طنجة ـ «سينماتوغراف»
شكل موضوع دور الموسيقى التصويرية في الإبداع السينمائي بالمغرب محور مائدة مستديرة انعقدت بطنجة تحت عنوان “الموسيقى التصويرية: أي موقع في الفيلم المغربي؟”، في إطار الأنشطة الموازية للدورة الثانية والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم.
وسعى اللقاء الذي نظمه اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، إلى إطلاق نقاش جاد وهادف بين كل مكونات المجال السينمائي في المغرب حول أهمية الموسيقى التصويرية باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الإبداع في العملية السينمائية.
وتعد الموسيقى التصويرية عنصراً أساسياً من مقومات الفيلم السينمائي، فهي إما تزيده جمالية أو تكون نقطة ضعف فادحة فيه، قد تغير رأي المتفرج والناقد على حد السواء.
وباستطاعة المؤلف الموسيقي البارع أن يلعب دورا مهما في بلورة صياغة نهائية متكاملة للفيلم من شأنها إضفاء الحيوية على السرد الروائي للقصة. ولكي ندرك مدى أهمية الدور الذي تلعبه الموسيقى التصويرية في الأفلام السينمائية ما علينا إلاّ أن نحاول إتمام مشاهدة فيلم سينمائي خال من تلك الموسيقى، عندئذ سندرك جيدا حاجة الفيلم الماسة إلى عنصر الموسيقى التصويرية الذي يبعث الحياة في الكثير من مشاهده ويحرك عواطف المشاهد.
وفي هذا السياق، قال المخرج كمال كمال إن “الموسيقى التصويرية تمثل 30 في المئة من قوة الفيلم”، داعيا المخرجين المغاربة إلى الاستلهام من كبار المخرجين العالميين، وتملك الأدوات الكفيلة بتحسين جودة الإنتاج السينمائي الوطني.
وأكد كمال كمال أهمية الموسيقى في إنتاج الأعمال السينمائية المغربية، مشيراً في هذا الصدد إلى تجربة المخرج المغربي داود ولاد السيد الذي يمثل “مدرسة حقيقية في مجال اعتماد الموسيقى الأصيلة في الأفلام على المستوى الوطني”.
من جهته، قال المؤلف الموسيقي الفرنسي جويل بيلغريني إن نجاح أيّ عمل سينمائي رهين بوجود “علاقة ثقة بين المؤلف الموسيقي والمخرج”.
وأضاف بيلغريني أن “أفضل المخرجين هم أولئك الذين يثقون في المؤلفين، الذين، ومن خلال ترتيباتهم الموسيقية، يغيّرون الجو العام للفيلم بشكل تام”، مضيفا أن وضع الثقة في المؤلف يفسح له المجال والحرية لتقديم أداء يثير الإعجاب.
وعرفت هذه المائدة المستديرة أيضا مشاركة كل من كاتب السيناريو والمخرج، فؤاد سويبة والممثل والمؤلف الموسيقي يونس ميكري.
وجاءت الندوة انطلاقاً من أن السينما المغربية تشهد حضوراً ضعيفاً للموسيقى عامة في الأفلام التي يصنعها المبدعون المغاربة، ولا يتم التفكير في الموسيقى غالبا إلا باعتبارها مجرد تأثيث لأجواء الأشرطة، أي أنها لا تلعب الدور الفني المسنود لها، ولا تساهم في تجذير المعاني بشكل خلاق، لهذا تجد بعض المخرجين لا يفكرون في الموسيقى إلا بعد الانتهاء من عملية التوضيب، بل منهم من يوفّر العناء ويلجأ إلى موسيقى جاهزة لتحميلها ووضعها كيف ما اتفق، إلى حد أننا نجد أفلاما تقرصن إنتاجات موسيقية دون الإشارة إلى أسماء أصحابها، أو السعي لضمان حقوقهم الأدبية والمادية.
وأوضح اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة أن هذا “وضع عام لا يعني أن الفن السينمائي في المغرب لم يعرف تجارب فيلمية احتفت بالموسيقى عامة والموسيقى التصويرية خاصة، بل وجدنا منذ البدايات الأولى لظهور السينما ببلدنا أفلاماً أفردت أمكنة خاصة للحن والأغنية، نذكر هنا أفلاما من مثل “الحياة كفاح” و”صمت اتجاه ممنوع” و”دموع الندم”، هذا قبل ظهور التجربة السينمائية الأكثر انتصارا للموسيقى بكل أبعادها الفنية، يعني تجربة المخرج كمال كمال وفيلميه “السمفونية المغربية” و”الصوت الخفي”.
وتابع أنه “رغم ما تحقق في ساحتنا الفنية السينمائية المغربية، خلال السنوات الأخيرة، من ظهور لافت لمؤلفي الموسيقى التصويرية، وتميز بعضهم بأعمال جادة، ومحاولاتهم تجذير ومنح المكانة التي تستحقها، إلا أن ذلك يظل، في نظرنا، غير ذي بال، مادام الكثير من سينمائيينا لم يكتسبوا الوعي الكافي بضرورة منح الموسيقى المكانة المعتبرة في كل عملية تروم إنتاج فيلم من الأفلام، وتحاول أن تؤسس لنفسها سبيلا حقيقيا في أفق بناء صناعة سينمائية مغربية”.