«سينماتوغراف» ـ محمد صلاح
في شهر فبراير الذي يشهد اليوم العالمي للسرطان، يعود إلى الذاكرة فيلم (قائمة الدلو ـ The Bucket List) الذي كتبه جاستن زاكام وأخرجه روب راينر في العام 2007، بالتزامن مع إعلان منظمة مجتمع السرطان الأميركي ACS عن وفاة 7.6 مليون مريض بالسرطان في العالم.
اعتُبر الفيلم أيقونةً سينمائيةً نادرةً تألق فيها النجمان العالميان جاك نيكلسون ومورغان فريمان، في عمل يستخلص الأمل بمزيج بين التراجيديا والكوميديا، الفلسفة والواقع، الحياة والموت، والضحك حتى البكاء.
بطلا العمل متضادان لا يجمعهما شيء؛ فالأول ادوارد كول (جاك نيكلسون) ملياردير تجاوز الـ 80، لم يتوقف عن العمل منذ أن كان في الـ 16 من عمره، مُلحد لم يكن يشغله فى الحياة إلا ملايينه وقهوته المفضلة، أما الإيمان والحقيقة والإنسان والقيمة فهي مَعانٍ قد غاصت بَعيداً فى غياهب أعماقه. وهو ما يجعله على النقيض تماما من الثاني.
أما كارتر تشامبرز (مورغان فريمان)، فميكانيكي لم يكمل العقد السادس من عمره، إنسان، يطفو إيمانه وإنسانيته على سطح شخصيته، مثقف لم يُتم تعليمه، يُقدس الحياة الأسرية والاجتماعية، حتى قهوة كول المفضلة، لم يشرب منها كارتر فنجاناً واحداً!
جمعهما السرطان في غرفة بمستشفى يملكها الأول، ليكتب لهما مَعاً المشاهد الأخيرة فى نهاية الرحلة، ويكتشفا أن البداية تكمن فيما يبدو أنه النهاية، وإن كان السرطان حقاً النهاية فلتكن نهاية جميلة تعدل ما فات من العمر كله.
بعد أن يفيقا من صدمة إعلان موعد الرحيل، ويتجاوزان عضة آلام الكيماوي، يلتقط كول القائمة التي “خربش” بها كارتر أجمل أمنياته من سلة المهملات، فيشطبان منها ويضيفان عليها حتى يتوافقان.
ينطلق الاثنان بعدها إلى رحلة حول العالم يبحث كل منهما فيها عن ذاته ويجد البهجة ويتحايل على السرطان، ليسرق منه المزيد من الوقت فيعوض الفاقد من حلاوة العمر.
تبدأ الرحلة رغم شدة وطأة الألم، الذي جعل الملياردير كول يحسد من يموتون بنوبة قلبية، بل ويصارح كارتر أنه يعيش مرحلة من مراحل الانتحار الخمسة (الإنكار، الغضب، المساومة، الاكتئاب والقبول). كما يرد توصيف رهيب من كارتر لآلام الكيماوي فيقول: (أن ترى شرايينك وقد تحولت للون الأسود، وعظامك كأنها نابالم).
ورغم أنهما يقرران معرفة توقيت موتها، فإن 96% من الناس، حسب الإحصاءات، لا يحبون معرفة توقيت موتهم. عندها يقرر الاثنان ألا يجلسا بين جدران الشفقة والحزن، وألا يبكيا على ما فات، وأن ينغمسا فيما بقي، فالوقت لا ينتظر احداً.
يسافر الاثنان في رحلة حول العالم ويكتشفان أن أول كلب ضربه البرق كان فى مصر، وأنك لن تدخل الجنة مع المصريين قبل أن تمنح البهجة لغيرك، وأن حياة الإنسان لا تقاس بالإيمان والحب فقط، بل بالناس الذين يقيسون أنفسهم بك، وأن يكون أفضل وأجمل ما فى حياتك هو آخر ما فى حياتك.
وهكذا تعلم الملياردير كول الإيمان ووجد البهجة فى حياته، وقَبَّلَ أجمل فتاة فى العالم، ومضى في ظهيرة بلا غيوم، عيناه مغلقتان وقلبه مفتوح، وضحك مع صديقه كارتر وأضحكانا حتى البكاء!.