«سينماتوغراف» ـ متابعات
بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم “كرويلا” (Cruella) العام الماضي، إذ فاز بالأوسكار والبافتا البريطانية وتجاوزت إيراداته 233 مليون دولار، تعود إستوديوهات ديزني إلى بث الحياة بعمل آخر من الكلاسيكيات الشهيرة عبر خاصية أفلام “لايف-أكشن”. وقد وقع الاختيار هذه المرة على فيلم “بينوكيو” (Pinocchio)، وأسندت ديزني بطولة العمل إلى النجم توم هانكس.
صدرت نسخة الرسوم المتحركة والأصلية من فيلم “بينوكيو” عام 1940، لتفوز وقتها بجائزتي أوسكار وتحصد 164 مليون دولار من أصل ميزانية لم تتخط 2.6 مليون، وهو رقم ضخم للغاية بمقاييس الأربعينيات.
وقد اقتبست القصة عن رواية “مغامرات بينوكيو” التي صدرت في 1883 وكتبها الإيطالي كارلو كولودي، وتحكي عن “جيبيتو” النحات العجوز الذي ليس لديه أبناء، مما يدفعه لنحت لعبة خشبية ذات هيئة طفل يمنحها اسم بينوكيو، قبل أن تُقرر إحدى الجنيات تحويل الدمية إلى طفل حقيقي، وتتوالى الأحداث.
بدأ التحضير للنسخة الحية من فيلم (Pinocchio) في 2015، غير أن المشروع تأجل عدة مرات، مرة لتغيير كاتب السيناريو وأخرى لاستبدال المخرج وثالثة بسبب جائحة كورونا، وأخيرا أوشك العمل على الانتهاء لعرضه عبر منصة “ديزني بلس” (+Disney) في سبتمبر المقبل.
الفيلم بطولة توم هانكس الذي يلعب دور النحات “جيبيتو”، يشاركه البطولة سينثيا إيريفو ولوك إيفانز، في حين يقوم بالأداء الصوتي كل من بنجامين إيفان إينسوورث، وجوزيف غوردون-ليفيت، وسينثيا إيريفو، وكيغان-مايكل كي، ولورين براكو.
أما الإخراج فأُسند إلى روبرت زيميكس الذي تعاون مع هانكس أكثر من مرة خلال أفلام مهمة بمسيرته، هي: “فورست غامب” (Forrest Gump) في 1994، و”المنبوذ” (Cast Away) في 2000، و”القطار القطبي السريع” (The Polar Express) في 2004، مما يؤكد وجود كيمياء خاصة بين الاثنين ويُبشّر بعمل جيد هذه المرة أيضا.
المثير للانتباه أن نسخة ديزني لن تكون الوحيدة التي تُعيد بينوكيو للحياة هذا العام، فهناك نسختان أخريان، الأولى رسوم متحركة صدرت بالفعل في فبراير الماضي، بعنوان “بينوكيو: قصة حقيقية” (Pinocchio: A True Story).
وتمحورت حول بينوكيو الصغير الذي يهرب من مُبتكره جيبيتو في سبيل رؤية العالم، فينضم إلى سيرك متنقل يُديره محتال، ومع حدوث بعض السرقات، يصبح بينوكيو المشتبه الرئيسي للشرطة.
ورغم أن الفيلم لم يمنحه جمهور موقع “آي. إم. دي. بي” (IMDb) الفني سوى تقييما بلغ 4.5 نقاط وهو رقم قليل للغاية، بجانب كونه لم يُعرض في الولايات المتحدة حتى الآن وإنما عُرض فقط في روسيا وأستراليا ونيوزيلندا، فإن إيراداته بلغت 614,140 مليون دولار وفقا لإحصائيات موقع “ذا نمبرز” (The Numbers) المعني بتتبع إيرادات شباك التذاكر.
النسخة الثانية ستُعرض على نتفليكس ضمن أعمال المنصة الأصلية في ديسمبر المُقبل، وهو عمل درامي عائلي ينتمي لفئة الرسوم المتحركة ذات تقنية إيقاف الحركة، تأليف وإخراج غييرمو ديل تورو المكسيكي صاحب الأعمال السينمائية غير التقليدية، والذي يعد الجمهور بمعالجة أكثر قتامة للقصة الأصلية.
جدير بالذكر أن في 2019 صدرت نسخة حية تنتمي لفئة الفانتازيا من “بينوكيو” ولكن من إنتاج إيطالي، وتأليف وإخراج ماتيو غاروني وبطولة روبرتو بينيني، ليحصد العمل أكثر من 30 مليون دولار ويترشح للأوسكار والبافتا البريطانية والغولدن غلوب، في حين أحبه الجمهور وأشاد به النقاد.
ولعل ما مَيّزه كان تقديم غاروني معالجة مختلفة أقرب إلى القصة الإيطالية الأصلية، ليصبح أقرب إلى واقع المجتمع الإيطالي حينذاك حيث الفقر والكساد والمعاناة، وهو ما قُدّم بخلطة جمعت بين السحر والغرائبية والجانب الإنساني.
لكل ما سبق، يصبح من المنطقي أن نتساءل، لماذا كل هذا الإصرار على تقديم حكاية بينوكيو -الآن- من جهات إنتاجية متعددة على اختلاف توجهاتهم ونوعية الجمهور الذي يخاطبونه؟ والأهم هل سيصُب هذا الزخم بصالح السينما والمشاهدين، بينما تحاول كل جهة تقديم أفضل ما لديها بما يليق برفع سقف المنافسة والفوز بالمقارنات التي لا بد وأن يعقدها الجمهور أم سنُصاب بخيبة أمل؟