مخرجة «ترويقة فى بيروت»: اليد الواحدة تصفق أيضا

ـ أحب عبثية يوسف شاهين وواقعية عاطف الطيب ورومانسية بركات

وأبكى حين أشاهد «ثرثرة فوق النيل»

 

الاسكندرية ـ «سينماتوغراف»: حاوراتها انتصار دردير

جريئة، تعشق المغامرة، وواثقة فى نفسها، هذه هى المخرجة اللبنانية الشابة فرح زين الهاشم التى فاجآتنا بفيلمها الأول «ترويقة فى بيروت» المشارك فى مسابقة نور الشريف للأفلام العربية المتحدثة بمهرجان الاسكندرية السينمائى فى دورته الحالية.

فرح، ذات الست وعشرين عاما، تعيش متنقلة بين الكويت ولبنان وأمريكا وفرنسا، وبينما تستعد لعرض فيلمها الأول نهاية هذا الشهر بسينما مترو بوليس فى بيروت، وتقيم له عرضا خاصا بمدينة البندقية بايطاليا، وتعرضه كذلك فى باريس الربيع القادم، بدأت فى الإعداد لفيلمها الثانى، الذى تقول عنه أنه سيأتى مختلفا وفى اتجاه مخالف تماما لتجربتها الروائية الأولى، وفى حوارها لـ «سينماتوغراف» كشفت أسرار حبها ليوسف شاهين، وفيلمها عن القاهرة، وكان اللقاء كما يلي:

فى فيلمك الطويل الأول تحولت الى one man show فأنت المؤلفة والبطلة ومدير التصوير والمونتير والمخرج والمنتج، فلماذا أقدمت على ذلك ولم تستعينى بفريق عمل متخصص يمتلك الخبرة؟.

ـ لقد تعبت كثيرا لعمل الفيلم، ولم يكن عندى ميزانية تسمح بذلك، وواجهت صعوبة فى أن أجد جهة انتاج تتحمس لفيلمى، وطلبت جهة أخرى تغيير السيناريو، ولم أكن على استعداد لأى تنازل فى تقديم رؤيتى كما أراها، وكنت أريد أن أقدم شيئا يشبهنى، ورسالتى تصل بأى طريقة، وبالفعل كونت شركة انتاج أطلقت عليها «سماء بنفسجية » وحملت كاميرتى وهي رأس مال شركتي وذهبت إلي كل مكان، معتمده على أن لدى محتوى وهو من وجهة نظري الأساس، وصحيح يقولون اليد الواحدة لاتصفق لكننى آمنت بأنها يمكن لها أن تصفق، المهم أن يكون هناك تحدى واستعداد للمغامرة، وصورت 91 ساعة وأخذت منها ساعة وعشر دقائق هى مدة الفيلم، وكان ذلك أمرا شاقا لكنه ممتعا.

لماذا اخترت أن تطرحى حكايتك الشخصية عن بيروت؟

ـ أحببت أن أخبر الناس عنى فى أول أفلامى الطويلة، وأنا على يقين أننى حين أنجح فى التعبير عن نفسى بصدق سينتقل ذلك بدرجة الصدق ذاتها الى الآخرين، ثم أنها ليست حكايتى فقط، بل حكاية جيلى وأجيال سبقته، فأنا وناتاشا شوشوفانى بطلة الفيلم تخرجنا من الجامعة الأمريكية فى بيروت، وبعد تخرجنا لم نكن سعداء واصطدمنا بواقع صعب وسافرت هى الى دبى وأنا الى نيويورك ولم نكن أيضا سعداء، وبيروت هى البطل فى فيلمى، ونحن بعض عناصرها، أنها الحب الحقيقى الذى تكتشفي أنك تدركين عيوبه ومع ذلك تحبينه، وحينما تحبى عيوب المحب فهذا هو الحب الحقيقى.

فى الفيلم عملت على تحطيم أغلب القواعد المألوفة، ولجأت الى قطعات حادة فى المونتاج والتصوير، لماذا ؟

ـ لأننى لا أبغى عملا تقليديا، ولا أحب المشاهد الناعمة، ولا أطيق الالتزام بقواعد الفن، ولو ظللنا نتبع القواعد جيل وراء جيل لن يخرج شيئا جديدا، وأنا متأثرة للغاية بأفلام جان لوك جودار، وأؤمن بمقولة كوكوشانيل «النساء المهذبات لايدخلن التاريخ»، وساعدتنى دراستى فى نيونيورك أكاديمى على ذلك، وقبلها عملى فى الصحافة، فقد عملت كمراسلة حربية لجريدة النهار فى بيروت، وتعلمت الصحافة فى شوارع لبنان، وتركت عملا دبلوماسيا ووظيفة مرموقة لم أحتملها طويلا ضمن بعثة الأمم المتحدة بنيويورك، وحصلت على درجة الماجستيرMFA فى الاخراج السينمائى من نيويورك أكاديمى، وكل هذه خبرات ساعدتنى على تكوين رؤية واضحة للحياة.

وماذا عن أفلامك القصيرة التى قدمتها قبل «ترويقة فى بيروت»؟

ـ أخرجت سبعة أفلام قصيرة منها فيلم «الفراولة» وهو مشروع تخرجى، وقد صورته باستديوهات يونيفرسال بكاميرا 16 مللى، وشارك بمهرجان 48 بفرنسا، وهو فيلم كلاسيكى على الطريقة الأمريكية وعرض فى وارنر برازرس، و«فوبيا الحرب»  وهو فيلم صامت، وفيلم مارلين مونرو، وصورته فى نيويورك، التى أعتقد أنها تشبهنى، فقد عانت طويلا من الوحدة وهى النجمة ذائعة الصيت، وأنا عشت فترة دراستى وحيدة بنيويورك، لكننى لمست شيئا ايجابيا فى احساس الوحدة، فهى تجعلنا أقوياء، وتكتشف أنفسنا دون رتوش.

وكيف اكتشفت موهبة صديقتك ناتاشا التى تؤدى بعفوية وتلقائية كبيرة؟

ـ كنت أعلم أنها تحب التمثيل، وكانت تعلم أنها ستكون يوما ما بطلتى، وحينما أخبرتها بموضوع فيلمى تحمست لأنه يمسها مثلى تماما، وبدأنا المشروع منذ عام 2011 ثم توقفنا وخلال هذه الفترة بدأت ناتاشا عملها الاحترافى، وشاركت فى مسلسلات تليفزيونية، وصورت فيلما آخر بعنوان «مفقود» ومع عرض الفيلم صارت ممثلة محترفة.

فى الفيلم عبرت عن اعجابك بالمخرج اللبنانى الراحل مارون بغدادى، فهل تأثرت بأى من مخرجى السينما المصرية الكبار؟

ـ أحببت أفلام مارون الوثائقية عن الحرب اللبنانية، وهو ينقلنى لأجواء السبعينات التى أشعر أننى أنتمى لها، وقد تنبأ بنهايته فى فيلم «زوايا» حيث كتب عن نفسه أنه سيموت فى حادث بالمصعد، وقد كان، اذ كانت الكهرباء مقطوعة والمصعد معطل فسقط فيه، وأصابنى ذلك بفوبيا من المصاعد، وتأثرت به كثيرا، وفى السينما المصرية تأثرت بأعمال بعض المخرجين مثل يوسف شاهين، فلديه شئ عبثى فى أفلامه، وأعشق أفلام بركات والرائع عاطف الطيب، ومبهورة بفيلم «ثرثرة فوق النيل» ولازلت أبكى عند عرضه خاصة فى مشهد مصرع الفلاحة الذى يشى بالضياع، وأنوى العيش فى القاهرة لفترة من الوقت لأقدم فيلما عنها فقد زرتها فى طفولتى وحين جئت لحضور مهرجان القاهرة السينمائى العام الماضى شعرت بدفئها منذ هبطت الطائرة على أرضها.

تمثلين وتخرجين، هل تأثرت بنادين لبكى؟

ـ أعشقها وأعشق فيلمها «كرملة» لأنه حالم مثلها، وهى تحب التمثيل بدرجة كبيرة لكننى عكسها، أحب التمثل لكن ليس على نفس قدرها، ولن أمثل سوى فى أفلامى.

وأنت تستعدين لعرض فيلمك «ترويقة فى بيروت» آلا تخشين من ردود أفعال قد تتهمك بتشويه بيروت؟

ـ ليست عندى مشكلة فى أن يراه كل مشاهد باحساسه، ولن أغضب اذا اتهمنى البعض بالفشل، ولم أفكر فى عواقب الفيلم لو فكرت ما قدمت شيئا، لقد أردت أن أحكى عن بيروت مثلما أشاهدها، والعادى أن يحب البعض الفيلم ويستوعبه  والبعض لا، الناس هم الناس فى كل مكان وزمان، لايرهبنى الهجوم، برأييى أن الفيلم يحتاج تركيز فى المشاهدة، محتاج كل من يشاهده أن يفهم (ليه بنحكى هيك)، نحن لسنا فى مشكلة مع بيروت، نحن نحب بيروت وكل الذين كنت أسجل أرائهم كانوا يبكون وهم يحكون عنها واضطر لوقف التصوير حتى يهدأوا، بيروت هى ابنتى، والترويقة «الافطار» بالنسبة لى هى بداية ونهاية، بداية لنهار جديد، ونهاية لحدث يظل دائما.. خارج التوقعات.

Exit mobile version