خلال تكريمها بمهرجان أسوان السينمائى لأفلام المرأة فى دورته الثانية “فبراير 2018″، جمعنى حديثاً طويلاً مع الفنانة منى زكى عن مشوارها السينمائى الذى قطعته خلال 20 عاماً قدمت خلاله 23 فيلماً، بالإضافة إلي ظهورها ضيفة شرف في فيلمي (التجربة الدنمراكية، والدادة دودي)، وتركيب صوتها على النسخة العربية لفيلم ديزني «أطلانتس: الإمبراطورية المفقودة»، ليكون محوراً لدراسة تناولت فيها رحلة هذه الممثلة الاستثنائية التى حققت فيها نجاحاً كبيرة.
تحمل منى الاعتزاز لكل أدوارها، ليس بنفس الدرجة بالطبع، لكنها عبرت لى عن أنها كانت تتمنى لو كان لديها رصيداً أكبر بعدما رفضت أعمالاً عديدة كانت ترى أنه ليس وقتها، وخلال حوارنا توقفنا عند أهم أفلامها وكيف كانت محظوظة بالعمل مع السينمائيين الكبار الذين أضافوا لها الكثير على مستوى الممثلة وعلى اختياراتها، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
كان أول أفلام منى زكى «القتل اللذيذ» عام 1997 بتوقيع المخرج الكبير أشرف فهمى وأمام النجمتان ميرفت أمين وإلهام شاهين، عن قصة للكاتبة حسن شاه وسيناريو وحوار الناقد أحمد صالح، وكانت مساحة دورها جيدة بالنسبة لوجه جديد وأمام نجمتان تحبهما للغاية إلا أنه كان فيلماً تليفزيونياً، ولم يتم توزيعه بشكل جيد، وجاء العام التالى حاملاً البشرى ليحالفها الحظ بفيلمين يمثلان مرحلة مهمة ليس فى مشوارها الفنى فقط بل وفى تاريخ السينما المصرية أيضاً، وهما «اضحك الصورة تطلع حلوة» اخراج شريف عرفة، و«صعيدى فى الجامعة الأمريكية» اخراج سعيد حامد، وتوالت أعمال منى زكى التى دفعت بها سريعاً إلى أدوار البطولة.
- شهد عام 1998 أول انطلاقتك السينمائية فى فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة» أمام النجم أحمد زكى والعملاقة سناء جميل، والنجمة ليلى علوى، ورغم وقوفك أمام كل هؤلاء الكبار فقد أكدت منى زكى حضورها اللافت بأداء متقن لشخصية طالبة الطب الفقيرة التى تتعلق بزميلها نجل أحد الأثرياء «كان أول ظهور لكريم عبد العزيز فى السينما»، فكيف تم ترشيحك لهذا العمل؟.
– رشحنى الأستاذ وحيد حامد بعدما شاهد أدائى فى مسلسل “العائلة” وحدثنى عن دورى وأهميته فى الفيلم أخذت السيناريو وأنا أكاد أطير من الفرح، قدت سيارتى سعيدة وفجأة وقع لى حادث بشع أصبت على أثره بكسر فى ظهرى وأخبرنى الأطباء بحاجتى لعلاج يستغرق ثمانية أشهر، وأنه لابد أن أرتدى حزاماً للظهر وخضعت لعلاج بالكورتيزون، وعشت فترة مؤلمة وكان الأشد إيلاماً على نفسى ضياع هذا الفيلم المهم منى فقد توقعت أن يستعينوا بممثلة أخرى، فمن يمكنه انتظار ممثلة جديدة 8 شهور وكيف سيقبل النجوم الكبار تأجيل التصوير لأجلى، إلا أن مكالمة جاءتنى من الأستاذ وحيد حامد بعد شهور من العلاج جعلتنى أغادر سريرى إذ فاجئنى بقوله: لقد انتظرناك ثمانية شهور فهل أنت مستعدة الآن للتصوير؟، صرخت من الفرحة وقلت طبعاً يافندم، والحقيقة لم أكن مستعدة وكان على أن أرتدى حزاماً جديداً لثلاثة أشهر أخرى، وأن أخضع لعلاج طبيعى لفترة طويلة ولم أخبره بالطبع، وضربت عرض الحائط بتعليمات الأطباء ولم أكن ارتدى الحزام طوال فترة التصوير، وكان هذا الفيلم بداية إحساسى بسحر السينما وأهميتها، وكنت أرقب هؤلاء الممثلين العتاولة حتى فى لحظات صمتهم لأكتشف كم كان أحمد زكى مثلاً شديد التركيز في كل همسة، وكان يؤدى دور أبى في الفيلم ولمست قبل التصوير كم هو شديد الحنان والرقة معى وبه طيبة ودفء أبى، وكانت القديرة سناء جميل تستعد لكل مشهد جديد كأنها تدخل امتحان، وتحنو على برفق، وأيضاً النجمة ليلى علوى كانت مشجعة لى، وكنت أراقبهم وهم يستعدون للتصوير ويتعايشون مع الشخصية خلف الكواليس كما لو كانوا فى مواجهة الكاميرا .
- جاء فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» للمؤلف د. مدحت العدل والمخرج سعيد حامد ليؤكد الإنقلاب الأول لفيلم «اسماعيلية رايح جاى» فقد أعادا كلا الفيلمين الجمهور إلى دور العرض السينمائى بعد أن هجرها طويلاً أثر موجة الأفلام شديدة الواقعية، وجاء هنيدى ورفاقه ليعيدوا الجمهور ويرسموا البسمة على شفاهه، وقد حقق هذا الفيلم إيرادات تجاوزت الـ27 مليون جنيه، برغم أنه يعتمد على فكرة بسيطة لكنها جذبت الجمهور ليعلن ميلاد جيل جديد من السينمائيين مخرجين ومؤلفين وممثلين بالطبع، وكانت منى زكى واحدة منهن التى استطاعت أن تقفز إلى المقدمة، فكيف رأيت تجربتك فى هذا الفيلم؟.
– كنت قد صورت فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة» قبل «صعيدى فى الجامعة الامريكية» إلا أن الثانى سبق الأول فى عرضه وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً وكان لاختلاف الفيلمين سبباً فى أن تحقيق حضور مختلف لى على شاشة السينما.
- فى مشوارك السينمائى مثلت ثلاثة أفلام أطلقت عليها اسم «مرحلة أحمد زكي»، بدأت بـ «اضحك الصورة تطلع حلوة» ثم «أيام السادات»، وبعدها بخمس سنوات التقيت معه في فيلم «حليم». كيف كان تأثير هذه التجارب الثلاثة عليك؟.
– أحمد ذكى فى رأيي هو “رئيس جمهورية التمثيل” فهو أستاذ تعلمت منه الكثير، ففى أول أيام تصوير فيلم “أيام السادات” شاهدته في الكواليس بملابس الشخصية وماكياجها وحينما وقعت عينى عليه شعرت أننى أمام الرئيس السادات، وكان يتحدث بطريقته ويتعايش بشكل مبهر مع شخصيته، وطبيعى أن أنجذب وأتعلم، وفى فيلم “حليم” كنت موجوعة جداً وأنا أراه يقاوم المرض بالتمثيل، وقبل ترشيحى للدور قال لى أنه ظل يتناقش والمخرج شريف عرفة حول أى دور سأؤديه بالفيلم، ورأيت أن دور الفتاة المعجبة بى يليق عليك أكثر وعلى علاقتنا فقد كان بالفعل يتعامل معى كابنته وقد أبكانى طويلاً رحيله.
منى والسقا
- تلتقين والنجم أحمد السقا لسابع مرة فى أحدث أفلامكما “3 شهور” الذى لم تنتهيا من تصويره بعد، وقد سبق تعاونكما فى ستة أفلام بدءاً من «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» ثم«أفريكانو» و«مافيا»، و«عن العشق والهوى» و«تيمور وشفيقة»، ثم «من 30 سنة» إلى جانب «أيام السادات» الذى لم يجمعكما مشهداً واحداً فيه، وقد نجحتما كثنائى على الشاشة، فما تفسيرك لهذا النجاح؟.
– كانت بدايتي مع السقا في مسلسل «نصف ربيع الآخر»، وبعدها شاركنا في بطولة سهرة تليفزيونية بعنوان «زواج على ورق سوليفان» وكانت تتناول مشكلة الزواج العرفى، واشتركنا في بطولة عدد كبير من المسلسلات التى كانت تعرض في الخليج، وقطعنا مشواراً طويلاً، كبرنا معاً، وبيننا تفاهماً كبيراً، وهذا ما أعطى عملنا مذاقاً مختلفاً، وأنا أعتز بأحمد السقا على المستوى الفنى والإنسانى، وفى السينما العالمية والمصرية كثيراً ماتكررت ثنائيات ناجحة.
- في فيلم «دم الغزال»، الذى جمعك والكاتب الكبير وحيد حامد والنجمين نور الشريف ويسرا، وحمل العمل توقيع المخرج محمد ياسين، تفاجئنا بأداء غير نمطى لشخصية «حنان» الفتاة الفقيرة يتيمة الأبوين التى يتولاها بالرعاية صديقا والدها «نور الشريف وصلاح عبد الله» وتصبح مطمعاً لبلطجى وإرهابى ويسقط دم الغزال في مجتمع ملئ بالعشوائية والظلم، فى أى مكانة بين أفلامك تضعين هذا الفيلم؟.
– هذا فيلم أحبه جداً ليس على مستوى الشخصية فقط بل لفريق العمل كله، الفنان الكبير نور الشريف الذى جمعتنى به مشاهد حلوة وهو فنان نادر فى موهبته المكتملة وثقافته الفنية العريضة والفنانة الكبيرة يسرا، أما الكاتب الكبير وحيد حامد فهو أول من وضعنى مع الكبار وكل فيلم قدمته معه يمثل إضافة فنية مهمة لى، أما محمد ياسين فهو من المخرجين المهمين والمؤثرين جداً في حياتى .
- «إحكي يا شهر زاد» أحد أهم الأفلام في مشوارك، وهو يمثل في رأيي خروجاً كبيراً عن تركيبة الشخصيات التي قدمتها، وكنت خلاله مع المخرج يسري نصر الله أكثر تحرراً وتفهماً وانفعالاً بكل مشهد ولقطة وجملة حوار، وقد نال الفيلم إشادة نقدية كبيرة، ووضعك فى مكانة مختلفة تماماً فى مسيرتك، وأصبحت عن جدارة ألفة جيلك، فماذا عن تجربة فيه؟.
– أنه من الأفلام التى كان لى شرف القيام ببطولته، وكان مفاجأة كبيرة لى أن يسند لى بطولته الكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج الرائع يسرى نصر الله، وهو يطرح قضايا كثيرة تعنى المرأة فى كل حالاتها ومستوياتها وقد هزنى العنف الفظيع فى رد فعل البعض بمجرد طرح برومو الفيلم، لكن هناك أيضاً كتابات عديدة انصفت الفيلم الذى أعتز به كثيرا .
* من خلال دور «زينة» في فيلم «أسوار القمر» كانت منى المحور الرئيسي بانسيابيتها، وملامحها وطلتها الصادقة، لتحسم الموقف دائماً لصالحها، وهذه هى ميزتها النادرة حقاً، أنها تجعلنا نتعايش معها لدرجة تُجبرنا على إغفال أى مما يمكن أن نأخذه عليها، وتستطيع بذكاء أن تلامس مكنونات الشخصية بأدائها المميز مع تقديمها لمرحلتين (قبل وبعد الإصابة بالعمى) ما يدفع عقل ومشاعر المتفرج إلى التماهى في مشاهد الإثارة والخوف، وتخبط المشاعر أحياناً. كيف استطعت تجسيد شخصية البطلة فى مرحلتيها؟.
– جذبتنى الشخصية منذ قرات السيناريو وقمت بشراء عدسة خاصة تحجب الرؤيا لكى أتدرب بها فى مشاهد فقد البصر لكن وقت التصووير لم نستطع استخدامها لأنها كانت ستظهر للمتفرج، لكن مع كثير من التدريب كنت أشعر بالفعل أننى لا أرى.
- وقريباً أو بعيداً، كما يترائى للجمهور، يُلقي ارتباط منى زكى بأحمد حلمى ظلاله عليها كممثلة، ورغم أن الأفلام التى جمعت بينهما (ليه خلتنى أحبك، عمر 2000، سهر الليالى) كانت قبل زواجهما إلا أن الجمهور لازال ينتظر لقاء جديد يجمعهما، لكن ماهو تأثير هذا الزواج على الممثلة منى زكى؟.
– تعلمت من أحمد حلمى الكثير الذى أضاف لى كممثلة، فهو مهموم دائماً بكيفية التلامس مع الجمهور وكيف يجذبه بابتسامة من خلال موضوع يهمه، وهو يفهم جيداً فى الدراما ويقرأ كثيراً، وقد كنت أحب قراءة الروايات لكن حلمى وجهنى للقراءة في علم النفس والطاقة والتنمية البشرية، وشجعنى لأحصل على دورات تدريبية في التمثيل، فحصلت على كورس «ستيلا أدلر» و«ليزا ستراسبورج» وصرت على قناعة أن الفنان مثل الرياضى يحتاج طوال الوقت لتدريبات ترفع من لياقته.