كان ـ «سينماتوغراف» : عبد الستار ناجي
كان المخرج السويدي روبن أوستلوند قد فاز في العام 2017 بجائزة السعفة الذهبية عن فيلمه «المربع»، الذى وصف خلاله حكاية مدير المتحف الوطنى السويدي الذى يجد نفسه في متاهه، حينما يفقد هاتفه عبر حكاية ترحل به إلى عوالم عدة من بينها ألم ومعاناه اللاجئين في السويد، واليوم يعود أوستلوند إلى مهرجان كان السينمائي الـ 75 بعمل ساخر عبر فيلم «TRIANGLE OF SADNESS ـ مثلث الحزن» وهي منطقة بين الحاجبين تمثل أول الإشارات للحزن يلاحظها كل من يتعامل مع التصوير واختبار عرضوا الأزياء، حيث لا يتم اختيار تلك العناصر مهما كانت مواصفاتها إذا كان ذلك المثلث حاضراً لأنه يؤثر على صورة وشكل العارض أو العارضية .
فيلم «مثلث الحزن» يرحل بنا من خلال حكاية الموديل كارل وصديقته العارضة يايا إلى عوالم الثراء والشهرة، حيث يتم توجيه دعوة لهما على إحدي السفن البحرية (الكروز) للقيام بجوله مع مجموعة من كبار الأثرياء، في تلك السفينة كل شي محكوم ومعد بطريقة مرتبة حتى اللحظة التى تهب بها عاصفة بالذات في حفل العشاء الذي يقيمة الكابتن والذى نكتشف إدمانه، عندها يفلت العيار كما يقول المثل الدراج، عاصفة جديدة تميل بالسفينة الضخمة من لم يسكر سيسكر ومن لم يشرب سيدور رأسه، ويعلو الحوار الساخر بين الركاب وبين الثري الروسي والقبطان الأميركي وغيرهم من الأثرياء.
وفي الوقت الذى نشاهد خلاله العمال من العديد من دول العالم الثالث يقضون عملهم بصمت داخل سرداب.. تهاجم مجموعة إرهابية السفينة وتفجرها .. المشهد الثاني بعد السفينة في الجزيرة حيث تسيطر عليها مع المتبقين من ركاب السفينة عاملة تنظيف الحمام الفلبينية لأنها تعرف كيف تصيد وتصنع النار، بينما الأثرياء لا يعرفون أي شي .. ونعود إلى المشهد الأول الخاص بالسفينة حيث تتزامن العاصفة مع كمية كبيرة من الاستفراغ وأيضاً انفجار المراحيض في تزامن غريب ساخر من كل عوالم الثراء والنجومية والموضة والعنصر البشري الذى يتصور نفسه فوق الأخرين.. مشهد يمتد لأكثر من نصف ساعة يحلل طبيعة العلاقات التى تجمع القوي العظمى ونوعية الاختلاف والهوة الواسعة والإنهيار المجلجل في تلك السفينة، ودلالاتها وعدم القدرة للوفاء بالالتزامات العملية لاحقاً إلا من خلال العناصر الأضعف، وهم العمال من دول العالم الثالث الذين يتحملون أعباء الحياة في الجزيزة بعد انفجار السفنية وغرقها .
في الفيلم مجموعة من النجوم من بينهم الأميركي وودي هارلسون بدور القبطان المدمن، ودولي دي يليون بدور أباجيل العاملة الفلبينية التى تكون لها القيادة لاحقاً، وهناك كذلك الجميلة شارلبي دين بدور العارضة ويقوم بدور صديقها كاري الممثل السويدي هاريس ديكنسون ..
حكاية رمزية إلا أن دلالاتها الساخرة جعلت نقاد العروض الصحفية في مهرجان كان السينمائي يغرقون بالضحك والقهقة، وهم يعلمون جيداً بأن تلك السخرية هي إحدي مفردات أوستلوند السينمائية الساحرة والذكية والعمية .. حيث السخرية من عالم الأثرياء والموضه وأيضا التذكير بأن الغد للعمالة المتخصصة التى تظل دائماً في الأدوار السفلي ولكنها تبقى قادرة على الذهاب إلى المستقبل .