مهرجان سينمائى فى كل محافظة مصرية

بقلم : إنتصار دردير

تشهد مصر خلال الأشهر المقبلة انطلاق أربعة مهرجانات سينمائية وليدة في أماكن مختلفة، بورسعيد، وشرم الشيخ، وأسوان، والجونة، وهي نقلة جديدة من حيث الكم والمضمون، فما يقدمه كل مهرجان سيدفع بلاشك الي حراك في صناعه السينما، كانت تحتاجه منذ زمن بعيد، ومثلما كان حلم صلاح جاهين «أوبرا فى كل حى»، فقد كنا نحلم بمهرجان سينمائى فى كل محافظة من محافظات مصر الممتدة والتى يعانى أغلبها من عدم وجود دور عرض واحدة بها، فتغيب عنها السينما كاحدى أدوات التنوير والتثقيف والتأثير، وإذا كانت مصر من أولى دول العالم التي شهدت وجودا ملحوظا ومميّزا للفن السينمائي الوليد منذ اختراعه، حيث شهدت العرض الأول بعد أيام قليلة من عرض الأخوين لوميير في باريس منذ 121 عاما، إلا أننا خلال السنوات الماضية تأخرنا بمراحل سواء في مستوى الأفلام وصناعتها وأيضا في عدد المهرجانات المحدودة جدا.

 واذا نظرنا إلي عدد المهرجانات السينمائية حول العالم والذي يتعدى الـ4 آلاف، سنجد في عالمنا العربي دولة مثل المغرب تتميز بوجود أكثر من 60 مهرجانا سنويا بها مما ساهم فى ارتفاع مستوى أعمالها السينمائية، وهذا مؤشر الي ماكنا ووصلنا اليه، خصوصا مع علمنا أن تلك المهرجانات السينمائية هي العصب الأساسي للأفلام، والتي يمكنها الدفع بحراك صناعتها في أي مكان.  

وهناك إحصائية تقول «في كل ستة أيام يوجد مهرجان سينمائي في العالم» وهذه الإحصائية غير مبالغ فيها، فتوجهات كل مهرجان تختلف عن الآخر، فهناك مهرجانات متخصصة في أفلام البيئة وأخرى عن أفلام الرسوم المتحركة، ومهرجانات عن الرعب والإثارة والسينما التجريبيه مثلا، ومهرجانات متخصصة بالأفلام الوثائقية.

لذلك فإن تخصص مهرجان بورسعيد بالفيلم العربي، وأسوان بأفلام المرأة، وشرم الشيخ بالسينما الأوروبية، وما قد يوحي اليه مهرجان الجونه باعتباره يسعى ليكون على غرار المهرجانات العالمية ذات الطابع الساحلي والاحتفالي الكبير، يجب بالفعل محاولة الاستفادة من كل هذه المهرجانات لتحقيق عائد ثقافي وفني وسياحي، يساهم في استعادة السينما لمكانتها ودورها الذي كانت تلعبه في الانتاج والاقتصاد، وهذا بالطبع سيرتقى بذائقة الجمهور وينعكس عليه ويصنع مع الاستمرار بعدا ثقافيا وفنيا جديدا .

وينبغي أيضا إعادة النظر في صيغ الدعم وأشكالها، وإعادة التوجه في شكل تلك المهرجانات ومساعدتها، لا أن نفاجأ بأن هناك مهرجان توقف لعدم مقدرته على جلب ضيوفه أو أفلامه، وما يؤسف له حقا ما تتعرض له المهرجانات الحالية من تعسف في الجمارك والرقابة والتصاريح الأمنية وعدم وجود بنية تحتيه لتقدم وجها مشرفا على الأقل في مستوى الاقامة وصالة السينما التي تعرض الأفلام.

كانت السينما وستبقى فنا وصناعة تعبر عن ثقافة الشعوب، وتؤكد شكلًا من أشكال هويته التي ينحتها ويرسمها ليقدمها للآخر وللتاريخ على حد سواء، فهل آن الأوان لنعي ونتفهم ذلك، أتمنى بالفعل أن تنتشر ثقافة المهرجانات في كل ربوع ونجوع مصر، وتعكس نشاطها على كافة المجالات.

Exit mobile version