«قمرة الدوحة» يحظى بتأييد مجتمع السينما الدولي

بصفته نموذجاً رائداً في تطوير المواهب وصناعة الأفلام

 

الدوحة ـ «سينماتوغراف»

أشاد أفراد مجتمع السينما الدولي بالدورة الأولى من ملتقى قمرة، وهو حدث جديد تنظمه مؤسسة الدوحة للأفلام، لطرحه «نموذجاً جديداً» لتطوير المواهب الصاعدة في إطار حدث سينمائي «فريد من نوعه» في المنطقة.

استضاف الملتقى أكثر من مئة منتدب من العاملين في صناعة الأفلام بما فيهم خبراء سينمائيون معاصرون، وممثلون عن مهرجانات سينمائية دولية، ومنتجون، وخبراء في المبيعات والتوزيع، ومستشارون في كتابة السيناريو والتطوير، وممثلون عن جهات تمويلية. واختتم الملتقى أعماله الأسبوع الماضي بعد ستة أيام حافلة بورشات العمل والجلسات التوجيهية والجلسات التدريبية الجماعية والفردية وعروض مغلقة لأفلام قيد التحضير وردود الفعل عليها وجلسات العمل الصباحية وعروض الأفلام المفتوحة للجمهور.

وأتيح لأصحاب تسعة وعشرين مشروعاً من مشروعات قمرة في مراحل مختلفة من الإنتاج فرصة غير مسبوقة للعمل مع الخبراء في صناعة الأفلام والخبراء السينمائيين في قمرة في إطار برنامج تطوير مكثف صُمم خصيصاً لدفع مشروعاتهم إلى المراحل التالية. وكان من بين التسعة وعشرين مشروعاً مشروعات أفلام طويلة وقصيرة تتنوع بين الروائية والوثائقية بما فيها: عشرة مشروعات من قطر، وأربعة عشر مشروعاً من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخمسة من باقي دول العالم. وكان قد حصل عشرون مشروعاً من هذه المشروعات على دعم من برنامج منح مؤسسة الدوحة للأفلام، بما يؤكد استمرار جهودها في دعم صناعة الأفلام في المنطقة.

وأشاد المنتدبون الدوليون بالصيغة التي اعتمدها قمرة في تيسير الاجتماعات الفردية المكثفة وتوفير الأوضاع المثلى لتعزيز أطر التواصل عبر «تهيئة البيئة الصحيحة» لتطوير المواهب الصاعدة بصورة مجدية.

وقالت فاطمة الرميحي، المدير التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام: «استمعنا إلى صناع الأفلام الصاعدين وتعرفنا على إحتياجاتهم، فجاء قمرة بهدف إحداث تغيير على مسيرتهم عبر إتاحة الفرصة لهم للعثور على الموارد التي يحتاجونها على المستويين الإبداعي والعملي حتى يتسنى لهم المضي قدماً في مشروعاتهم. وأضافت “نحن سعداء جداً بردود الفعل التي وصلتنا ممن ساهموا في الدورة الأولى من قمرة، سواء كانوا من أصحاب المشروعات أوالخبراء السينمائيين في قمرة أوالعاملين في مختلف مجالات صناعة الأفلام. إن دعمهم الغامر لقمرة لهو بمثابة شهادة على سلوكنا الطريق الصحيح».

أصوات الخبراء

كان من أبرز فعاليات قمرة عروض الأفلام المفتوحة للجمهور وندوات قمرة الدراسية التي قدمتها مجموعة مختارة من صناع الأفلام المتمرسين عُرفت باسم «الخبراء السينمائيين في قمرة» وهم غايل غارسيا بيرنال، وكريستيان مونجيو، وعبد الرحمن سيساكو، ودانيس تانوفيتش،. وتفاعل الخبراء مع أصحاب مشروعات قمرة التسعة والعشرين في جلسات بعنوان «قابل الخبير السينمائي في قمرة» حيث أتيحت لهم فرصة مناقشة أعمالهم بالتفصيل. كما قدم المستشار الفني لمؤسسة الدوحة للأفلام إيليا سليمان إحدى ندوات قمرة الدارسية وشارك في جلسات توجيهية فردية لفائدة صناع الأفلام المنتدبين في قمرة.

وأجمع الخبراء السينمائيون في قمرة على دعمهم للملتقى. وقال عبد الرحمن سيساكو، الذي حاز عرض فيلمه «تمبكتو» المرشح لجائزة الأوسكار على جمهور عريض خلال قمرة «بدا واضحاً الجهد المبذول في تنظيم قمرة وتطوير فكرته من خلال مقاربته واختيار المشاركين فيه. شعر الجميع في الملتقى بأنهم على قدم المساواة وهيأ الملتقى البيئة المناسبة لـ«زرع البذور» ومعاينة إمكانيات صناع الأفلام الشباب».

وقال غايل غارسيا بيرنال، بطل فيلم «لا» من إخراج بابلو لاريان الذي عُرض في قمرة، أن حجم قمرة وديناميكيته مثاليان. «يمثل قمرة فرصةً عظيمة لأي شخص شغوف بالسينما، فهو مكان خاص يتيح لك لقاء الناس في إطار ذا معنى. ولا بد أن قمرة على قدر كبير من الأهمية لمنطقة تسطر تاريخاً جديداً».

ويصف مخرج فيلم «الأرض المحرمة» الحائز على جائزة الأوسكار دانيس تانوفيتش قمرة بالحدث «الريادي حقاً»، وكان فيلمه «فصل من حياة جامع خردة» قد عُرض ضمن عروض أفلام خبراء سينمائيين معاصرين. وأضاف مونجيو «ننظر في أغلب الأحيان على هذه المنطقة من منظور أمريكي أو أوروبي ونادراً ما نرى صناع أفلام عرب يروون قصصهم. وقمرة المكان المناسب لذلك حيث يجمع الملتقى نخبة من العاملين في صناعة الأفلام من الكتاب والموزعين ووكلاء المبيعات وصناع الأفلام، أي أنه يجمع أناس شغوفين بالسينما وراغبين عمل مع صناع الأفلام الشباب. لا بد من زرع البذور إذا ما أردنا لشيء أن ينبت لذا أنا سعيد بما تقوم به مؤسسة الدوحة للأفلام».

وسلط الفائز بجائزة السعفة الذهبية المخرج كريستيان مونجيو، الذي عُرض فيلمه «حكايات من العصر الذهبي»  خلال قمرة، الضوء على أهمية قمرة في تطوير جمهور السينما. «لدى قمرة جميع الإمكانيات ليعمل المشاركون في من خلاله على التعبير عن أفكارهم ورواية قصصهم. إن تعليم جيل جديد من صناع الأفلام يتماشى مع تثقيف الجمهور ليستقبلوا إبداعاتهم».

وأضاف، «ونتيجةً لما شهدناه خلال قمرة، آمل أن نرى مشروعات تتحول إلى أفلام تثير اهتمام الجماهير المحلية حتى يتسنى لنا مستقبلاً الحديث عن جيل أو موجة من صناع الأفلام وجودوا صوتهم هنا في هذه المنطقة».

وقال مهدي فليفل، صاحب مشروع فيلم «رجال في الشمس» المشارك في برنامج التطوير المكثف خلال الملتقى، «يختلف قمرة عن أي حدث شاركت فيه من قبل، حيث تميز الحضور بالجدية والشغف  تجاه السينما وشعرت بالتواضع والإلهام لكوني أحد المشاركين. وكانت مقابلة الخبراء ورؤية انخراط ونشاط زملائي في تحقيق رؤاهم دافعاً قوياً لأن أضع معياراً عال لمستوى أعمالي. كانت المشاركة في الدورة الأولى من قمرة شرفاً كبيراً وأنا واثق باستمرارية إرثه».

دعم الصناعة

أشاد المنتدبون من العاملين في صناعة الأفلام، الذين شاركوا خبراتهم مع أصحاب مشروعات قمرة في إطار جلسات تعريفية محددة سلفاً وجلسات تدريبية جماعية وفردية، بقمرة لتوفيره بيئة ملائمة لدعم صناعة الأفلام في المنطقة.

وتحديداً، لقيت جلسات أفلام قيد التحضير في مرحلتي ما بعد الانتاج وما بعد الانتهاء من مونتاج الصورة ترحيباً حيث كانت فعالة في عرض هذه الأعمال على مجموعة معينة من العاملين في صناعة الأفلام ومنهم وكلاء المبيعات وشركات التوزيع ومسؤولين من مهرجانات كان وبوسان وفينيسيا وتورنتو ولوكارنو وسراييفو وكارلوفي فاري السينمائية.

وقال المنتدب جاسون كيلوت: «نجح المنظمون في إبقاء الملتقى صغيراً مما حافظ على فعاليته، وكانت جلسات عرض أفلام قيد التحضير مثيرة للإعجاب، حيث استفدنا كثيراً من مشاهدة العمل وتقديمه من قبل المخرج والمنتج بهدف شرح السياق ومن بعده نقاش الفيلم معهما مما أعطانا فكرة واضحة عن الاتجاه الذي سيأخذه العمل ومستقبله. وكانت جلسات ردود الفعل على عروض الأفلام هذه مغلقة ممن أتاح لنا الحديث بحرية وتقديم إقتراحات مفيدة لأصحاب العمل».

وقالت ناديا دريستي، ممثلة عن الإدارة الفنية لمهرجان لوكارنو السينمائي، بأن قمرة وفر منصة قوية للتعلم والتعليم عبر إتاحته الفرصة للتعرف على ثقافة صناع الأفلام في المنطقة وطريقة تفكيرهم. وقال كاريل أوش من مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي أن المهرجان منفتح أكثر تجاه السينما العربية وأن وجودها في قمرة غير من نظرة الصناعة إليها. «كنا في السابق نكتفي بعرض أفلام عربية عُرضت ضمن مهرجانات سينمائية دولية وبات الآن من الواضح أن ذلك غير كاف».

التفاعل مع الجمهور

تميز قمرة بصيغة فريدة في عرض الأفلام حيث انقسمت الأفلام المعروضة إلى قسمين: عروض أفلام خبراء سينمائيين معاصرين، وعروض أفلام أصوات جديدة في عالم السينما، وتبعت هذه العروض جلسات حوارية جمعت صناع الأفلام بالجمهور.

وكان لفيلم عبد الرحمن سيساكو «تمبكتو» عرض ثان تلبيةً للطلب الجماهيري الكبير، كما شهدت أفلام قصيرة من أعمال مواهب قطرية حضوراً قوياً وذلك ضمن عروض أفلام أصوات جديدة في عالم السينما. وتميزت الجلسات الحوارية التي تبعت عرض الأفلام بالتفاعلية في تأكيد على ثقافة تقدير الأفلام في قطر وتجسيد لأهداف قمرة في إثارة حوار حول السينما.

Exit mobile version