تونس ـ «سينماتوغراف»
حمل حفل إفتتاح الدورة 28 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية أمس السبت 4 نوفمبر 2017، توقيع المخرج الفلسيطيني رشيد مشهراوي صاحب فيلم ”كتابة على الثلج”، الذي يتميز ببطولة عربية من حيث شارك فيه كل من المصري عمر واكد والفنان السوري الكبير غسان مسعود، وقد تم تصوير أحداث هذا الفيلم بين تونس وطبرقة.
وتدور أحداث هذا الفيلم، في ليلة واحدة حيث يقبع خمسة فلسطينيين محاصرين في شقة صغيرة خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
ويبيّن الفيلم الانقسامات السياسية والاجتماعية بين الشخصيات، والتعصب الديني، وعدم قبول الآخر رغم الاختلاف، وهي عوامل حالت دون تضامنهم وأضعفت مقاومتَهم للاحتلال الإسرائيلي.
وتبرز اللقطات الأولى للفيلم قصف الإحتلال لأحد الأماكن بغزة المحاصرة، وتظهر مع تصاعد النيران الممثلة يُمنى مروان وهي متطوعة في منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني تسارع إلى نجدة المصابين الذين كان من ضمنهم الممثل رمزي المقدسي، فتحمله برفقة أحد الناجين من القصف وهو الممثل عمرو واكد إلى مكان يؤمنهم من القصف المتكرر إلى حين حضور سيارة الإسعاف لنقله، فتأويهم عائلة فلسطينية متكونة من زوج وزوجة هما غسان مسعود وعرين عمري، وهي عائلة تبدو الوحيدة التي ظلت في مكانها ولم تغادر المنطقة.
وتوحي العلاقات بين الشخصيات ونمط تفكيرها إلى أن الانقسام يتجلّى بالأساس بين حركة فتح المجسمة في الزوجان غسان مسعود وعرين عمري، وحركة حماس التي يرمز إليها الممثل عمرو واكد الحامل لسلاح، أما يُمنى مروان فتجسم منظمات العمل الإنساني بالمنطقة، فيما يرمز الجريح رمزي المقدسي إلى الشعب الفلسطيني المحاصر.
الصّراع بين أبناء الوطن الواحد، لم يترجمه المخرج رشيد مشهراوي في الصراع السياسي فحسب، وإنما تجلّى أيضاً في الصراع الفكري والإيديولوجي الذي عرفته المنطقة العربية في ما سمّي بـ “الربيع العربي”.
و ظلّت عدسة الكاميرا تنقل ما يجري داخل البيت من صراع سياسي وفكري داخل البيت الفلسطيني، واكتفى المخرج بالمحافظة على أصوات النيران والانفجارات في الخارج. وقد أراد رشيد من خلال هذه المشاهد الداخلية إبراز أن المشكلة تكمن في القيادات الفلسطينية أنفسهم بسبب الانقسام السياسي والفكري، محملاً إياهم مسؤولية ما يحدث في الخارج.
وترجم المخرج أيضاً تراجع القضية الفلسطينية، من خلال الساعة القديمة المعطبة التي يسعى صاحب المنزل الممثل غسان مسعود إلى إصلاحها وإرجاعها للعمل، لكن ما إن تمّت إعادتها إلى العمل وتثبيتها على الجدار حتى سقطت مجدّدا بفعل القصف وانكسرت. وأما سيارة الإسعاف التي حلّت على عين المكان لنقل الجريح بعد طول انتظار، فقد طالها القصف كذلك، ليقتل الأمل الأخير للمحاصرين في النجاة.
وعن سر اختيار المخرج رشيد مشهراوي لعنوان فيلمه بـ “كتابة على الثلج” قال: أن الكتابة تزول بذوبان الثلج ونحن متمسّكون.