لا يزال برغم كهولته قادراً على استفزاز المشاهد
دبي ـ «سينماتوغراف»
88 عاماً من الشغف السينمائي هي مسيرة الأميركي كلينت ايستوود، ذلك المخرج والممثل الذي لا يزال برغم كهولته قادراً على استفزاز المشاهد، وهو من أكثر أعمدة هوليوود تأثيراً واعجاباً بين الجمهور، الذين يصيبهم في مرات كثيرة بالحيرة،لاسيما وأنه يعد الوحيد الذي لأجله يترك أباطرة السينما الأميركية والعالمية مقاعدهم ويقفون أمام شخصيته بكل تقدير، خاصة في حفلات الأوسكار، فعلى قدر هدوءه تأتي شراسته، وبقدر معرفته يكون دهاءه، لذا باتت الغالبية العظمي من عشاق السينما يعتبرونه واحداً من اكبر رموز السينما عبر تاريخها الطويل.
ولد كلينت ايستوود في 31 مايو 1930 وهو يعد ممثلاً ومخرجاً ومؤلف موسيقى للأفلام كما أنه منتج سينمائي، حاز خلال مسيرته السينمائية على 4 جوائز اوسكار، اثنتين منها كأفضل مخرج فاز بها عام 1993 عن فيلم «غير المسامح» والذي فاز عنه ايضاً بجائزة أفضل فيلم، كما فاز ايضاً في عام 2005 بجائزتي أوسكار عن فيلم «فتاة المليون دولار» كأفضل مخرج وأفضل فيلم، وتم ترشيحه للفوز بنفس الجائزة في 2007 عن فيلم «رسائل من لو جيما».
بداية ايستوود في التمثيل كانت من خلال تقديمه للأدوار الثانوية، قبل أن يحقق الشهرة في مسلسل الغرب الأميركي «روهايد» والذي استمر خلال الفترة من 1958 إلى 1964، بعدها مثل في «ثلاثية الدولار ـ Dollars Trilogy»، وخلال السبعينات والثمانينات قدم العديد الأدوار التي اقتصرت أغلبها على أفلام الغرب والأكشن بصفة خاصة، فيما بدأ يتجه منذ التسعينات نحو الأفلام الدرامية. واشتهر كلينت بأدائه لدور الرجل الحازم، خشن الطباع وحاد الذكاء، وهي الشخصية التي أطل بها في عدة أفلام منها سلسلة «هاري القذر» التي قام فيها بدور المفتش هاري كالاهان، ودور الرجل الذي لا يحمل اسما في سلسلة «ثلاثية الدولار» للمخرج سيرجيو ليون وذلك ضمن موجة أفلام سباغيتي وسترن، فيما قام أيضاً ببطولة العديد من الأفلام طوال مسيرته السينمائية منها «غير المسامح» و «الطيب والشرس والقبيح» و «حفنة من الدولارات» و «أبطال كيلي» و «إشنقهم عالياَ».
في «ثلاثية الدولار» التي تضم الأفلام «فيستيفول اوف دولارز» (1964) و«فور افويو دولارز مور» (1965) و«ذا غود ذا باد اند ذا اغلي» ( 1966) لم يحمل إيستوود اسماً، وظهر بمعطف واحد! لا يتكلم إلا قليلاً، وهو ما زاد من استفزاز المشاهد، ورغم أنها كانت أولى بطولاته السينمائية ، الا نه تمكن في الجزء الثالث تحديداً «ذا غود ذا باد اند ذا اغلي» من دخول المراكز العشرة الأولى في قائمة IMDB لأفضل الأفلام في التاريخ، وصنفه أسطورة الإخراج كوينتن تارانتينو كأفضل فيلم على الإطلاق!.
لطالما ظل ايستوود النجم الأول لأفلام الغرب، وقد استكمل سلسلته الأنفة الذكر بأفلام أخرى لعل أهمها فيلم «انفورغيفن ـ غير المسامح» (1992) والذي جاء بعد مرور أكثر من 30 عاماً على رحلته في أفلام الويسترن، وهو الفيلم الذي قاده الى منصة الأوسكار. ومن بين السلاسل التي ابدع فيها ايستوود، كانت سلسلة «هاري القذرـ Dirty Harry» وقد أظهرت هذه السلسلة قدرته على تجسيد دور الشرطي المحترم المخلص لعمله، الذي تعطله القوانين والروتين وغباء الرؤساء عن تميّزه وأداءه لعمله بأسلوبه الخاص المائل إلى العنف.
خلال مسيرته قدم ايستوود العديد من التحف الفنية السينمائئية، لعل أبرزها : (Pale Rider) الذي عرض في 1985، و(In the Line of Fire ) الذي صدر في 1993 و (Absolute Power) في 2007، و(Gran Torino) الصادر في 2008، والذي كان أخر فيلم من تمثيله.
قد يستغرب كل من يشاهد التحف الفنية التي اخرجها ايستوود، أن موهبته الإخراجية ظهرت بالصدفه، وذلك بعد مرض المخرج دون سيجيل الذي تولى إخراج الجزء الأول من سلسلة «هاري القذر»، ليتولى بنفسه إخراج بعض المشاهد والتي كشفت عن مخرج عملاق قدم بعدها أكثر من 34 فيلماً، تعد حالياً من التحف السينمائية، ولعل أبرزها «رسائل من لو جيما» الذي قدمه في 2008، كما قدم ايضاً فيلم «القناص الأميركي» الذي عرض العام الماضي، ورشح لجائزة الأوسكار. وقد قال عنه المخرج المخضرم بول نيومان: «كان ايستوود يغضبني، نبذل مجهوداً رهيباً لعمل فيلم نراه عملاً رائعاً بحق، ليظهر إيستوود بفيلم ينسف كل أفكارنا عن الأفلام الجيدة! ».
ما لا يعرفه الكثيرون عن ايستوود أنه رفض أداء سلسلة أفلام جيمس بوند خلال عقد السبعينيات بعد النجم شون كونري، وبرر ذلك أن الدور يجب أن يسند لممثل بريطاني وليس لأميركي، الأمر الذي اتاح الفرصة أمام الممثل روجر مور الذي انضم للسلسلة من عام 1973 وحتى 1985. كما رشح ايستوود ايضاً لدور «سوبر مان» في نسخة 1977 الا أنه رفض ذلك ليذهب الدور إلى الممثل كريستوفر رييف.
بعد تقديمه لفيلم «القناص الأميركي» العام الماضي، اعلن ايستوود أخيراً عن نيته اخراج فيلم جديد عن ربان الطائرة المنكوبة «هدسون»، وذلك تكريماً للطيار الأميركي تشيسلي سولنبرغر، لإنقاذه، 155 راكبًا بعد هبوطه الناجح بالطائرة الأميركية «إيرباص أ-320»، فوق نهر الهدسون بمدينة نيويورك عام 2009. وتولى كتابة سيناريو الفيلم الكاتب والسيناريست الفليبيني تود كومارينسكي، وهو مستوحى من كتاب مشترك للطيار نفسه والكاتب الأميركي جيفري زاسلو، تحت عنوان «الواجب الأعظم: السعي إلى ما هو مهم حقًا».
يذكر ان شغف ايستوود في السينما، كان كفيلاً باقناع ابنه سكوت ايستوود الذي يعد نسخة طبق الأصل عن والده، بدخول اروقة السينما منذ عام 2006، ليقدم لنا مجموعة من الأفلام منها «فيوري» مع الممثل براد بيت.