«سينماتوغراف» ـ متابعات
أيام قليلة تفصلنا عن حفل توزيع جوائز الأوسكار في نسخته الـ95، والذي يقام على مسرح دولبي بلوس أنجلوس في الـ12 مارس الجاري. وبات من الصعب التنبؤ بما ستؤول إليه خريطة الجوائز هذه النسخة نظرًا لعدم وجود العديد من الخيارات الآمنة المحببة لدى الجمهور، وكذلك وأن الأكاديمية فاجأت الجميع النسخة الماضية بمنح فيلم «CODA»، وهو بالطبع لم يكن من بين أفضل الأفلام التي عرضت خلال الموسم.
بهذه الافتتاحية عنونت صحيفة «ماركا» الإسبانية توقعاتها حول جوائز الأوسكار هذا العام، مرجحة كفة الجوائز لصالح فيلم الفانتازيا والدراما (Everything Everywhere All at Once ـ كل شيء في كل مكان في آن واحد)، للمخرجين المشاركين دانيال كوان ودانيال شاينرت، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تذهب الجائزة للعام الثاني على التوالي لأفلام لم تعرض في مهرجانات دولية كبرى مثل «كان، وفينيسيا»، حيث عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان SXSW، في حين عُرض الفائز بالجائزة العام الماضيCODA بمهرجان «صندانس السينمائي».
على جانب آخر، أشار موقع «إندي وير» الأمريكي، أنه إلى جانب فيلم Apollo 13 إنتاج عام 1995، كل الأفلام التي فازت بالجائزة الأولى في جوائز نقابة المخرجين الأمريكيين و نقابة المنتجين الأمريكيين وجوائز نقابة ممثلي الشاشة الأمريكية، انتقلت للفوز بجائزة الأوسكار في فئة أفضل فيلم.
ونظرًا لأن فيلم Everything Everywhere All at One قد سجل مؤخرًا تلك الثلاثية المرغوبة، علاوة على أنه سجل رقماً قياسياً لمعظم الأفلام التي فازت بجوائز نقابة ممثلي الشاشة، فإن فوز فيلم آخر بجائزة أفضل فيلم في حفل توزيع جوائز الأوسكار سيكون بمثابة صدمة.
ومع ذلك، فإن نجاح الفيلم على مستوى العالم ترشيحات جوائز الأوسكار بإجمالي 11 ترشيحًا، لم يحصل على جائزة أفضل فيلم في كل المحافل التي شارك فيها، وبناءً على أدائه المحزن خلال حفل توزيع جوائز «بافتا» البريطانية – عدا جائزة أفضل مونتاج – فإن الفيلم يفتقر إلى دعم واسع من كتلة التصويت الدولية، علاوة على ذلك، يُترك العديد من أعضاء الأكاديمية الأكبر سنًا في حيرة من أمرهم بعد أن شاهدوا كوميديا الحركة الصاخبة تلك، والتي تميل إلى استقطاب جمهور أصغر سنًا.
أما كوميديا مارتن ماكدونا السوداء (Banshees of Inisherin ـ حوريات إينيشرين)، الذي خسر بشكل غير متوقع جائزتي أفضل فيلم وأفضل مخرج أمام فيلم إدوارد بيرجر (All Quiet on the Western Front ـ كل شيء هادئ على الجبهة الغربية)، من إنتاج منصة نتفليكس، خلال جوائز «بافتا»، على الرغم من قبوله واستحسانه من جانب الكثيرين، إلا أنه قد يربك أيضًا الأشخاص الذين لا يفهمون سياقه الأيرلندي الأسطوري ويكتفي بحصد جائزة السيناريو الأصلي التي باتت محسومة بنسبة كبيرة لصالحه. ومن غير المرجح أن يقوم فيلم الحروب الألمانيAll Quiet on the Western Front بحسم فئة أفضل فيلم لحسابه في ظل عدم ترشحه لجائزة أفضل مخرج.
وقبل انطلاق موسم الجوائز، حافظت النجمة الأسترالية كيت بلانشيت على فرصها في السيطرة على موسم الجوائز الكبرى، بعد الأداء الخاطف للأنظار في فيلمها الأحدثTar للمخرج تود فيلد، واستطاعت من خلاله حصد جائزة أفضل ممثلة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي العام الماضي، وأكملت تألقها خلال حفل جوائز غولدن غلوب، إلى أن لفتت الممثلة المخضرمة ميشيل يوه، الانتباه حولها من خلال دورها في فيلمEverything Everywhere All at One والذي نالت عنه جائزة أفضل ممثلة بفيلم كوميدي أو موسيقي خلال حفل جوائز غولدن غلوب، وحصدت أيضًا جائزة أفضل ممثلة بحفل نقابة ممثلي الشاشة.
كلا النجمتين نجحا في لفت الانظار إلى أدوارهما، بلانشيت كقائد أوركسترا عبقري بدأت مكانتها العالية في عالم الموسيقى الكلاسيكية في السكون، أما يوه بصفتها مالكة المغسلة الأمريكية الصينية التي يتعين عليها إنقاذ الأكوان المتعددة، ولكن على ما يبدو أن هذه هي سنة (يوه)، وإذا نالت الجائزة سيكون فوزًا تاريخيًا ذا أهمية واسعة النطاق.
وبعد أن أبقت الأكاديمية على ترشيح الممثلة الإنجليزية أندريا رايزبورو لجائزة الأوسكار دون تغيير؛ بعد تحقيق داخلى أجرته الأكاديمية عقب تردد أنباء عن وجود شبهة فساد فى ترشيحها، إلا أنها لا تزال تواجه منافسة شرسة من جانب المرشحات داخل هذه الفئة.
وبمنح النجم كولين فاريل جائزة أفضل ممثل في فيلم موسيقي أو كوميدي عن دوره في فيلم Banshees of Inisherin، خلال حفل جوائز غولدن غلوب، الذي نال خلاله أيضًا الممثل الشاب أوستن باتلر جائزة أفضل ممثل في فيلم دراما عن دوره في فيلم Elvis، واقتنص بريندان فريزر جائزة أفضل ممثل خلال حفل جوائز النقاد عن دوره في فيلم The Whale، ثم سجل في اللحظات الأخيرة فوزًا مفاجئًا خلال حفل جوائز نقابة ممثلي الشاشة الأمريكية، لتظل الجائزة حائرة في هذه الفئة وغير واضحة المعالم إلى حد كبير.
توقعات المصوتين داخل الأكاديمية تميل نحو اختيار ممثلين جسدوا شخصيات حقيقية وهو ما قد يحدث في حالة «باتلر»، ولكن «فاريل» لا يزال قادرًا على إحداث فارق في هذه الفئة عن ظهوره الفريد والمميز في فيلمه الأخير. ربما تكون قصة عودة «فريزر» ملهمة لأعضاء الأكاديمية لمنح أصواتهم لهذا الممثل الذي غاب عن الأضواء فترة من الزمن داخل هوليوود وهى قصة عودة درامية ومثيرة تكاد تتطابق أزمتها مع الشخصية التي يجسدها في فيلمه الأحدث. ورغم عدم فوزه بأي جائزة خلال الموسم الحالي، إلا أن الممثل الشاب بول ميسكال كان يستحق التواجد في القائمة عن أدائه المميز في فيلم الدراما الشهير Aftersun، والذي يعد واحدًا من مفاجأت الموسم.
أما جوائز أفضل ممثل مساعد، فتكاد تكون حسمت بنسبة كبيرة لصالح الممثل كي هيو كوان عن فيلمهEverything Everywhere All at One ، وتظل جائزة أفضل ممثلة مساعدة حائرة بين أنجلينا باسيت عن دور الملكة راموندا في فيلم Black Panther: Wakanda Forever، والنجمة جيمي لي كورتيس عن فيلم Everything Everywhere All at One، وربما تحسمها كيري كوندون عن فيلم The Banshees of Inisherin.
لن يستطع أحدًا أن ينكر المجهود الذي قاما به المخرجين الشابين دانيال كوان ودانيال شاينرت في فيلمهما Everything Everywhere All at One، جعلهما من المرشحين بقوة لحصد جائزة الإخراج هذا العام، بعد أن اقتنصا الجائزة من نقابة المخرجين الأمريكيين. إن فوز الـ«دانيالز» سيكون اختيارًا مثيرًا لصناعة السينما وانتصارًا لسرد القصص الأصلية واتاحة الفرصة للأصوات المتنوعة داخل هوليوود ومجرد حالة لمجرد إجراء تقلبات كبيرة وغريبة داخل الصناعة ككل.
ولكن لا يمكن أن نغفل أيضًا واحدًا من الأسماء التي أثرت الحياة السينمائية داخل هوليوود، وهو المخرج المخضرم ستيفن سبيلبرغ، الذي يعاود الإتصال مع نفسه وعائلته من جديد في فيلمه الأخير The Fabelmans، وربما قد يكون فوزه هذا العام بمثابة تكريمًا لإرثه الفني طوال عقود.