الجزائر ـ «سينماتوغراف»
تقاسم الفيلمان “توك توك” للمخرج محمد خضر من مصر و”كانيبال”، أو آكل لحم البشر، للمخرج رامين ساماني من إيران جائزة مهرجان إيمدغاسن السينمائي للفيلم القصير، الذي اختتم ليل أمس الأحد في محافظة باتنة بشمال شرق الجزائر.
ويحكي الفيلمان القصيران المتوجان من بين عشرات الأفلام القصيرة المشاركة في التظاهرة، قصتين اجتماعيتين؛ حيث عالج الأول المعاناة اليومية لسائق “توك توك” أو مركبة نقل صغيرة، والفيلم مستوحى من قصة حقيقية وتدور أحداثه حول شخصية “ولاء” التي تحاول توفير دخل لعائلتها بعد أن هاجر زوجها إلى خارج البلاد بطريقة غير شرعية، وتجبرها الظروف على العمل كسائقة “توك توك” لتقع في العديد من المشاكل وتواجه سلبيات المجتمع من عنف وتحرش وسيطرة الذكور على سوق التكاتك. فيما عالج فيلم “كانيبال” الصراع من أجل البقاء في عالم يفتقد إلى المبادئ الإنسانية ويمجد المال.
وفاز فيلم “المعركة الأخيرة” للمخرج ميار النوري من سوريا بجائزة لجنة التحكيم التي أشادت خاصة بأفلام “شبشاق ماريكان” للمخرجة الجزائرية آمال بليدي و”الطائر الصغير” للمخرج السعودي خالد فهد و”نباح من أجل الحياة” للمخرجة العراقية كاردينا هيمن.
وحصل الإيراني بهزاد دوراني على جائزة أفضل ممثل في المهرجان عن دوره في فيلم “كانيبال”، فيما حصلت المصرية إلهام وجدي على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في “توك توك”.
ونال الفلسطيني محمود أحمد جائزة الإخراج عن فيلمه “عود ثقاب” فيما ذهبت جائزة السيناريو مناصفة إلى فيلمي “الرابح” من روسيا و”شبشاق ماريكان” من الجزائر.
وحصل فيلم “الرابح” كذلك على جائزة أفضل تصوير فيما نال فيلم “شكرا إلهي” من بريطانيا على جائزة المونتاج.
وعرض المهرجان، الذي تنظمه مؤسسة “اللمسة” الثقافية تحت رعاية وزارة الثقافة الجزائرية، على مدى أربعة أيام 29 فيلما قصيرا (من بينها 3 أفلام من الجزائر) من 24 دولة، وحضره الفنان المصري أحمد بدير وعباس النوري ونزار أبوحجر من سوريا إلى جانب نخبة من الفنانين الجزائريين على غرار بيونة ومليكة بلباي وجعفر قاسم.
وكُرمت في حفل الختام الذي أقيم بالمسرح الجهوي في باتنة الممثلة الجزائرية مليكة بلباي الرئيسة الشرفية للدورة الثانية.
وأقيم حفل الختام ليل أمس الأحد بدلاً من السبت بعد إعلان الجزائر الحداد مدة يومين لوفاة رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وتخللت هذه التظاهرة التي انطلقت في العاشر من مايو الجاري بالمسرح الجهوي الدكتور صالح لمباركية بباتنة دورات تكوينية في مجال السينما لفائدة شباب وطلبة وعرض أفلام خارج المنافسة للكبار بدار الثقافة محمد العيد آل خليفة في باتنة وعروض موجهة إلى الصغار في بعض بلديات الولاية (المحافظة) بمساهمة من المركز الوطني للسينما والسمعي البصري.
وفي إطار هذا المهرجان نظمت قافلة سينمائية ستتضمن عروض أفلام جزائرية طويلة بين قديمة وجديدة ستمس “مناطق الظل” في باتنة والتي “تحتاج إلى التنمية وإلى فسحة سينمائية ممتعة”، وهذا بالتعاون مع المركز الوطني للسينما والسمعي البصري.
كما نظمت لفائدة المشاركين في المهرجان وضيوف عاصمة الأوراس جولات سياحية في أهم المواقع الأثرية والتاريخية بالولاية، منها تيمقاد وضريح إمدغاسن النوميدي الملكي وشرفات غوفي، حيث أبدوا في تصريحات صحافية إعجابهم بجمالها الخلاب وعراقتها.
ويقام المهرجان في مدينة باتنة بشمال شرق الجزائر ويشتق اسمه من ضريح إيمدغاسن الشهير الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد ويصنف ضمن أقدم المعالم الأثرية الملكية في شمال أفريقيا.
وتبرز أهمية أخرى للمهرجان إذ يوظف الفن السينمائي في استعادة التاريخ والتأكيد على عراقة المنطقة؛ فـ”إيمدغاسن” أو “مادغيس” هو أحد ملوك الأمازيغ خلال الفترة النوميدية، وأحد أقدم أسلاف القبائل البربرية الذين عاشوا شرق الجزائر، بنى له قومه ضريحا ضم رفاته بعد موته في القرن الثالث قبل الميلاد، وتساهم تسمية المهرجان باسمه في التعريف بالمنطقة وتاريخها والترويج السياحي لها، وهو ما يحاول المهرجان ترسيخه من خلال إرسائه جولات لضيوفه للخروج بهم من قاعات السينما وإيقاع العروض في تكامل بين السينما كفن والسينما كأداة اجتماعية للتثقيف والتنمية.
وقالت مؤسسة “اللمسة” الثقافية المنظمة للمهرجان إنها تلقت 2283 طلبا من 109 دول للمشاركة هذا العام بعد نجاح الدورة الأولى في مارس 2021 والتي توج فيها فيلم “إجرين مارادونا” للمخرج الفلسطيني فراس خوري بجائزة أحسن فيلم قصير.
ومن أبرز الأفلام التي شاركت في فعاليات التظاهرة هذا العام “سأخبر الله بكل شيء” للمخرج الجزائري محمد بن عبدالله و”عود ثقاب” للمخرج الفلسطيني محمود أحمد و”سايكو” للمخرج الإيراني مصطفى داوطلب و”توك توك” للمخرج المصري محمد خضر و”المعركة الأخيرة” للمخرج السوري ميار النوري.
وقد جدد محافظ المهرجان عصام تعشيت تأكيده على أهمية هذه التظاهرة ودورها في بعث النشاط السينمائي محليا ووطنيا والمساهمة في إنعاش الحياة الثقافية.