ممثّلــــون من شاشـــــة السينما إلى أبواب الرئاســـــة

 

دبي ـ خاصّ «سينماتوغراف»

يمضي السياسيّون سنوات وربّما عقوداً في النضال السياسيّ دون أن يتمكن أغلبهم من الوصول إلى قلوب الناس والتأثير عليهم لافتكاك أصواتهم في الانتخابات، لكن ما فشل فيه هؤلاء المتمرّسون في السياسة نجح فيها الكثير من أهل الفنّ، الذين عبّدت لهم قدراتهم التمثيليّة الطريق للوصول سريعاً إلى قلوب الجماهير ودوائر السلطة.

 صنع فوز ممثل كوميديّ بالانتخابات الرئاسيّة في غواتيمالا الحدث في العالم وفي هذا البلد الواقع بأمريكا اللاتينيّة، بعد أن نجح حيث فشل السياسيّون، إلّا أنّ الرئيس الغواتيماليّ الجديد ليس الوحيد الذي انتقل من الشاشة الفضيّة والسينما إلى فنّ السياسة، فقد سبقه إلى ذلك كثيرون، أشهرهم الرئيس الأمريكيّ الأسبق رونالد ريغان. ووصل الرئيس الغواتيماليّ إلى السلطة بعد تحقيقه فوزاً ساحقاً في انتخابات الرئاسة التي جرت في غواتيمالا، مستفيداً من غضب عامّ من فضيحة فساد عصفت بالرئيس السابق أوتو بيريز مولينا الذي استقال من منصبه وتمّ توقيفه للاشتباه بتورّطه في قضيّة فساد بمعيّة نائبته السابقة روكسانا بالديتي المسجونة أيضاً بتهم تزعم شبكة فساد داخل الجمارك. وواجه موراليس منذ إعلان ترشّحه، انتقادات بسبب أفكار سياسيّة «خياليّة» مثل تعهّده بتوزيع تليفونات ذكيّة على الأطفال أو ربط المدرّسين بجهاز تحديد المواقع للتأكّد من حضورهم الفصول الدراسيّة.

برنامجه الانتخابي يتألّف من ست صفحات فقط، لا تقدّم أيّ معلومة حول كيف سيحكم البلاد، إلّا أنّها كانت كافية لكسب ثقة الناخبين الناقمين على الحكومة والمسؤولين السياسيّين الذين شدّهم تحكّمه في فنّ الخطابة الذي يجيده، فمن أضحكهم لسنوات قد ينجح في تحقيق وعده بـ«حكم نظيف».

ريغان.. من هوليوود إلى البيت الأبيض

يجهل الكثيرون أنّ الرئيس الأمريكيّ الأسبق رونالد ريغان كان ممثلاً هوليووديّاً قبل أن يصبح الرئيس الأربعين للولايات المتّحدة الأمريكيّة من عام 1981 إلى 1989، بعد أن كان حاكماً على ولاية كاليفورنيا. لم يجد ريغان اختلافاً كبيراً بين السياسة والتمثيل، فهما، حسبه، على صلة ببعضهما، «فالممثل لا يكذب، ولكنّه يحتاج إلى جعل الناس يصدّقون شيئاً غير صحيح». اعتمد على هذا المبدأ طوال حياته، بدءاً من العمل  الأوّل كصحفيّ رياضيّ في إذاعة محليّة، قبل انتقاله إلى التمثيل من 1937 إلى 1965، حيث قام بتمثيل نحو خمسين فيلماً، ولم يلبث أن خاض معترك السياسة بعد أن تقدّم للشهادة أمام البيت الأبيض أمام لجنة كانت تحقّق في تأثير الشيوعيّة على حركة التمثيل في هوليوود، فوصل إلى منصب محافظ كاليفورنيا من 1967 إلى 1975، ثم أصبح مرشّح الحزب الجمهوريّ للرئاسة سنة 1980، ليدخل البيت الأبيض رئيساً لعهدين متتاليين.

أمّا كلينت إيستوود الذي اشتهر كبطل سلسلة أفلام‏ «هاري القذر‏» في عقدي السبعينيّات والثمانينيّات وأصبح بعدها مخرجاً مرموقاً، فقد فاز في الانتخاب لمنصب رئيس بلديّة كارمل بكاليفورنيا في عام 1986، ولم يتبوّأ هذا المنصب سوى مرّة واحدة.

شوارزنيغر ..«ترمناتور» كاليفورنيا

سار الممثل الأمريكيّ الشهير وبطل رياضة كمال الأجسام أرنولد شوارزنيغر على خطى الرئيس ريغان. لم يصل إلى البيت الأبيض، إلّا أنّ المهاجر النمساويّ الأصل نجح في أن يكون الحاكم الثامن والثلاثين لولاية كاليفورنيا أو الولاية الذهبيّة كما تلقّب. بدأ شوارزنيغر مشوار الشهرة بطلاً لرياضة كمال الأجسام التي برع فيها وحاز على العديد من الألقاب في بلاده قبل وصوله إلى أمريكا، وهو ما أهّله لدخول هوليوود، ويصبح ممثلاً لأفلام الحركة. وبخلاف أغلب الممثلين في هوليوود الذين يؤيّدون الحزب الديمقراطيّ، أبدى شوارزنيغر ميولاً للحزب الجمهوريّ الذي ترشّح لصالحه سنة 2003 كحاكم عن ولاية كاليفورنيا، وهي الانتخابات التي اكتسح فيها «الترميناتور» منافسه وأعيد انتخابه للمنصب نفسه سنة 2006.

كلينت إيستوود حاصد الأوسكار عمدة

وعلى خطى ريغان، سار الممثل الأمريكيّ كلينت إيستوود بطل أفلام رعاة البقر في السبعينيّات والثمانينيّات، فالممثل، المخرج ومؤلف موسيقى الأفلام والمنتج السينمائيّ الحائز على جائزة الأوسكار 4 مرّات، كان أيضاً من الممثلين الذين انتقلوا من مصاف الفنّ والترفيه إلى نطاق العمل السياسيّ، حيث انتخب عمدة لمدينة كارمل بكاليفورنيا سنة 1986، غير أنّه لم يتبوّأ هذا المنصب سوى مرّة واحدة‏‏ وعاد إلى عشقه الأوّل: السينما.‏

كال بن.. يدخل السياسة بفضل أوباما

نجح الممثل الأمريكيّ من أصل هنديّ، كال بن، في الوصول إلى البيت الأبيض من بوّابة السينما، وظهر كال في العديد من الأفلام أشهرها دور كوميديّ في فيلم بعنوان «المنتدى الأمريكيّ»، وفي عام 2002 في فيلم بعنوان «الساخر الوطنيّ فان وايلدر». دخل كال بن إلى عالم السياسة عبر حملة الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما، حيث كان داعماً قويّاً وعضواً في اللجنة السياسيّة للفنون الوطنيّة في الحملة، وفي أوائل عام 2009، قبل بمنصب المدير المساعد لمكتب البيت الأبيض للعلاقات العامّة.

ديودونيه.. يخلط أوراق السياسيّين

الممثّل المسرحيّ الفرنسيّ من أصول كاميرونية المثير للجدل «ديودونيه»، كان من بين الفنّانين الذي «حاولوا» ولوج معترك السياسة، فالفنّان الذي لا يتوقف عن صنع الجدل، أثار ضجة إعلاميّة كبيرة عندما ترشّح للانتخابات الرئاسيّة في سنة 2002 في وجه شيراك، وسنة 2007 في وجه نيكولا ساركوزي، لكنه لم يتمكّن في الدورتين من جمع أصوات رؤساء البلديّات الكافية والمقدّرة بتزكية 500 منهم، وفي المرّة الأخيرة حصل على 200 صوت. وفي سنة 2008 فاجأ الأوساط الفرنسيّة عندما شرع في تشكيل قائمة مستقلّة لخوض الانتخابات البرلمانيّة الأوروبيّة تحت اسم «القائمة المعادية للصهيونيّة».

ويسجل التاريخ أسماء أخرى وقّعت اسمها في الفنّ والسياسة على غرار الأسطورة «سيدني بواتيه» أو «مانديلا الشاشة» أوّل ممثّل من أصول إفريقيّة يحصد الأوسكار، حيث عرف ناشطاً سياسيّاً ودبلوماسيّاً، وداعياً للحرية ومكافحاً بارزاً ضدّ العنصريّة والتمييز. عيّن سنة 1997 سفيراً غير مقيم، وممثلاً للبهاما في اليابان، وكذلك سفيراً للبهاما في منظمة الأمم المتّحدة للتربية، الثقافة والعلوم «اليونسكو».

Exit mobile version