«سينماتوغراف» ـ متابعات
كان الطقس صافيًا في نهار 23 يونيو 2018، شمس لطيفة ودرجات حرارة معتدلة تناسب القيام بنزهة صيفية هادئة في شمال تايلند، وهو ما شجّع 12 مراهقًا يصاحبهم معلمهم على القيام بنزهة استكشافية داخل كهف “ثام لوانغ” بمدينتهم في محافظة شيانغ ري بشمال تايلند، لكن سرعان ما تبدّل الطقس اللطيف لتحل أمطار استوائية كثيفة تسببت في فيضان هائل سدّ مخارج الكهف وقطع كل الطرق بين فجوة الكهف الداخلية وخارجه.
طال بقاء المراهقين المنتمين إلى فريق كرة قدم واحد مع معلمهم داخل الكهف نحو 10 أيام، ظلوا خلالها في عداد المفقودين، حتى عثر عليهم فريق من الغواصين، لكن كان من الصعب إخراجهم وقتئذ؛ 13 شخصًا علقوا داخل فجوة كهف مظلمة تبعد نحو 4 كيلومترات عن مدخل الكهف، بلا طعام أو مصدر طاقة، أو حتى وسيلة اتصال، قرابة 17 يومًا، تخللتها حملات تضامن وقلق عالمي ومحاولات وتجارب ونظريات تتمحور حول كيفية إنقاذهم أو حتى إيصال المؤن ووسائل الإضاءة لهم، عقول وطاقات ومهارات سُخّرت لمحاولات الإنقاذ حتى إنقاذ آخر فرد منهم يوم العاشر من يوليو التالي، قصة إنسانية حافلة بالدراما، وتجربة مكثفة من مشاعر التضامن الإنساني العالمي، عُرفت باسم “أطفال الكهف”، وبالتأكيد لا يزال يذكرها من تابعها وكان عدد متابعيها بالملايين..
وطرحت منصة “برايم فيديو” الثلاثاء الماضي المقطع الدعائي الأول لفيلم “13 حياة” (Thirteen Lives) للمخرج رون هوارد، ومن إنتاجها، حول مهمة إنقاذ “أطفال الكهف”، 12 فتى من فريق كرة القدم ومدربهم المحاصرين في كهف غمرته المياه في تايلند، والمتوقع طرحه في قاعات السينما يوم 29 يوليو، في حين سيُعرض عبر منصة “أمازون برايم” في الخامس من أغسطس المقبل.
بناء على هذه الأحداث الواقعية، يتتبع الفيلم الفريق المفقود مع ريتشارد ستانتون (فيجو مورتنسن) وجون فولانثين (ويل فاريل) وريتشارد هاريس (جويل إدجرتون)؛ 3 خبراء أجانب تجري الاستعانة بهم لخبرتهم بالغوص في الكهوف. يعمل الثلاثة إلى جانب العديد من الأطراف الدولية الأخرى والجيش التايلندي، للمساعدة في إنقاذ العالقين الـ13، لأن الغوص في الكهوف أكثر صعوبة وتعقيدًا من الغوص في المحيط المفتوح، ويتعين على الثلاثة العمل بسرعة وتحت ضغط اللحظات الحاسمة لمعرفة أفضل السبل لنقل الأطفال وإنقاذ أكبر عدد ممكن، لإنقاذهم جميعًا في النهاية.
بين الثامن و العاشر من يوليو 2018، تم إنقاذ جميع الأولاد من الكهف، بعد مشاركة أكثر من 10 آلاف شخص من داخل المدينة ومن جميع أنحاء العالم في جهود الإنقاذ، في حين توفي أحد أفراد البحرية الملكية التايلندية اختناقًا أثناء إحدى محاولات الإنقاذ في السادس من يوليو.
وعن إنتاج الفيلم، قال رون هوارد مخرج الفيلم إن فاريل ومورتنسن تدرّبا مع الغواصين الفعليين من البعثة في خزانات مختلفة مملوءة بنسخ مطابقة للأصل من نظام الكهوف المعقد، وتابع “لقد كان بالتأكيد إنجازًا كبيرًا؛ لقد ذكرني قليلًا بتصويرنا الفعلي من دون وزن في أبوللو 13 (Apollo 13) حيث صعدنا إلى كبسولة KC-135، التي تسمى مذنب القيء، وهو ما يستخدمه رواد الفضاء للتدريب، كما يستخدمه العلماء لاختبارات انعدام الوزن، لذلك كان هذا نوعًا آخر من تلك الأنواع من تحديات صناعة الأفلام المادية”.
فيلم “13 حياة” ليس الفيلم الأول الذي يستعرض جهود إنقاذ فريق كرة القدم التايلندي من المراهقين، فبعد أقل من عام عُرض فيلم “الكهف” (The Cave) الوثائقي التسجيلي الذي سجل أحداث عملية الإنقاذ فقط من إنتاج تايلندي، كما عُرض فيلم وثائقي آخر في عام 2021 بعنوان “الإنقاذ” (The Rescue) تناول مساعي الإنقاذ منذ الإبلاغ عن اختفاء المراهقين الـ12 ومعلمهم.
لكن الفيلم الجديد “13 حياة” يستفيد من كونه فيلمًا روائيًّا طويلًا، إذ لا يستعرض فقط عملية الإنقاذ بل يعود بالقصة إلى ما قبل بدايتها، وكيف اجتمع المراهقون ومعلمهم لدخول الكهف قبل أن تحاصرهم الأمطار وحتى خروجهم من الكهف بسلام. ويبدو أن الفيلم يمثل أحد رهانات “أمازون برايم” على جوائز المهرجانات بوجه عام، و”الأوسكار” بالتحديد، إذ تقضي القاعدة الجديدة بضرورة عرض الفيلم في قاعات السينما مدة أسبوع على الأقل ليُسمح له بالتنافس على جوائز الأكاديمية، فهل سيتمكن من المنافسة أو الترشح؟.