فرنسا ـ «سينماتوغراف»: مها عبد العظيم
يشارك 19 فيلما في المسابقة الرسمية لمهرجان كان 2015 الذي ينطلق يوم الأربعاء المقبل، وتتميز نسخة هذا العام بحضور قوي للسينما الفرنسية تطغى عليها حكايات الحب، ويحضر المهرجان مخرجون اعتادوا ارتياد «الكروازيت» على غرار الفرنسي جاك أوديار والإيطالي ناني موريتي والأمريكي غوس فان سانت، إلى جانب وجوه أخرى جديدة وواعدة.
لكل مهرجان قوانين وأساطير يحيكها محبوه. ومن حكايات كان أن الامتياز شيمة لا تطل عليه سوى كل سنتين. فبعد موسم استثنائي في 2013، بإجماع النقاد والأوساط السينمائية، ونسخة متوسطة عام 2014، يتوقع حسب هذا المنطق أن تشهد الدورة 68 نجاحا كبيرا. وتؤكد هذا الأمر قائمة الاختيارات الرسمية (داخل المسابقة وخارجها، إضافة إلى قسم «نظرة خاصة»)، لكن إلى جانب كبار المخرجين، يسجل مهرجان كان 2015 حضور مخرجين آخرين يشاركون فيه للمرة الأولى.
ومن بين المخرجين 19 الذين يتنافسون على السعفة الذهبية، والذي تم انتقاءهم من أصل 1850 مرشحا، خمسة فرنسيين. وعن هذا السباق الذي يخوضه الفرنسيون في عقر دارهم، قال تيري فريمو المندوب العام للمهرجان: «إنها سنة حلوة للسينما الفرنسية».
وتتولى المخرجة الفرنسية إيمانويل بيركو مهمة دقيقة تجعلها مركز استقطاب كل الأضواء، تتمثل في افتتاح نسخة مهرجان كان لهذا العام بفيلم «مرفوع الرأس» الذي يتناول مسائل التربية عبر قصة فتى منحرف. وستتيح إيمانيول بيركو لبطلة فيلمها، الممثلة الذائعة الصيت كاترين دونوف، أن تكون من بين أوائل الذين سيصعدون مدرج كان الشهير.
أما بالنسبة للأفلام الفرنسية المشاركة في المسابقة الرسمية، نذكر منها «ديبان»، الفيلم السابع لجاك أوديار، وهو دراما على خلفية صدام الثقافات عبر قصة لاجئ من نمور التاميل في فرنسا. ويستلهم أوديار الفيلم بطريقة حرة من كتاب «رسائل فرنسية» لمونتسكيو أحد أبرز فلاسفة عصر التنوير في فرنسا (القرن الثامن عشر).
وتتمثل مفاجأة هذه النسخة في مشاركة المخرج ستيفان بريزيه لأول مرة في مهرجان كان بفيلم «قانون السوق» وهو لوحة اجتماعية عن المعاناة في الوسط المهني، بطلها فينسان لندون الممثل المفضل للمخرج.
وهي المشاركة الأولى أيضا للمخرجة فاليري دونزيلي في المسابقة الرسمية، فتطرح من خلال «مارغريت وجوليان»، في سيناريو كتب في الأصل من أجل المخرج الراحل فرانسوا تروفو، مسألة حب المحارم الشائكة إذ تتناول علاقة عشق بين أخ وأخته.
ومن الأفلام الفرنسية الخمسة في المسابقة الرسمية، «وادي الحب» للفرنسي غيوم نيكلو الذي أضافه المنظمون مؤخرا للقائمة الأولية التي أعلن عنها في 16 أبريل/نيسان. ويجمع الفيلم للمرة الأولى منذ 1980 ودورهما في «لولو» للراحل موريس بيالا، عملاقي السينما جيرار دوبارديو وإيزابيل هوبار اللذين يتقمصان زوجان يلتقيان بعد غياب طويل إثر انتحار ابنهما…
من جهتها وبعد أربع سنوات على فيلم «بوليس» الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم ولاقى نجاحا واسعا، تعود المخرجة مايوان إلى الكروازيت بفيلم «ملكي» المتمثل في قصة حب عاصفة بين فينسان كاسيل وإيمانويل بيركو، إضافة إلى مشاركة الممثلين إيزيلد لوبسكو (أخت المخرجة مايوان) ولوي غاريل.
أما بطلة «ملكي» إيمانويل بيركو فعرفت أكثر بالإخراج وكتابة السيناريو (فهي شاركت مايوان كتابة هذا الفيلم)، وهي ذاتها التي يفتتح فيلمها هذه النسخة الـ68 من مهرجان كان ليغلق لعبة “الكراسي الموسيقية” التي يجيدها الفرنسيون في مجال السينما.
وفي هذا السياق الذي تهيمن فيه السينما الفرنسية على الكروازيت ويلعب فيها أهل المهنة أدوارا مختلفة ومتبادلة، يبدو أن حضور النجمة ماريون كوتيار صار من مقومات المهرجان، وملمحه الأساسي. فبعد أن شاركت في المسابقات الثلاث الأخيرة، ها هي الممثلة الفرنسية تعود مجددا لتسحر البساط الأحمر، بفضل دورها في فيلم «ماكبث» للأسترالي جستين كورزيل.
وحتى يكتمل اللحن الفرنسي، تعزز صفوف الأفلام المتنافسة على السعفة الذهبية، أفلام أخرى خارجة عن المسابقة لكنها ضمن الاختيارات الرسمية، ولعل أكثرها ترقبا من الجمهور هو «حب» لغاسبار نوي الذي يعرض ضمن «حصص منتصف الليل». ورغم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تبحثها بعض الأفلام، تطغى على هذه الباقة التي اختارها المنظمون قصص الحب بمختلف أطيافه (الممنوع والمستحيل والمتعدد والمتجدد..)، فباتت الكروازيت تعبق بعطر العشق الفرنسي.