الوكالات ـ سينماتوغراف»
بعد يومٍ واحد فقط على انتهاء دورتها الـ9، مساء الخميس، 23 مارس/آذار 2017، دعت إدارة “أيام بيروت السينمائية”، المعنيّة بالنتاجات العربية المستقلّة والحديثة، إلى لقاء يُقام مساء اليوم الجمعة، في صالة سينما “متروبوليس” في منطقة الأشرفية، في العاصمة اللبنانية.
واللقاء يهدف إلى مواجهة قرار “جهاز الرقابة”، التابع لـ”المديرية العامّة للأمن العام اللبناني”، المتمثّل بعدم منح إجازة عرض لفيلمي “بيت البحر” للّبناني روي ديب، و”مولانا” للمصري مجدي أحمد علي، من دون أن يكون القرار رسمياً، ومن دون تقديم أسباب مكتوبة، ما أدّى إلى التأخير في منح إجازات العرض أثناء الدورة الـ9.
وإذ مُنح الفيلم اللبناني إجازة عرض في مصر، التي باتت الدولة العربية الثالثة التي تتيح فرصة مشاهدته أمام المهتمّين، بعد تونس وفلسطين (عُرض مساء 23 مارس/ آذار 2017 في “مهرجان حيفا للأفلام المستقلّة”، وهو “مهرجان فلسطيني مئة بالمئة”)، فإن “مولانا” معروضٌ في الصالات التجارية المصرية من دون حذف أو تقطيع، على نقيض قرار الرقابة اللبنانية، التي خضعت لطلب “دار الفتوى” في الجمهورية اللبنانية بحذف 12 دقيقة منه، بعد أيام قليلة على منحه إجازة عرض كامل له.
وهذا أدّى إلى رفض الموزّع اللبناني، صادق الصبّاح، بالتوافق مع مجدي أحمد علي، “عرض الفيلم ناقصاً”، وهو ما أكّدته إدارة “أيام بيروت السينمائية” أيضاً، التي طالبت بمنحه إجازة عرض كامل.
وأوضح ديب، على صفحته على “فايسبوك”، أول من أمس الأربعاء، أن الرقيب اللبناني اعترض على “بيت البحر” كلّه منذ اليوم الأول، “ولم يُحدِّد حتى امتعاضه من جملة أو مشهد أو قسم من الفيلم، بل إن الفيلم بأسره أزعجه”، مضيفاً أن الرقيب نفسه، وبدلاً من إصدار قرار واضح، “قرر المماطلة، وقرر عدم إعطاء إذن عرض للفيلم في لبنان”. وأكّد ديب أن لا قرار رسمياً بمنع الفيلم “لغاية الآن”.
ورغم أن إدارة الـ”أيام” نظّمت، مساء الأربعاء 22 مارس/ آذار 2017، ندوة بعنوان “سينما الفؤاد”، لمناقشة العلاقة الإبداعية بين النتاج البصريّ ومسألة الهوية الجنسيّة؛ إلّا أن جزءاً من النقاش انصبّ على موقف الرقابة اللبنانية من الإبداع السينمائيّ، وارتباطها بجهات سياسية ومؤسّسات دينية وطائفية، إزاء أفلامٍ تعالج المسألة، وتتناول جوانبها المختلفة.
لكن بعض المعنيين بالهمّ السينمائيّ اللبناني العربيّ يرى أن الصراع مع الرقابة اللبنانية يُفترض به أن يكون في مكانٍ آخر، أي في العمل الحثيث على تشريع قوانين تحصّن الإبداع وحرية التعبير والقول من كلّ منعٍ، وتحافظ على خصوصية الاجتماع اللبناني، من دون أن تؤثّر هذه المحافظة على حيوية النصّ الإبداعي ومواضيعه وآليات اشتغاله.
إلى ذلك، قرأت زينة صفير، المديرة الفنية لـ”أيام بيروت السينمائية”، بيان المهرجان في حفلة ختام الدورة الـ9، الذي دعا إلى لقاء اليوم.
وجاء فيه: “إن الرقابة على الإنتاج المعرفي تقطع العلاقة الجدلية القائمة بين المعرفة واليقين، أي بين المبدع والمتلقي”، فتمنح لنفسها “حقّ تعديل أو إلغاء النصّ المعرفي، وفي حالتنا اليوم الشريط السينمائي”. فهذه الرقابة، كما في البيان، “تسمح لنفسها أن تقفز من الدلالة إلى المغزى، بناءً على رؤية تعتبرها حقّاً، تماماً كما يفعل التكفير”.
وأشار البيان إلى أن “قطع العلاقة بين المبدع والمتلقّي تساوي فعل القتل”. وأضافت صفير أن الـ”أيام” أرادت الاحتفال بمخرجين عديدين، بإيصال أفلامهم إلى جمهورهم، عبر التأكيد على “العلاقة القائمة بحكم الطبيعة بين التعبير والمتلقي. لكن الرقيب ارتأى أن يمارس فعل القتل بحقّ مبدعين عديدين، وكذا بحقّ جمهورهم، أي بحقّ مدينة بكاملها”.
وذكر البيان أن الرقيب، في الدورة الـ9 للـ”أيام”، كان “أكثر تشدّداً” من أي دورة ماضية، “في مسارٍ يوحي بأننا نتجه من السيئ إلى الأسوأ”. فالرقيب، بحسب البيان، لم يمنح (في هذه الدورة) إذن عرض ـ ولا حتى في إطار “عرض ثقافي” ـ لفيلمي “بيت البحر” و”مولانا”.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد “طلب الرقيب حذف مشاهد أو جمل معيّنة (من أفلام أخرى)، وبقيت هذه الأفلام مهدّدة بمنع العرض حتى اللحظة الأخيرة، قبل أن يمنحها “إذن عرض ثقافي”، لمرّة واحدة فقط! كلّ هذا، في زمنٍ تخطت فيه شبكة “إنترنت” كلّ رقابة، وفي وقت تعرض شاشات التلفزة ما طاب لها من برامج تحفل بالعنصرية والطائفية، وتشي بانهيارٍ كامل للقيم الإنسانية العامة”.
وانتهى البيان بتأكيد رفض المهرجان “لأي رقابة على المنتج الإبداعي”، وهذا “حتّى تبقى بيروت، بيروت اللقاء، وسينما الفؤاد، ومحاولة ربيع”.