«في سوريا».. مأساة إنسانية عن ثمن التمسك بالوطن

 

القاهرة ـ «سينماتوغراف»

يملك فيلم (إنسرياتد) أو (في سوريا)  أسباباً عدة للدهشة سواء على مستوى المضمون أو الصورة لكن يتقدمها جميعا أن مخرجه ومؤلفه البلجيكي الذي اقتنص لحظة صعبة ومغرقة في الواقعية عن مآسي الحرب الأهلية السورية لا يتحدث العربية أو يفهمها.

الفيلم إنتاج بلجيكي/فرنسي/لبناني ويتناول الفيلم قصة عائلة سورية أبت أن تهجر بيتها وأصرت على البقاء فيه رغم القصف والتفجيرات وأعمال السلب والنهب فتدفع ثمنا غاليا مقابل ذلك.

تقوم الممثلة الفلسطينية هيام عباس بدور أم لثلاثة أطفال تحاول إحكام سيطرتها على الأمور طوال الوقت رغم التهديدات المحيطة وتفرض على الأبناء قواعد صارمة للحفاظ على أمنهم وسلامتهم رغم شعورها الداخلي أيضا بالخوف.

ويبقى الأب في الفيلم الحاضر الغائب الذي يحاولون طوال الوقت الاتصال به لكن شبكات الهواتف المحمولة معطلة دائما.

تظهر البطلة الثانية في الفيلم الممثلة اللبنانية دياموند بو عبود في دور جارة الأسرة وهي زوجة شابة خرج زوجها في الصباح وكانت تنتظر عودته مساء بفارغ الصبر بعد أن دبر أمر سفرهما خارج سوريا مع طفلهما الرضيع.

البناية المكونة من عدة طوابق هجرها سكانها جميعا إلا الأسرة والزوجة الشابة والرضيع فيضطروا إلى الالتحام معا في شقة الأسرة المحصنة بمتاريس وغرفة سرية للاختباء في حالة الطوارئ.

لكن يبدو أن الضغط الخارجي من قصف ورصاص قناصة وانقطاع المياه والكهرباء كان غير كاف فيرفع المخرج فيليب فان ليو وتيرة الأحداث باقتحام رجلين للمنزل واغتصابهما للزوجة الشابة بعد أن لاذت الأسرة بالمخبأ السري بينما علقت هي وحدها خارجه.

وتكتمل المأساة بعد أن تكتشف الزوجة المغتصبة أن زوجها أصيب برصاص القناصة أسفل المنزل وهو خارج في صباح ذلك اليوم فتخرج في ظلمة الليل للبحث عنه.

وتتمثل باقي دواعي الدهشة في الفيلم في التصوير الجريء لمشهد الاغتصاب الذي جاء صادما بكل تفاصيله، وكذلك قدرة المخرج على إحداث التأثير الكامل للحرب من قصف جوي وتفجيرات دون مشهد واحد لطائرة أو دبابة أو حتى جندي.

آخر ما يأتي في سلسلة الدهشة هو نجاح الفيلم في اتباع نهج إنساني بحت بعيدا عن أي تيار سياسي أو عرقي أو طائفي، فهو يجسد مأساة أسرة كل ذنبها أنها تمسكت بالبيت والوطن وعلقت آمالها على أن هذا الجنون الدموي سيتوقف يوما وستعود إلى سابق حياتها الهادئة.

الفيلم مدته 85 دقيقة وجرى تصويره في لبنان ونالت بوعبود جائزة أفضل ممثلة عن دورها بهذا الفيلم بالمسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته التاسعة والثلاثين .

وعن تحمس مخرج غير سوري لتقديم فيلم عن مأساة إنسانية بهذا البلد قال مخرج العمل فيليب فان ليو إنه أراد فتح نافذة للجماهير الغربية حتى يكون لدى هؤلاء الأشخاص فهم أفضل لحالة السوريين.

‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬وأضاف أن هذا العمل هو من أجل”التعاطف“ مع الشعب السوري.

وقالت دياموند”هذا الفيلم ليس سياسيا بالمرة، هو محض إنساني، ومن هنا يكتسب أهميته، يمكن أن نستبدل الشخصيات والبلد ونضع مكانهما أي أشخاص يعيشون نفس الظرف بأي مكان من العالم“.

وعن كيفية صناعة هذا الفيلم قال المنتج إن مخرج العمل ”كان يشاهد ويتابع عن كثب كل ما يجري داخل سوريا إضافة إلى استعانته بمستشارين سوريين أعطوه أفكارا عن الوضع إلا أن هذا كله لا ينفي أن ما قام به من تصوير دقيق وحساس هو إنجاز بكل المقاييس“.

وأضاف ”المخرج حتى لا يتحدث اللغة العربية لكنه شعر بالقصة ولديه حس إنساني رفيع، وسبق له أن أخرج فيلما عن العنف والإبادة الجماعية في رواندا“.

وحظي الفيلم بإشادات كثيرة من النقاد والجمهور لدى عرضه في العام الماضي بمهرجانات إقليمية ودولية منها مهرجان برلين السينمائي ومهرجان سياتل السينمائي ومهرجان ستوكهولم السينمائي.

Exit mobile version