القاهرة ـ «سينماتوغراف»
المخرج ليس منفذاً لكلام مكتوب، بل هو صاحب رؤية و وجهة نظر فى الحياة والبشر، يُترجمها على الشاشة من خلال مفردات السنيما المختلفة الفنية والتقنية والبشرية، وسعيد مرزوق (26 أكتوبر 1940 – 13 سبتمبر 2014) كان مخرجاً صاحب رؤية فنية و فكرية، كان واعياً لاهمية السنيما فى تشكيل المجتمع من خلال السنيما كأبداع فنى، ولم يكن العمل السينمائى بالنسبة له غاية، بل وسيلة للتعبير عما يحمله من أفكار ومباديء، ولذلك كان مُقلاً فى اعماله، وخلال مسيرته الفنية الطويلة التى بدأت عام 1971 بفيلمه الروائى الاول “زوجتى و الكلب” قدم 12 فيلماً سنيمائياً، بالاضافه إلى ثلاثيته السنيمائية التليفزيونية “حكاية وراء كل باب “1979 عام مع الفنانة الكبيرة “فاتن حمامة”.
كانت السنيما هى مدرسته التى تعلم فيها السنيما، فلم يدرس سعيد مرزوق السنيما، ولم يلتحق بأى معهد فنى، بل كانت الافلام هى معلمه الاول، وقراءاته هى معلمه الثانى، فقد اعتمد عليهما في تنمية موهبته السينمائية.
عمل سعيد مرزوق فى بداياته بالتليفزيون المصرى الذى انطلق فى ستينيات القرن العشرين، وفى البداية كان مساعدا لزميله المخرج إبراهيم الشقنقيري، ثم قام بإخراج فيلمين قصيرين مدة كل منهما خمس دقائق، و كانت أغينة “انشودة السلام” ومدتها عشر دقائق هى عمله الثالث، وقد أختيرت كأفضل عمل تليفزيوني لعام 1965، ثم قدم فيلمه التسجيلي “أعداء الحرية” عام 1967 وقد حصل على الجائزة الثانية في مهرجان ليبزغ الألماني الدولي، بعد ذلك قدم نال فيلمه “طبول” عام 1968، وفى عام 1970 قام سعيد مرزوق بإخراج فيلم “دموع السلام” والذي أختير كأفضل فيلم عن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ولاشك ان هذه الاعمال قد أكسبته خبرة سينمائية، أهلته لتقديم أول أفلامه الروائية الطويلة “زوجتي والكلب” عام 1971.
كتب سعيد مرزوق السيناريو والحوار لفيلم “زوجتي والكلب” المستوحى من قصة للكاتب محمود البدوي، ولولا تصدى مدير التصوير السنيمائى عبد العزيز فهمي لانتاج هذا الفيلم، لتأخر ظهور سعيد مرزوق وتجربته السنيمائية كثيراً.
كانت جرأة عبد العزيز فهمي سبباً فى ظهور موهبة سعيد مرزوق على شاشة السنيما مفكراً و مخرجاً صاحب رؤية مختلفة واسلوب متميز، حيث إبتعد سعيد مرزوق ككاتب للسيناريو عن السرد والحكاية التقليدية، واكتفى ككاتب للحوار بالحد الأدني من كلمات الحوار، واعتمد كمخرج على الصورة السينمائية وتشكيلها وتكويناتها ولعبت الاضاءة دوراً كبيراً فى ترجمة المعانى والانفعالات المختلفة لشخصيات الفيلم، لقد اعطى سعيد مرزوق فى أول تجاربه السنيمائية للصورة بكل مفرداتها الفنية دوراً هاماً ورئيسياً فى التعبير على عكس السائد فى ذلك الوقت، حيث كان للحوار دور اكبر فى العمل السنيمائى تأثراً بفن المسرح الذى كانت اثاره وبصماته مازالت واضحة على فن السنيما.
ولاشك أن تعاون سعيد مرزوق مع عبد العزيز فهمي كان له دور كبير كمدير تصوير صاحب تجربة متميزة فى استخدام الاضاءة و الظلال، وخروج الفيلم بهذا المستوى المتميز الذى لفت الانظار لميلاد مخرج صاحب رؤية مختلفة.
بعد ذلك تزوالت أعمال سعيد مرزوق .. الخوف ( 1972 )، أريد حلاً ( 1975 )،
المذنبون( 1976)، إنقاذ ما يمكن إنقاذه ( 1985 )، أيام الرعب( 1988)، المغتصبون (1989)، الدكتورة منال ترقص(1991 )، آي .. آي (1992)، هدى ومعالي الوزير(1995)، المرأة والساطور( 1997)، جنون الحياة ( 2000)، وقصاقيص العشاق (2003 )، وهى كلها أعمال اثارت مشاكل وجدلاً كبيراً، سواء على المستولى الرقابى أو الجماهيرى أو السياسى، مما جعل كثير من المنتجين يترددون او يحجمون عن التعامل مع سعيد مرزوق، رغم أن أفلامه كانت تحقق ايرادات عالية بالمقارنه بغيرها من أفلام ذلك الزمن، ولكنها طبيعة رأس المال التى لا تعرف الجرأة او المغامرة فى الكثير من الاحيان.