«سينماتوغراف» ـ محمود درويش
في مثل هذا اليوم 30 أبريل من عام 1938، ولد الروائي المصري الراحل يحيى الطاهر عبدالله، الذي لم تأخذ السينما عن رواياته سوى عملا واحدا هو «الطوق والأسورة» الذي أعد له السيناريو والحوار الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي، وأخرجه خيري بشارة عام 1986، وكان من بطولة شريهان وفردوس عبدالحميد وعزت العلايلي وأحمد عبدالعزيز والمطرب محمد منير.
وقد حل هذا الفيلم في المرتبة العشرين ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري.
وتدور قصته عام 1933 فى قرية الكرنك بالأقصر، حيث تعيش «حزينة» «فردوس عبدالحميد» مع زوجها بخيت البشارى المشلول والمصاب بالسل «عزت العلايلي». وابنتهما فهيمة «شريهان»، وتأمل الأم أن يعود ابنها مصطفى، الذي يؤدي دوره عزت العلايلي أيضا، الغائب والذى نزح إلى السودان بحثًا عن لقمة العيش، ويتزوج الحداد الجبالى «أحمدعبدالعزيز» من فهيمة بعد وفاة أبيها، ولأنه عاجز جنسيا فإنها تتأخر فى الإنجاب فتلجأ أمها إلى المعبد ليباركها الشيخ هارون ويختلط الإيمان بالفساد، ويأتى الحل على يد حارس المعبد نفسه، وتنجب المولودة فرحانة التى لا يعترف بها الأب لعلمه بعجزه جنسيا، تمرض فهيمه وتموت لعلاجها بشكل بدائى، تمر السنون وتسعى فرحانة الحفيدة مع جدتها حزينة لكسب قوتها. تحمل فرحانة سفاحا. يعود خالها مصطفى بعد سفره الطويل ويحاول تغيير مفاهيم أهل القرية دون جدوى. تموت فرحانة قتيلة على يد ابن عمتها «عبدالله محمود».
ورغم الصداقة الكبيرة التي ربطت الأبنودي بيحيى الطاهر عبدالله، وموافقته على كتابة السيناريو الحوار لـ«الطوق والأسورة» إلا أنه بعد أن شاهد الفيلم أبدى انزعاجه وعدم رضائه عنه، ولم يعجب الأبنودى بهذه التجربة رغم جمالها، وثناء النقاد عليها، فقد كان يرى أن المخرج خيرى بشارة وقع فى خطأ كبير حين استعان ببعض فرق التمثيل بالأقصر لتحفيظ الممثلين، في حين أن لهجة الأقصر تختلف تماما عن تلك اللهجة التى كتبها، بل إن الأبنودى أكد أنه لم يفهم بعض الكلمات التى قيلت على لسان بعض الشخصيات رغم أنه كاتب الحوار.
وتعتبر قصة «الرسول» آخر ما كتبه يحيى الطاهر حيث كتبها في الأيام الأولى من شهر أبريل عام 1981 قبل أن يكمل عامه الثالث والأربعين بأيام، وتوفى الاديب الكبير في حادث سيارة على طريق القاهرة – الواحات، يوم الخميس التاسع من أبريل عام 1981م ودفن في قريته الكرنك.
والي جانب روايته الشهيرة «الطوق والاسورة» أبدع يحيى الطاهر العديد من الاعمال الاخرى اهمها: «ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً» و«الدف والصندوق» عام 1974م، و«أنا وهى وزهور العالم» عام 1977م، و«حكايات للأمير حتى ينام» عام 1978م ، و«الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة» عام 1977م، و«تصاوير من التراب والماء والشمس» عام 1981م، و«الرقصة المباحة» وهي مجموعة قصصية ، كان قد أعدها للنشر فى مجموعة قبل وفاته واخيرا «حكاية على لسان كلب».
عاش يحيى الطاهر عبد الله، بعد أن تعرف على عبد الرحمن الأبنودى، الذى كان يعمل وقتها موظفا فى محكمة قنا، فى منزل الشيخ الأبنودى، حتى غادر عبد الرحمن وأمل دنقل إلى القاهرة فى أواخر عام 1961، ولحق بهما يحيى الطاهر عبد الله بعدها بعام لتمتد علاقتهم في رحلة صداقة طويلة.
في عام 1966 صدر أمر اعتقال لمجموعة من الأدباء والمثقفين مدرجا فيه اسم يحيى الطاهر عبد الله، الذى لم يعرف أن له نشاطًا سياسيا مزعجا للسلطة، فهرب فترة قبل أن يقبض عليه، ثم تم إطلاق سراحه في أبريل 1967.