«سينماتوغراف» ـ متابعات
يستمرّ “مهرجان سينما فلسطين” في تقديم أبرز النتاجات الفلسطينية في المجال البصريّ، متنوّع الأشكال والأدوات، بهدف “المساهمة في الترويج للسينما الفلسطينية”. فمنذ تأسيسه عام 2015، تمكّن المهرجان من تثبيت حضوره موعداً لا يُفوَّت في الأجندة الثقافية لباريس وضواحيها. وبفضل إتاحته فرصةً لنشر أعمال فنانين فلسطينيين وأعمال تتناول فلسطين، يهدف المهرجان إلى إبراز جودة السينما الفلسطينية وتنوّعها. وهذا يترافق مع تقديم فسحة تواصل مباشر بين الفنانين الفلسطينيين والمشاهدين، وإيجاد مساحة للنقاش واللقاءات المتعلّقة بهذه السينما.
في دورته الـ8 الممتدة إلى 5 يونيو 2022 في باريس، وبين 7 و9 يونيو 2022 في مارسيليا، يُقدِّم “مهرجان سينما فلسطين”، الذي تُنظّمه “مؤسّسة مهرجان الفيلم الفلسطيني في باريس”، تنويعاتٍ سينمائية مختلفة، تندرج كلّها في عنوانٍ واحد: “نسويات”، انطلاقاً من نظرةٍ تقول إنّ “نصف المشهد السينمائي الفلسطيني تشغله مخرجات”، على عكس ما يحصل عالمياً، مع سطوة واضحة للمخرجين: “رغم هذا، لا تحظى المخرجات الفلسطينيات بالتقدير دولياً”. والأمر نفسه بالنسبة إلى مسألة “النضال من أجل التحرّر الوطني”، إذ يرى منطّمو المهرجان، في تعريف الدورة الجديدة هذه، أنّ السرد المهيمن عليه يُركِّز على دور الرجال فيه أكثر من دور المرأة: “الثيمة المختارة لهذه الدورة تُساهم في التنبيه إلى مكانة هؤلاء المخرجات في الإبداع السينمائي الفلسطيني، كما في النضال الوطني”.
أفلامٌ عدّة عُرضت في الأيام القليلة الماضية، إلى أخرى ستُعرض بدءاً من 1 يونيو 2022، كالوثائقي “الفانوس الصغير” (2019، إنتاج مشترك بين إيطاليا وهولندا وتركيا وفنلندا، 60 دقيقة) للإيطالي ماريو ريتزي، بحضوره: حكاية آني هوفر كنفاني، المرأة الدنماركية (84 عاماً)، التي جاءت إلى بيروت في ستينيات القرن الـ20، والتقت الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، فتزوّجا عام 1961. إثر اغتياله في 8 يوليو 1972 (منطقة الحازمية، شرق بيروت)، بعد 3 أشهرٍ على احتفاله بعيد ميلاده الـ36 (مواليد عكا، 9 إبريل 1936)، تُقرّر آني إكمال حلمه بخصوص العدالة والتكامل، بخلقها فضاءات مخصّصة بتعليم أطفال فلسطينيين لاجئين في مخيمات لبنان. أمّا الإطار السرديّ للفيلم، فيتمثّل بعرضٍ مسرحيّ مستلّ من نصٍّ لغسان كنفاني، مكتوب للميس (ابنة أخته ليلى) التي استُشهدت معه.
هناك أيضاً وثائقي آخر بعنوان “شقيقة موسوليني” (2018، فلسطين، 70 دقيقة) للفلسطينية جونا سليمان، التي تروي سيرة جدّتها هيام سالم جرجورة في شيخوختها: خيوط قليلة للغاية تُتيح لهذه السيدة، الوحيدة والساخطة، تواصلاً مع العالم الخارجي في مدينتها الناصرة: الهاتف، التلفزيون، الراديو، خادمتها وابنها الخمسينيّ، الصريح والساخر، مثلها. تفاصيل كثيرة تُروى مع هيام وعالمها، ولقطات تخترق شيئاً من المخبّأ في سيرة امرأة وحكاية بلدة ووطن ومجتمع وأناس.