ميريل ستريب: لم استرح فوق نجاحاتي ومستمرة في التجريب والتحدي

خضعت لتدريبات على الغناء بطريقة سيئة من أجل فلورنس فوستر جنكينز

 

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

لا تتوانى الممثلة الامريكية حائزة الأوسكار ميريل ستريب عن مفاجأة جمهورها مع كل دور جديد تؤديه، فهى دائما ما “تغير جلدها” فتقدم ادوارا ليست فقط متباينة بل متناقضة فى كثير من الأحيان، تؤكد بها قدراتها وموهبتها الراسخة القادرة على التنقل ببساطة واقناع بين مختلف الشخصيات، فقد أبدعت فى الكوميديا حين كانت الجوائز تكرسها نجمة الأدوار الدرامية والتراجيدية المعقدة والصعبة، ولا تطل ستريب في شخصية في السينما أو المسرح الا وتكون اطلالتها مميزة وموحية للعديد من النقاد. وفي أحدث أفلامها «فلورانس فوستر جنكينز» تجسد ستريب شخصية المغنية المحترفة وتقدم قصة حياتها المليئة بالمواقف المضحكة والساخرة.

كذلك أطلت في «مهرجان شكسبير» في «بارك لندن» حيث جسدت شخصية المرشح للرئاسة الاميركية دونالد ترامب وهي المناصرة لهيلاري كلينتون فظهرت في حلة ساخرة لفتت الأنظار اليها بقوة، وفى حديثها لمجلة «لوفيجارو» الفرنسية قالت ميريل عن دورها فى فيلم  «فلورانس فوستر جنكينز» الذى يحكي قصة المغنية التي انطلقت من نيويورك حالمة بأن تصبح مشهورة رغم صوتها البشع وفقدانها لأدنى درجات الإبداع وكان حلمها ان تصبح مغنية اوبرا عالمية.

 وقالت ستريب أنها سمعت عن هذه المطربة خلال دراستها الجامعية منذ 40 عاماً حين كانت مشاركة في مسرحية «حلم ليلة صيف» مع أوركسترا «يال سكول اوف ميوزيك» وتصف ذلك اليوم قائلة : رأيت فريق العمل مجتمعا حول آلة تسجيل والكل يضحك وهم يستمعون الى كاسيت مسجل. وكان التسجيل لفلورانس فوستر جنكينز…

ورغم أنه سبق للسينما الفرنسية تقديم فيلم «مارغريت» الذي يحكي قصة حياة نفس المطربة الا أن ميريل أكدت : لم أكن قد سمعت عنه قبل شروعي في بروفات هذا الفيلم. كان ستيفن فريرز قد اتصل بي ليطلب مني قراءة السيناريو فوافقت قبل القراءة لأني كنت راغبة بالعمل معه، الأمر الذي لم يحصل من قبل. ولكن حين قرأت السيناريو وجدت قصة الحب هذه غريبة وهي تصور جيداً فكرة كيف ان الحب قد يعمينا عن تفاصيل كثيرة لا تخدمه وكيف يجعلنا نشعر بالحياة اكثر.

السوبرانو ميريل

فى الفيلم تبرع ميريل فى الغناء بطريقة سيئة، وتقول ضاحكة: لم يكن الأمر سهلاً لكنني استعنت بصديقتي اودرا ماكدونالد وهي سوبرانو رائعة التي وجهتنى الى مدربها الخاص ليساعدني. كما تدخلت في تدريبي على أمور كثيرة، وكانت الصعوبة لدي في ايجاد الايقاع الضروري ما بين الغناء السييء والفرح الذي كانت تظهره فلورانس وهي تغني والذي كانت تتقاسمه مع جمهورها، وقد تدربت أيضا على الغناء بالفرنسية التى درستها وأنا صغيرة جداً لكنني لم أجد الوقت الكافى ابداً لأتمرن على التحاور مع أحد بهذه اللغة. افهم جيداً حين اسمع أحداً يتكلم بالفرنسية لكنني اخشى كثيراً أن اقع في أخطاء لغوية وفي القواعد الصعبة!

لحظات قاسية

تعترف ستريب أنها عاشت لحظات قاسية فى بدايتها تماما مثل بطلة الفيلم مؤكدة: كل انسان يعيش لحظات مماثلة، وربما من اجل ذلك، يتعاطف الناس مع ظاهرة فلورانس لأننا كلنا نبدأ بمفهوم طفولي للأمور ويكون هدفنا ان نلعب اي دور بشكل غرائزي. ولكن هذه الأمور تتغير ما ان تتخطى سن السنوات العشر أو اكثر بقليل، ولكن ما حصل مع فلورانس ان هذه المرحلة لم تنته بل استمر ذلك الشعور لديها بأنها ستصل مهما كلفها الأمر مستندة فقط الى حبها للغناء ولجمهورها، ولو تكرر نفس الأمر بحذافيره معى لأصبت سريعاً باليأس، اما هي فقط استمرت.. وشخصياً أنا كبرت في عائلة متناقضة، مع أب كئيب للغاية وأم متفائلة وضاحكة باستمرار، وانا نتيجة لقاء هاتين الشخصيتين المتناقضتين .

ورغم المشاهد الغارقة فى الكوميديا بالفيلم الا أن ستريب تقول أن السينما لاتضحكها فى الواقع مؤكدة : في السينما، لا أضحك كثيراً. ولم افهم يوماً كيف يجد الناس جيري لويس مضحكاً؟ أما الفيلم الذي اضحكني للغاية فقد شاهدته حين كنت صغيرة وكان فيلماً روسياً. وشكّل صدمة بالنسبة لي حين عرفت ان الناس في روسيا مثلا يضحكون لنفس الأمور ونفس التفاصيل التي تضحكنا في ثقافتنا الخاصة.

نقاط تماس

نقاط تماس بين ستريب وبطلتها فلورانس فوستر جنكينز برغم تباعدهما، اذ ان فلورنس كانت تحترم بشدة قوات المارينز وهى تدافع عن وطنها وكذلك النجمة الكبيرة التى تؤكد حبها “لكل ما يصبو اليه وطني في أن يصبح عليه. ولدي أمل في ان تصطلح الأمور… أنا معجبة بباراك اوباما مثلاً. فانتخابه حمل الكثير من المعاني لأميركا وسيذكر التاريخ من دون شك بأنه كان من افضل الرؤساء الاميركيين. ولكن النقطة التي طلب منه ان يتوقف عندها نظراً الى متطلبات العالم والوضع الذي وجد الحكام لدينا نفسهم فيه لا رجوع عنه. هنا، ارى ان الامور تتجه نحو واقع مهني”.

تلعب الموسيقى دورا كبيرا في حياة ميريل ستريب وتوضحه قائلة: الموسيقى مهمة جداً أحياناً استمع الى نشرات الأخبار ولكن حين ارى ان حياتي اصبحت سوداء، اتوقف واستمع فوراً الى الموسيقى لأنها ترفع من شأن الحياة ومن معنويات الانسان وتعطي الحلم والامل وتجعلنا نشعر بجمالية اننا نعيش هذه الحياة ، تقريباً احب كل أنواع الموسيقي ما عدا ربما الأوبرا الصينية التي اجدها غير مفهومة (تضحك) استمع الى الموسيقى من كل العالم، الكلاسيكية منها والروك..

ووسط كل النجاحات التى تحققها ستريب الا أنها لاتتأثر بالمدح والاطراء وعلى حد قولها لقد تقدمت كفاية في السن لأتأثر بهذه الأمور، وحين كنت شابة صغيرة فى بدايتى كنت امتلك الحس الضروري لمعرفة من يكذب ومن يقول الحقيقة.

قبل ان تموت قالت فلورانس فوستر جنكينز: «قد يقول الناس بعد حين انني لم أكن أغني بشكل جيد، لكنهم لن يتمكنوا من قول انني لم امارس الغناء.

أما ستريب فتقول” أحب ان يقول الناس عني انني لم استرح فوق نجاحاتي وانني استمريت في التجريب والتحدي لأخرج من الركود الذي قد تتركه الراحة. الفكرة الاساسية لدي هي ان ابحث دائماً عن الأماكن العالية لأصعد اليها وأتخطاها”.

 

Exit mobile version