«سينماتوغراف» : يوسف الشايب
تواصل المُنتجة الفلسطينية مي عودة تحقيق نجاح تلو الآخر، في مسيرتها المتواصلة، فما بعد إنتاجها لعدد من الأفلام الفلسطينية الطويلة والقصيرة التي حققت حضوراً عالمياً، جماهيرياً ونقدياً وجوائز، وأبرزها في الفترة الأخيرة: “200 متر” الروائي الطويل لأمين أبو نايفة، و”إجرين مارادونا” الروائي القصير لفراس خوري، قبل أن تعود إلى دائرة الأضواء عبر الفيلم العراقي “جنائن معلقة”، كمُنتجة أساسية.
والفيلم الروائي الطويل الذي يشكّل التجربة الأولى لمخرجه العراقي أحمد ياسين الدراجي، فاز، قبل أيام، بجائزة “اليُسر” الذهبيّة لأفضل فيلم طويل في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بمدينة جدّة السعودية، وكذلك جائزة أفضل إنجاز سينمائي لمدير تصوير الفيلم دريد منجم، فيما انطلقت عروضه الدولية، في أيلول الماضي، من بوابة مهرجان البندقية (فينيسيا) السينمائي الدولي، ليكون أول فيلم عراقي يُشارك رسمياً في المهرجان السينمائي الأقدم في العالم، وتحديداً ضمن قسم “آفاق إضافية” فيه.
وعبّرت مي عودة عن سعادتها بما حققه ومن المتوقع أن يحققه فيلم “جنائن معلقة”، الذي أنتجته بالشراكة مع العراقية هدى الكاظمي والبريطانية مارغريت غلوفر، والمصري محمد حفظي كمُنتج مشارك، مشيرة إلى أن إنتاج فيلم عراقي عبر منتجين عرب سابقة يجب أن تتكرر في العراق وغيرها من الدول العربية، متحدثة عن العلاقة الخاصة بين فلسطين والعراق، على مستوى التاريخ المشترك، وفي أكثر من اتجاه، مقدمة تجربتها هذه في المشاركة بإنتاج فيلم يمثل العراق بالمحافل السينمائية العربية والدولية لروح والدها، وهي “تجربة” تفخر بها، كما أكدت.
والفيلم يرصد بشكل ما تحوّلات المجتمع العراقي، وما آل إليه، بالتزامن مع مرور قرابة العشرين عاماً على الاحتلال الأميركي للعراق.. وقالت عودة: الفيلم يرصد ما بعد الحرب، ويحمل إشارات لكل الحروب المتواصلة في العالم، وفي الدول العربية على وجه الخصوص، التي تدفع الشعوب ثمنها، وعليه فهو فيلم يطرح قضية إنسانية، انطلاقاً من المأساة العراقية.
ويتناول الفيلم حكاية شقيقين يعملان على جمع ما يمكن بيعه من مخلفات جيش الاحتلال الأميركي لبيعها، بحيث باتت تشكل مصدر رزقهم الأساس، إلى أن يعثر الأخ الأصغر على مجسّم يحاكي كائناً بشرياً أنثوياً من مخلفات الجنود الأميركيين، كانوا يستخدمونه لتفريغ شهواتهم، فيصطحبه معه إلى المنزل، ومن ثم تبدأ مغامراته رفقة هذا المجسّم الأميركي في شوارع بغداد، بعد أن يقوم شقيقه الأكبر بطرده، إثر ذلك.. عبر هذه الرحلة، يكتشف المشاهد الكثير من الخبايا والحكايات غير المعروفة عن بغداد ما بعد الغزو الأميركي بقرابة عقدين من الزمن.
وشددت عودة على أهمية أن خرج الفيلم ممثلاً للعراق، رغم كونه إنتاجاً مشتركاً بين فلسطين، والعراق، وبريطانيا، ومصر، والسعودية، فـ”العراق تستحق على مستوى إرثها الثقافي عامة، والسينمائي خاصة، وعلى مستوى المبدعين خاصة من الأجيال الشابة”، وهو ما تبدى عبر ممثلي فيلم “جنائن معلقة” ومصوّريه والقائم على إنتاجه.
ويمكن الإشارة إلى أن قصة فيلم “جنائن معلقة”، تنطلق مما قد يبدو بسيطاً، وفي إطار ساخر، لتحكي بعمق عن آثار الدمار الذي تسببت فيه الحروب المتتالية والمتواصلة في العراق منذ العام 2003، وما قبل ذلك ربّما، وشارك في تجسيد شخصيّاته كلّ من: حسين محمد جليل، ووسام ضياء، وجواد الشكرجي، وأكرم مازن علي.
وعبّرت المنتجة الفلسطينية عن سعادتها بتكرار تجربة العمل مع “مبدعين” سبقت العمل معهم على المستوى التقني، مشيرة إلى أن أعمالاً فلسطينية وعربية قد تخرج مع الوقت، مع تكريس ما يمكن وصفه بعائلة إنتاجية عربية عالمية.
وختمت عودة حديثها، بالتأكيد على أهمية ما حققه ومن المتوقع أن يحققه “جنائن معلقة” في المهرجانات الدولية، وآخرها فوزه بالجائزة الكبرى في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدّة بالمملكة العربية السعودية، مشددة على أن “لا حدود للإنتاج”، وأنها تسعى على الدوام لتكون جزءاً من إنتاجات سينمائية فلسطينية وعربية تحقق إنجازات تدفعها للفخر بما قامت وتقوم به.
جدير بالذكر أن المنتجة الفلسطينية مي عودة كانت فازت، قبل عامين، بجائزة مجلة “فاراييتي” الأميركية المتخصصة في مجال الترفيه كأفضل موهبة عربية في منطقة الشرق الأوسط، علاوة على ما حصدته إنتاجاتها الفلسطينية من جوائز مهمة عربياً ودولياً.