من أفلام مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية 2015
«سينماتوغراف» ـ شريف عوض
فيلم جديد يحتوي على كل عناصر الإثارة والتشويق: هناك جنود يتمسكون بتنفيذ أوامرهم تحت أي ظرف، وهناك صحافية شابة تحاول انهاء تحرياتها عن فساد شركة كبرى، وهناك نوايا خبيثة تتحدى القوانين الدولية تدعمها مليشيات سرية، ناهيك عن الأكاذيب، والكاميرات الخفية، والرشاوى، وجرائم القتل.
حسناً، إنها ليست تتمة لسلسلة «داي هارد» بطولة بروس ويليس أو سلسلة «مهمة مستحيلة» بطولة توم كروز، وإنما هي الأحداث التي يتناولها هذا الفيلم الوثائقي الجديد عن حديقة «فيرونجا» في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن المعروف أن هذه الحديقة هي واحدة من أكثر المتنوعة حيوياً في العالم حيث إنها موطن لبعض من المعادن الطبيعية ومورد للنفط الخام والمعادن الهامة للصناعات الإلكترونية. أيضاً، تعتبر غاباتها موطن لآخر الفصائل المتبقية من الغوريلا الجبلية على وجه الأرض. لذلك، اعتبرها اليونسكو جزءاً من التراث العالمي، فهي أقدم حديقة في أفريقيا تحوي 3000 ميلاً مربعاً من الغابات ونبات السافانا والسهول والحمم البركانية والمستنقعات والوديان والبراكين النشطة إلى جانب القمم الجليدية لجبال «روينزوري».
قام بإخراج فيلم «فيرونجا» المخرج الشاب «أورلاندو فون آينسيدل» الذي اكتسب اهتمام النقاد لأسلوبه المقدام في صناعة الأفلام القصيرة الوثائقية كمخرج ومصور موهوب عن طريق سفره للمواقع النائية في إفريقيا وآسيا والولايات المتحدة حتى القطب الشمالي إذ قدم «سكيتستان: التزلج والعيش في كابول» (2010) حول مدرسة لتعليم التزلج في أفغانستان إلى جانب مجموعة أخرى من الأفلام القصيرة مثل «أغنية عائشة» عن طفلة نيجيرية أصيبت بالعمى نتيجة لمرض مجهول. وأما في «فيرونجا»– وهو فيلمه الوثائقي الطويل الأول- فينجح «فون آينسيدل» في سرد قصص متعددة في خطوط متوازية مابين العاملين في الحديقة وهم الساعين لإنقاذها وبين القوى الأخرى التي تحاول الاستيلاء عليها لتحقيق أطماع لا تنتهي. ومن هذه الشخصيات، «كاتمبو» أحد حراس الحديقة الذي عاني في طفولته حين أجبر على أن يحمل السلاح لكنه نجح في الانضمام إلى الــ «بارك رينجرز» أو حراس الحديقة متغلباً على مخاوف ما قد يحدث له فقد لقى 130 حارساً حتفهم كضحايا للميليشيات التي تريد الاستيلاء على حيوانات الحديقة وكنوزها. وهناك أيضا الصحفية الفرنسية «ميلاني» الذي تستخدم كاميرات خفية في حقيبة يدها لإثبات الصلة المحتملة بين الميليشيات و إحدى شركات النفط البريطانية وذلك عن طريق تصوير موظفي الشركة أثناء وقت راحتهم في الحانات. كما نرى كيف يواجه رئيس حرس الحديقة «ايمانويل دي ميرود» تهديدات بالقتل من قبل المليشيات الذين لهم نفس أهداف الشركة. لقد أعلنت هذه الشركة عن إغلاق عملها داخل الحديقة بعد أن تسبب وجودها منذ عام 2007 في الإضرار بالبيئة وإدانة كل من اليونسكو، وحكومة بريطانيا والناشط البيئي «ديفيد أتينبورو».
عند مراجعة عناوين الأخبار، نكتشف أن كل نزاع نشأ في العشرين سنة الماضية في شرق الكونغو كان سببه الطمع في كنز من كنوز حديقة «فيرونجا» التي اجتذبت الجماعات المسلحة فأدت المعارك إلى وفاة ستة ملايين من السكان الأبرياء في حين المؤسسات الحكومية الكونغولية ساكنة ومنهكة بعد 20 عاماً من الحرب الأهلية.
عرض فيلم «فيرونجا» لأول مرة في شهر أبريل الماضي في مهرجان تريبيكا ثم جاء عرضه الأول في الشرق الأوسط أثناء مهرجان أبوظبي السينمائي في أكتوبر الماضي ويعرض الآن على موقع «نيتفليكس» الأميركي، وليست مفاجأة أن يصبح الفيلم منافساً على جوائز الأوسكار الوثائقية المقبلة، أو أن يحمل اسم النجم الأميركي والناشط البيئي «ليوناردو دي كابريو» كمنتج منفذ حيث نتذكر دوره في فيلم «جوهرة الدماء» الذي دارت أحداثه في «سييرا ليوني» حول سرقة الماس.
شاهد التريللر الخاص للفيلم الوثائقي «فيرونجا»:
https://www.youtube.com/watch?v=S4keewCBuhU