«سينماتوغراف» ـ متابعات
فاز “كودا”، الفيلم ذو الميزانية المتواضعة عن الحياة المعقدة لزوجين من الصمّ وابنتهما سليمة السمع، الأحد بجائزة أوسكار أفضل فيلم روائي طويل، أبرز مكافآت الأوسكار، في نتيجة خالفت التكهنات المتداولة منذ أشهر وسددت ضربة لأعمال كبيرة منافسة.
وجعل فوز هذا العمل المقتبس من الفيلم الفرنسي La Famille Belier، “آبل تي في +” أول منصة للبث التدفقي تفوز بالمكافأة الأبرز ضمن جوائز الأوسكار لأفضل فيلم روائي طويل.
كما حصد العمل جائزتي أوسكار أفضل سيناريو مقتبس وأفضل ممثل في دور مساعد لتروي كوتسور.
ويروي “كودا” المقتبس عن الفيلم الفرنسي La Famille Belier للمخرج إريك لارتيغو سنة 2014، قصة التلميذة الشابة روبي (تؤدي دورها الممثلة الشابة إميليا جونز) التي تحاول التوفيق بين حياتها العائلية التي تتولى فيها ترجمة الكلام بلغة الإشارة لأفراد أسرتها، وتطلعاتها الشخصية.
ويجمع عنوان الفيلم CODA الأحرف الأولى من عبارة Child of deaf adult (أبناء أهل بالغين مصابين بالصمم).
وقال المنتج الفرنسي فيليب روسليه خلال تسلم الجائزة “شكرا للأكاديمية لأنها سمحت لنا بإدخال “كودا” التاريخ”.
وأثار “كودا ضجة خلال تقديمه في مهرجان صندانس في كانون الثاني/يناير 2021. وقد تهافتت منصات العرض على شراء حقوق بثه التي فازت بها “آبل تي في +” في مقابل مبلغ قياسي بلغ 25 مليون دولار.
وأشار فيليب روسليه الذي أنتج النسخة الفرنسية الأصلية من العمل، إلى أن ميزانية “كودا” بلغت 15 مليون دولار، أي أقل بكثير من أعمال منافسة ذات ميزانية ضخمة مثل “دون” الذي كلّف 165 مليون دولار.
ويركز الفيلم على الشابة روبي روسي، وهي تلميذة عادية تسعى غالبا إلى أن تجد الحب لكنها تُضطر على الدوام إلى مراعاة وضع أهلها لكونها الوحيدة غير المصابة بأي إعاقة سمعية في العائلة التي تواجه مشكلات مادية.
ويعتمد والداها وشقيقها، وهم صيادون بحريون قرب بوسطن، عليها لتكون صلة وصل لهم مع العالم وتحل مشكلاتهم الكثيرة، فيما جل ما تتمناه التلميذة هو تحقيق أحلامها بتعلم الغناء.
وفيما ضم الفيلم الأصلي الفرنسي ممثلين سليمين سمعياً، وهو ما أثار انتقادات كثيرة، اختار القائمون على “كودا” الأصالة من خلال الاعتماد على ممثلين فاقدين للسمع. ومن بين هؤلاء مارلي ماتلين الحائزة جائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في “تشيلدرن أوف إيه ليسر غاد” سنة 1987، وهي تؤدي في “كودا” شخصية أم غريبة الأطوار وضعيفة.
ويؤدي دور والد روبي بكثير من الفكاهة تروي كوستور الذي فاز الأحد بأوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي، فيما يؤدي دانيال دوران دور شقيق روبي.
وأهدى كوتسور فوزه هذا إلى “مجتمع الصم وذوي الإعاقات”. وقال على وقع التصفيق بلغة الإشارة من هوليوود “هذه هي لحظتنا” ، مشيرًا إلى أن الفيلم لقي إقبالاً في كل أنحاء العالم و”وصل إلى البيت الأبيض”، إذ التقى فريق الممثلين الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً.
وقبل شهر تماماً من حفلة الأوسكار، أثار “كودا” ضجة كبيرة من خلال المكافأة الأبرز ضمن جوائز نقابة الممثلين الأميركيين (ساغ) التي يُنظر إليها على أنها مؤشر هام للاتجاهات في الأوسكار بما أن الممثلين يشكلون العدد الأكبر من أعضاء الأكاديمية المخولين التصويت على جوائز الأوسكار (حوالى عشرة آلاف ممثل).
وقالت إميليا جونز لوكالة فرانس برس بعيد فوزها بجائزة “ساغ”، “نحن فريق مترابط للغاية، ومن الجيد الفوز بهذه الجائزة”.
وعلى غرار شان هيدر، تعلمت إميليا جونز لغة الإشارات الأميركية قبل التصوير. واستعان فريق الإنتاج بمستشارين متخصصين في لغة الإشارة لترجمة السيناريو الذي كتبته هيدر وتوفير صلة وصل بين فاقدي السمع وسائر الموجودين في موقع التصوير.
وفي بعض المشاهد، الكوميدية أو المؤثرة، يُظهر الفيلم قوة لغة الإشارة التي يمكن أحيانا فهمها حتى لدى الأشخاص الذين لا يجيدونها.
وفضّل القائمون على جوائز الأوسكار تتويج هذا الفيلم المستقل ذي الميزانية المتواضعة نسبيا على أعمال أخرى من العيار الثقيل في المنافسة بينها “باور أوف ذي دوغ” لجين كامبيون والذي كان مصنفا الفيلم الأوفر حظا لأسابيع عدة، و”بلفاست” لكينيث براناه و”ويست سايد ستوري” لستيفن سبيلبرغ.
ويشكل هذا الفوز غير المتوقع قوة دفع كبيرة لـ”آبل” التي وفدت متأخرة إلى سوق خدمات الفيديو بالبث التدفقي والتي تواجه صعوبة في مجاراة شبكة “نتفليكس” المتصدرة لهذه السوق، إن لناحية المحتوى أو عدد المشتركين.