رام الله ـ «سينماتوغراف»
اختتمت الدورة الثامنة من مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” عروضها مساء أمس الإثنين في مدينة رام الله بالفيلم المغربي “علي صوتك” للمخرج نبيل عيوش.
ويتناول الفيلم قصة مغني راب سابق يتحول إلى التدريس ويذهب إلى مركز ثقافي في حي بسيط حيث يتولى تنمية مواهب مجموعة من الشبان ويساعدهم على إعادة اكتشاف أنفسهم والتعبير بالغناء.
اشتمل حفل ختام المهرجان على إعلان لجنة تحكيم مسابقة “طائر الشمس الفلسطيني” لفئة الأفلام القصيرة، والتي ضمت الممثل الفلسطيني علي سليمان والمخرج الفرنسي لادج لي والممثلة الفلسطينية ياسمين المصري وتنافس فيها 15 فيلما، عن فوز فيلم “سري مري” للمخرج لؤي عواد بالجائزة وقيمتها 3000 دولار.
ويتحدث فيلم “سري مري” عن طلب شابين فلسطينيين مساعدة من شخص افتراضي بسبب الملل والحياة الروتينية، التي باتت هي بدورها أمرا محالا في فلسطين، كما يروي الفيلم قصة شاب في العشرينات من عمره يعتقل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ويتم وضعه في إحدى الزنازين الانفرادية في مركز المسكوبية لمدة ثلاثين يوما للتحقيق، وبعد مضي بضعة أيام يخرج له صرصور من تحت باب الزنزانة المغلقة بإحكام، فيصبح صديقه في تلك العزلة. الفيلم محمل بالمشاعر والعفوية والنقد الذكي لواقع الفلسطينيين الذي يثقل كواهلهم ويلقي بهم في حياة عبثية.
ومنحت لجنة تحكيم المسابقة عن فئة الأفلام الوثائقية، والتي ضمت منسقة معهد أرسنال للسينما وفن الفيديو ستيفاني شولتيه ستراهاوس والمخرج والمنتج الفلسطيني رائد أنضوني والباحث والأكاديمي سليم تماري، الجائزة وقيمتها 5000 دولار لفيلم “فلسطين الصغرى – يوميات حصار” للمخرج عبدالله الخطيب.
وقررت لجنة تحكيم المسابقة عن فئة الإنتاج، والتي ضمت مستشارة النصوص سيلينا أوكوما والفنان الفلسطيني خالد حوراني والمنتج السينمائي التونسي فيصل الحصائري، منح الجائزة لمشروع “وجود” للمخرجة دينا ناصر وقيمتها 10 آلاف دولار.
وقال حنا عطاالله مدير المهرجان “نجتمع اليوم لأمسية سينمائية أخيرة ضمن مهرجان أيام فلسطين السينمائية بدورته الثامنة، لنتوج معا أسبوعا حافلا بالصور والروايات واللقاءات”.
وأضاف في بيان للمهرجان “برنامج المهرجان لهذا العام شمل 65 فيلما ما بين روائي ووثائقي، طويل وقصير، وأفلام للعائلة والأطفال، إضافة إلى الأفلام التي تنافست على جوائز طائر الشمس الفلسطيني”.
وأوضح عطاالله أن هناك “نموا في جمهور المهرجان في مواقع العروض عاماً بعد عام في مدن القدس ورام الله وبيت لحم وغزة وحيفا والناصرة”. وأضاف أن “الاستثمار في هذا المجال هو أحد الطرق لرفع مستوى قطاع السينما في فلسطين وأهميته في نشر سرديتنا والوصول إلى العالم”.
واحتل فيلم نادر جرى تصويره في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل مكانة بارزة في مهرجان أيام فلسطين السينمائية الذي استمر ستة أيام.
وتوافد المئات لمشاهدة فيلم “الغريب” الذي تدور أحداثه على خلفية الحرب الأهلية السورية، ويروي قصة عدنان أحد سكان الجولان الذي يشعر بأنه غريب في وطنه. لكن تطورا جديدا يطرأ على حياته يعيد إليه العزيمة لتحقيق هدف وهو مساعدة رجل وصل إلى المنطقة بعد إصابته في الصراع السوري.
وقال المخرج وكاتب السيناريو أمير فخرالدين إن تجربة عدنان هي تجربة الكثير من السوريين الذين انفصلوا عن وطنهم الأم في هضبة الجولان، وهي الأرض التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم تحظ باعتراف دولي.
وتحدث عن الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في 2011 وقال “نحن نعيش في الجولان على السياج الحدودي الذي يفصلنا عن وطننا. تخيلوا أننا نسمع دوي الحرب ولا نراها لعشر سنوات”.
وأضاف أن التجربة دفعته إلى التساؤل “هذه الحروب تخص من؟ هل هي حرب في داخلنا أم لا؟”.
تنظم المهرجان منذ عام 2014 مؤسسة فيلم لاب فلسطين بدعم من مؤسسات محلية ودولية، ويهدف إلى تنمية الثقافة السينمائية من خلال عروض الأفلام المحلية والدولية في المدن الفلسطينية بجانب حلقات نقاش وورش عمل احترافية وبرامج متخصصة للجيل القادم.
وهذا العام تم رصد ريع عروض الأفلام في مدينة القدس للمسرح الوطني الفلسطيني الحكواتي، كمساهمة رمزية من فيلم لاب فلسطين لدعم صمود المسرح كصرح ثقافي مهم في القدس، في ظل الظروف المالية الصعبة التي يعيشها والتي باتت تهدد استمراريته.
وقالت خلود بدوي الناطقة الإعلامية باسم المهرجان إنه رغم جائحة كورونا استطاع المهرجان أن يحافظ على كل تفاصيله وعرض أفلام لكل الفئات العمرية. وأضافت “هو أهم شيء استطاع النجاح في تثبيت فلسطين على خارطة المهرجانات الدولية، والمهرجان جزء أساسي في المشهد الثقافي الفلسطيني”. وتابعت “أصبحت فلسطين نقطة انطلاق للكثير من الأفلام في العالم العربي ونجحنا في فرض أنفسنا على خارطة المهرجانات العالمية”.
والشيء المختلف في المهرجان عن بقية المهرجانات العربية والعالمية هو أنه يُقام في ست مدن تفصل بين معظمها الحدود ونقاط التفتيش. حيث عُرضت الأفلام في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية والناصرة وحيفا، وكان ضمن جمهور المشاهدين أفراد من الأقلية العربية في إسرائيل الذين يعتبرون أنفسهم مواطنين فلسطينيين داخل إسرائيل.
وقالت بدوي “نريد الوصول إلى جمهورنا في مختلف المدن والبلدات”، مضيفة “نريد أن نعطيهم فرصة العودة إلى السينما وإحياء الثقافة السينمائية في هذه المدن رغم العقبات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي”.