«سينماتوغراف» ـ متابعات
أقترب هذا العام إجمالى إيرادات السينما العالمية من 22 مليار دولار، واستأثرت السينما الصينية بثلثها حيث حققت 7.3 مليار تقريباً، فى حين تصل إيرادات أمريكا الشمالية خمسة مليارات، وبذلك تتفوق عليها الصين، مع الأخذ فى الاعتبار أن دور العرض الأمريكية استمرت مغلقة نصف العام تقريباً فلم تفتح أبوابها إلا فى يوليو2021، فى حين لم تتأثر دور العرض الصينية وعادت لها الحياة سريعاً بعد تجاوزها لآثار الجائحة فى 2020.
يذكر أن السينما الأمريكية حققت فى 2019 قبل الجائحة 11٫4 مليار دولار، وهو ما يبدو حلماً بعيداً الآن، لكن مليار “سبايدر مان” أعاد الأمل والثقة فى استعادة الصناعة لقوتها تدريجياً بوتيرة أسرع، خاصة أن الإحصاءات أكدت إقبال جمهور المراهقين والشباب على دور العرض لمشاهدة الفيلم المنتظر بشكل مدهش عكس كل التوقعات، والتى كانت تشير لإحجام هذه الفئة العمرية عن الذهاب لدور العرض بعدما تعودت على المشاهدة المنزلية خلال عام ونصف العام وأصبحت أسيرة لما تبثه المنصات، لكن ما حدث مع سبايدر مان كان أشبه بالمعجزات.
وتأتى فرحة هوليوود العارمة الآن ليس بالمليار وحسب، ولكن لتحقيقه بعيداً عن الصين التى تعمدت عدم عرض الأفلام الأمريكية الجماهيرية هذا العام، لتتيح الفرصة للأفلام الصينية لتحقيق أعلى الإيرادات واعتلاء عرش السينما العالمية بأحد أفلامها وكانت أقرب ما يكون لتحقيق هذا الهدف، بفيلم «Battle at Lake Chongjin» الذى صدر فى أكتوبر الماضى وحقق أكثر من 900 مليون دولار «أكثر من 90% منها داخل الصين» وضعته على العرش، حتى جاء سبايدر مان فأطاح به وأزاحه ليستقر وحده على القمة فى 2021 بأكثر من مليار، ليأتى ترتيب الأفلام لهذا العام كما يلى: «Spider Man :No way Home» فى المركز الأول محققا 1.045 مليار دولار ، وفى المركز الثانى الفيلم الصينى «The Battle at Lake Chongjin» محققا 902 مليون، وكان المركز الثالث لفيلم صينى أيضا «Hi Mom» حقق 822 مليونا، فى حين كان المركز الرابع للفيلم الأمريكى «No Time to Die» محققاً 774 مليونا، والمركز الخامس للفيلم الأمريكى أيضا «F9:The Fast Saga» بإيرادات 726 مليون دولار.
الطريف أن الفيلم الصينى وهو الأعلى إنتاجاً فى تاريخ السينما الصينية «ميزانيته 200 مليون دولار» يتناول الهزيمة العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية فى 1950 خلال معركة تشوسين التى وقعت بين الجنود الصينيين بجيش المتطوعين الشعبى وقوات الأمم المتحدة بقيادة أمريكا.. لذلك كان تفوق هذا الفيلم تحديداً بمثابة صفعة مؤلمة لهوليوود، وجاء سبايدر مان ليمحو آثارها تماماً، ويرد الاعتبار للسينما الأمريكية، ويعيد إحساس الزهو والتفوق للمواطن الأمريكى الذى كان يتابع الحرب الباردة بين بلاده والصين.
ويأتى مليار «سبايدر مان: لا عودة للوطن» كمعجزة حقيقية عندما تعرف أن الصين كانت تمثل ثلث إيرادات الأفلام الأمريكية عالمياً تقريباً باعتبارها أكبر سوق عالمى للأفلام، ولو كان الفيلم عُرض بالصين لاقترب من مليار ونصف مليار دولار بعد 11 يوماً من عرضه فقط وهو رقم غير مسبوق.. ولم يكن سبايدر مان هو الفيلم الأمريكى الوحيد الذى لم تعرضه الصين هذا العام كمخطط لحربها على السينما الأمريكية، فقد سبقه «Eternal» و «West Side Story» و «No Time to Die»، وغيرها من الأفلام الجماهيرية التى تأثرت إيراداتها بشدة من القرار الصينى، وأثرت فى إيرادات السينما الأمريكية.