تونس ـ «سينماتوغراف»: ليلي بورقعة
اليوم ستكون الأجواء سينمائية بامتياز والشوارع في تونس تحتفي بالفن السابع رقصا على إيقاع الفن والفرح والحياة مع حلول عر (أيام قرطاج السينمائية) في دورتها الـ 29 حيث يتجدد الموعد مع أشهر وأعرق مهرجان عربي وإفريقي …
مرة أخرى تكون تونس عاصمة السينما ووجهة المبدعين والفنانين وعشاق الصورة في دورة جديدة تطلق صفّارة الانطلاق مساء اليوم 3 نوفمبر بمدينة الثقافة ويسدل ستار الختام يوم 10 نوفمبر 2018.
وفي سبر لأغوار هذه الدورة وولوج إلى عالمها ومعالمها للتعرّف على ملامحها… صرح مديرها نجيب عيّاد لـ «سينماتوغراف» خلال اللقاء التالي بأنه سيقدم استقالته فور الانتهاء من هذه الدورة، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
- إلى أي مدى تحضر مواطن التجديد وما عناوين الإضافة في الدورة 29 من أيام قرطاج السينمائية؟
لا شك أن دورة هذا العام من هذا المهرجان الشهير والعريق تحمل في طيّاتها الجديد وتعد بالتجديد. ولعل من أهم مستجدات الدورة 29 من أيام قرطاج السينمائية هو امتلاك مقر قار بمدينة الثقافة بعد سنوات من التشتت والتنقل من مكان إلى آخر، وكذلك الانتفاع بولادة قاعات جديدة للسينما ستتيح لنا العمل في ظروف أفضل و ستوّفر للجمهور فرجة رائقة بعيدا عن الازدحام والتدافع.. كما ستحتضن مدينة الثقافة حفل الافتتاح وسهرة الاختتام للأيام فإنها ستخصص 4 قاعات بمواصفات تقنية عالية لاحتضان عدد من عروض المهرجان ممّا سيثري خارطة قاعات السينما التي ستحتفي بأفلام أيام قرطاج السينمائية.
ومن أبرز مظاهر التميز لهذه الدورة والتي ستكون لها بصمتها ووقعها هو الاهتمام أكثر بتعزيز حضور «قرطاج للمحترفين» ليكون منصة مهنية ذات أثر ونتائج ملموسة في أيام قرطاج السينمائية وحاضنة للأفكار والمشاريع وفرصة للتشبيك بين سينمائيّي الجنوب ونظرائهم في الشمال. وهذه المنصة تستدعي هذه السنة أكبر المختصين وأشهر المنتجين والمخرجين لتبادل الخبرات ولدعم التجارب السينمائيّة الجادّة والواعدة. ونحن إذ نملك هذا الجمهور العظيم الذي هو رأس مال المهرجان وهذا التاريخ العريق والخبرة الطويلة… فلا شيء ينقصنا لنكون بحق سوقا سينمائية عربية وإفريقية.
- ما بين دورات حادت عن الأصل وأخرى تنّكرت للثوابت، هل ستكون هذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية وفيّة لمبادئ التأسيس وملامح الهوية؟
اخترت أن يكون شعاري في إدارة أيام قرطاج السينمائية هو الرجوع إلى الثوابت والحفاظ على هوية المهرجان العربية الإفريقية وذلك بخلق توازن أكبر بين إفريقيا والدول العربية من حيث اختيار الأفلام والضيوف. وأيضا دعم خصوصيّته الإقليمية والعالمية باعتبار أنه مهرجان ذو توجه ثلاثي يهتم بقارات إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
كما لا ننسى دائما وأبدا ضرورة تعميق الخيارات الإبداعية التي تدعم سينما النضال والمقاومة والإنسان… كما أراد الأب المؤسس طاهر شريعة لمهرجان أيام قرطاج السينمائية أن يكون.
- هل السجاد الأحمر من مبادئ المهرجان… خصوصا وأنه يحدث وأن يسير على هذا السجاد وتحت الأضواء من هم من غير الفنانين ولا السينمائيين ولا المبدعين؟
إذا كان طول السجاد الأحمر في السنة الفارطة 150 متر فإنه في هذه السنة سيكون على امتداد 500 متر ليس لغاية البهرج بل لتكون فسحة رائقة لأهل السينما في حضرة الفن السابع. وأجزم بأني لا أرسل دعوات الافتتاح والاختتام إلا لأصحابها ومن يستحقون فعلا أن يكونوا ضيوف المهرجان من الفنانين والمخرجين وصنّاع السينما… أما كيف تصل تلك الدعوات لغير أهلها فتلك مسألة تتجاوزني ولا يمكنني أن أحاكم كلّ فنان فرّط في دعوته لغيره…
- هل تعتبر أن ولادة مهرجان «منارات» للسينما المتوسطية وبعث مهرجان الفيلم التونسي إضافة أم منافسة لأيام قرطاج السينمائية؟
بكل صراحة لا يمكن لأي مهرجان آخر أن ينافس أيام قرطاج السينمائية لأنها ببساطة صنعت لها خصوصية وهوية ثابتة وحجزت مكانة خاصة بها وحدها على مستوى عالمي لأنها لا تلهث وراء احتكار العرض العالمي للأفلام بقدر ما تبحث عن العمق والإبداع والسينما الهادفة حاملة الرسالة والمدافعة عن القضية .و بخصوص مهرجان «منارات» أعتقد أنه كان موّفقا في جانب منه في حين كانت بعض نقاطه في حاجة إلى توضيح أكبر…أما فيما يتعلق بمهرجان السينما التونسية فهو بادرة جيدة على مستوى الفكرة لكن حسب تقييمي الشخصي كان من الأفضل الانفتاح على الجهات أو على الأقل على فضاءات أخرى وعدم التمركز فقط في مدينة الثقافة…
- بعد دورتين وفي سنتين، هل أنت راض على إدارتك لأيام قرطاج السينمائية؟
على هامش هذا السؤال أخصّكم بسبق صحفي أعلن فيه عن استقالتي من إدارة الأيام على إثر انتهاء الدورة الحالية مع العلم إني رفضت هذا المنصب لخمس مرات سابقة. أعتقد أني أترك المهرجان في أمان واستقرار بعد أن أصبح له مقرّ ثابت وفريق عمل دائم يشتغل طوال السنة للتحضير للدورة المقبلة. كما صار المهرجان يهتم أكثر بالجانب التوثيقي وحفظ الذاكرة السينمائية وفي رصيد قاعدة بيانات محترمة ومحيّنة…
هذا الانسحاب يعود إلى رغبتي في التفرغ للإنتاج سيّما وأنني انتهيت مؤخرا من إنتاج فيلم جديد للمخرج عادل بكري تمّ تصويره لأول مرة من نوعها في مدينة حيدرة بولاية القصرين وهي قرية جميلة ولكنها للأسف مهمّشة وتفتقر إلى أدنى مقوّمات السياحة… ومن المنتظر أن تشهد في الأشهر القادمة ولادة فيلم جديد للمخرج أمين بوخريص وفيلم آخر للمخرج عبد الله يحيى.
وسواء أكنت مديرا لأيام قرطاج السينمائية أو منتجا للسينما والدراما فطموحي خدمة الثقافة وإعلاء راية الفن التونسي لتبقى بلادنا عنوان الإبداع والحياة.