصفاً إيّاه بالفيلم الوجوديّ كما يحكي عن لقائه بها عام 2012، ويذكر أنّ فاتن شبّهته بالمخرج كمال الشيخ .
يحتوي الفصل الرابع على فيموجرافيا لأفلامها ويحمل عنوان« فاتن بالأرقام» ،كما يضمّ الكتاب عدداً كبيراً من صورها منذ الطفولة، زيجاتها، أولادها وأحفادها.