«سينماتوغراف» ـ محمود درويش
لم يحظ ممثل عربي بمثل ما حظي به الفنان الكبير، رحمه الله، محمود عبدالعزيز من شعبية وحب من قبل الجمهور، والسبب كان المسلسل التلفزيوني «رأفت الهجان» الذي قدمه في ثلاثة أجزاء بدءا من عام 1987 من تألف صالح مرسي ومن إخراج يحيى العلمي. وكان السر في هذا الحب الجارف للفنان محمود عبدالعزيز من الجمهور العربي في كل مكان أن المسلسل يسرد قصة البطل المصري «رأفت الهجان»، وهو الاسم الذي ظهر به في المسلسل رغم أن اسمه الحقيقي «رفعت الجمال»، وهو الذي زرعته المخابرات المصرية داخل اسرائيل للتجسس لصالحها عام 1956، وظل هناك حتى حرب أكتوبر 1973 وتحقيق النصر فيها بسبب جهوده ونجاحه في تكوين شبكة تجسس قوية لصالح بلده مصر.
وقد كان مسلسل «رأفت الهجان» يجتمع حوله المشاهدون في كل العواصم العربية مشدودين أمام مغامرات «ليفي كوهين»، وهو الاسم اليهودي الذي اتخذه رأفت الهجان للإندماج وسط اليهود المصريين، ثم ديفيد سمحون، اسمه في تل أبيب. ولازال المسلسل يحظي بمشاهدة عالية رغم كل هذه السنوات التي مرت منذ إنتاجه (30 عاما).
وجاء هذا النجاح الطاغي لمحمود عبدالعزيز بعد 13 عاما من دخوله عالم الفن لأول مرة بمشاركته في المسلسل التليفزيوني «الدوامة» عام 1974 من إخراج نور الدمرداش وبطولة نيللي ومحمود ياسين.
وكان محمود عبدالعزيز، المولود عام 1946، قد مارس هواية التمثيل من خلال فريق المسرح بكلية الزراعة بجامعة الإسكندرية. وحصل على درجة البكالوريوس ثم درجة الماجستير في تربية النحل. وبعد عام واحد اختاره المخرج عاطف سالم للمشاركة في بطولة فيلم «الحفيد»، أحد كلاسيكيات السينما المصرية مع كل من ميرفت أمين ونور الشريف وعبدالمنعم مدبولي.
وبدأت رحلته مع البطولة منذ عام 1975 عندما قام ببطولة فيلم «حتى آخر العمر»، وهو عن حرب أكتوبر 1973 ومن بطولة نجوى ابراهيم وعمر خورشيد.
وفي خلال 6 سنوات قام ببطولة 25 فيلماً سينمائياً، وخلال تلك الفترة ظل يقدم الأدوار المرتبطة بالشباب والرومانسية والحب والمغامرات.
ومنذ عام 1982 بدأ محمود عبد العزيز بالتنويع في أدواره، فقدم فيلم «العار»، ثم «الكيف»، الذي حظي بنجاح جماهيري كبير، وجري الوحوش، ووكالة البلح، فدرب الهوى. ورسخ محمود عبد العزيز نجوميته بعد ذلك، ونوع أكثر في أدواره فقدم دور الأب في «العذراء والشعر الأبيض». وفي فيلم «تزوير في أوراق رسمية»، ثم قدم دور عميل المخابرات المصرية والجاسوس في فيلم «إعدام ميت»، وقدم شخصيات جديدة في أفلام الصعاليك، وابناء وقتلة.
وفي عام 1987 قدم فيلماً من أهم أفلامه وهو«البريء» من تأليف وحيد حامد وإخراج عاطف الطيب.
وبلغ عدد أفلام محمود عبد العزيز نحو 84 فيلماً، قام فيها بدور البطولة وقد تنوعت هذه الأفلام ما بين الرومانسية والكوميديا والواقعية.
وتوالت أفلام الفنان الكبير ومن بينها «الكيت كات» عام 1991، عن قصة للأديب صنع الله إبراهيم ومن إخراج داوود عبدالسيد، والذي يعد أهم افلامه، وجسد فيه دور الشيخ حسني الضرير الذي يرفض الاعتراف بعاهته ويتصرف كالمبصرين تماما. وقد نال جائزة أحسن ممثل عن هذا الفيلم من مهرجان دمشق السينمائي الدولي، ومن مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي. كما نال جائزة أحسن ممثل عن فيلم «سوق المتعة» عام 2000 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
ومن محطاته السينمائية المهمة فيلم «سيداتي انساتي» للمخرج رأفت الميهي عام 1990، و«الساحر» عام 2001 لرضوان الكاشف، 1987، وكان آخر فيلم له «إبراهيم الأبيض» عام 2009، وسبقه «ليلة البيبي دول» في عام 2008.
ومنذ ذلك الحين تفرغ لتقديم أعمل تليفزيونية، فقدم «باب الخلق»، و«ابوهيبة في جبل الحلال»، ثم «رأس الغول»، وهي أعمال حققت نجاحا كبيرا عكس مدى ما يمتع به محمود عبد العزيز من حب وتقدير من قطاع كبير من الجمهور العربي.