قبل إنطلاق أيام قرطاج السينمائية
صعوبة عبور الأفلام العربية الإفريقية إلى الضفة الأخرى
من البحر الأبيض المتوسط
تونس ـ خاص “سينماتوغراف”: محمد حسن
يشير الفصل الرابع من القانون العام لأيام قرطاج السينمائية إلى العمل على تنظيم في كل دورة ملتقيات وندوات ومحاضرات حول الفن والصناعة السينمائية في البلدان العربية الإفريقية وذلك للتفكير في مشاكل السينما ونظمت الندوات في الدورات الأربع الأولى بالتعاون مع اليونسكو.
وفي الدورة الاولى سنة 1966 تناول الملتقى / السينما المتوسيطة والسينما العربية/ واحتوى بالبحث السينما الايطالية واتجاهات السينما في البلدان الاشتراكية في ذلك العهد وتطور السينما التركية كما ألقيت محاضرة حول السينما اللبنانية.
وفي هذه الدورة الـ25 سيتم التطرق إلى موضوع /كيفية عبور الافلام العربية الافريقية الى البحر الأبيض المتوسط/ وكأن ما ينجز في هذه البلدان وجد النجاح المنقطع النظير حتى يفكر أصحابه في تصدير تلك الأفلام ..ربينما الواقع يبقى غير ذلك لأن جل ما ينتج في البلاد العربية والافريقية لا يتمكن من تغطية مصاريف طبع المعلقات الاشهارية .
وفي تونس يعيش أهل الانتاج على ما تمنحه الدولة كل سنة وإذا ما تعطل صرف تلك المنحة فإن عجلة الإنتاج تتوقف وتنطلق الاحتجاجات وهذا ما يقوله المعنيون بالأمر // بدون إعانة الدولة لا يمكن إنجاز أي فيلم روائي في تونس // وفي نظري أصبحت هذه المنحة عقبة في سبيل إنجاز فيلم صالح للمشاهدة من طرف جمهور واسع لأن ما ينجز اليوم يبقى من الصنف الشخصي الغارق في الرمزية.. والويل لمن يبدي رأيه بكل حرية لأن كل سينمائي في تونس يشعر انه فوق الملاحظات ولهذا بقيت الأفلام شديدة الخصوصية ويعود السبب إلى أن كل سينمائي يتشبث بنظريته الشخصية لأنه يعتمد على منحة الدولة ولا يهمه الشباك ولا رأى المتفرجين فهو في كل الاحيان ضامن للمواقف الصحفية التي تبقى في نطاق المجاملة السطحية بعيدا عن الغوص في لب الموضوع .
ويبقى العبور الذي يقصده الموضوع من المستحيلات لأن القاعات الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة مخصصة للأفلام المحلية لكل بلد وللأفلام الأمريكية فقط وتبقى الأفلام الناجحة من كافة البلدان البعيدة عن سلاطين الإنتاج تحط رحالها في القاعات الجانبية أو قاعات الأحياء فمثلا فرنسا تبقى قاعات الشانزيليزية للأفلام الفرنسية والأمريكية وحتى الأفلام الفائزة بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان من البلاد الأخرى مصيرها القاعات الصغرى المتخصصة في الصنف التجريبي.
وأرى أنه من العبث بسط مثل هذا التساؤل في وقت لا تجتاز فيه الأفلام العربية الأفريقية حدود بلدانها سواء الشقيقة أو الصديقة ويقتصر ظهور الأفلام على المهرجانات الكبرى أو على أسابيع التبادل الثقافي بين البلدان ولن يكون من المفيد إعادة دراسة هذا الموضوع الآن لأنه سبق التطرق إليه في دورات سابقة ومع ذلك لم يتم الحرص على معرفة الأسباب الحقيقية التي توصلت إليها الدراسات السابقة وهذا من سلبيات تناول المشاكل والتوقف عندها بدون الغوص في إبراز أسبابها.
وفي البلاد العربية سبق أن فشلت تجارب الإنتاج المشترك بل فشلت حكومات عملت على الإنتاج و جمعت عدة كفاءات من مختلف البلدان العربية لصناعة فيلم ما .. مثل تجربة العراق في إنجاز فيلم / القادسية/ حيث وصلت ميزانيته إلى أرقام أفلام هوليود الضخمة وجمع أشهر الممثلين في البلاد العربية وأمهر الفنيين وأخرجه القدير صلاح أبو سيف ومع ذلك لم يحقق / القادسية/ النجاح المنتظر .
كما أنتجت ليبيا سنة 1975 فيلم / الضوء الأخضر / مع ممثلين من جل البلدان العربية وعلى رأسهم فريد شوقي ويحيي شاهين وعبد الوهاب الدوكالي ومحمد بن على واخرجه المغربي عبد الله المصباحي وفشل /الضوء الأخضر / فشلا أسطوريا أي أن قلة الإمكانيات التي يشتكي منها السينمائيون العرب تبقى كذبة كبرى لأن كثرة المال لا تصنع فيلما ناجحا على الصعيد الدولي.
وهناك تجربة مرة قامت بها الجزائر سنة 1969 في إشتراكها في إنجاز فيلم /زاد/ على اغتيال النائب اليوناني /لمبراكيس/ سنة 1963 وسجل الفيلم نجاحا أدبيا ومعنويا وماليا وفاز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي سنة 1969 لكن شركة الانتاج الفرنسية قدمته باسم فرنسا واندلعت مشاكل دبلوماسية بين فرنسا والجزائر بسبب إستيلاء الشركة الفرنسية على الفيلم.
وهناك وجه آخر للقضية وهي كيف ينجح أجانب يعملون في فرنسا ويتألقون رغم كل الالوان العنصرية في حين ترفض أفلامهم حين تعبر المتوسط وهذا ما وقع للسينمائي التونسي عبد اللطيف كشيش الذي فازت كل أفلامه بجوائز قيمة واخرها السعفة الذهبية من مهرجان كان وهذا موضوع يستحق الدراسة لأن العديد من السينمائيين المغاربة والجزائريين والتونسيين نجحوا في فرنسا.