نواكشوط للفيلم القصير يستعيد رونقه

“دار السينمائيين” ترعى المهرجان وتعرض “تمبوكتو” مفخرة الموريتانيين
“نواكشوط للفيلم القصير” يستعيد رونقه
بأفلام دولية ومحلية وورش فنية فى نسخته التاسعة
نواكشوط ـ خاص “سينماتوغراف”
 
مابين محاولات طموحة لإرساء صناعة سينما، وقلة الإمكانات وندرة الإنتاج، يصر سينمائيو موريتانيا على تحدى الظروف ومواصلة المشوار لتقديم أفلام تعبر عن هويتهم وهموم مجتمعهم برؤية جيل جديد مفعم بالموهبة وملئ بالاصرار، ومع إنطلاق الدورة التاسعة من مهرجان نواكشوط الدولى للأفلام القصيرة التي تم إقامتها خلال الفترة من( 23-27 أكتوبر) يتجدد الأمل، خاصة وقد جاءت هذه الدورة أكثر تميزا واستطاعت أن تجتذب الجمهور الموريتانى المتعطش لمشاهدة أفلاما وطنية والاطلاع على تجارب سينمائيين من مختلف دول العالم، حيث شاركت فيها كل من تونس والمغرب ومصر والجزائر وبريطانيا وليبيا والأردن إضافة إلى كردستان العراق وفرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان – الضيف الرسمي للمهرجان.
 
وقد أقيم المهرجان برعاية دار السينمائيين الموريتانيين التى حرصت على أن تكون النسخة التاسعة منه أكثر انفتاحا على السينما العالمية، بعرض أفلام طويلة خارج المسابقة من بينها الفيلم الموريتاني “تمبوكتو” المشارك في سباق الترشيح لأوسكار  أفضل فيلم أجنبي للمخرج الكبير عبد الرحمن سيساكو، ويأتى المهرجان بعد فترة غياب للفن السابع عن الساحة الثقافية الموريتانية، وقد أعيد إحياءه من جديد انطلاقا من فكرة دار السينمائيين الموريتانيين وهى مؤسسة غير ربحية تهدف لدعم صناعة السينما، وأقيم حفل الافتتاح بحضور رسمي ضم وزيرة الثقافة ورئيسة المجموعة الحضرية وممثلين عن اليونسكو وعدد من الشركاء، إضافة إلى اليابان.
 
 
ونظم المهرجان ثلاث مسابقات وهي المسابقة الوطنية للأفلام الموريتانية والمسابقة الدولية للأفلام العربية والعالمية ومسابقة الورشات، وبلغ عدد الأفلام المشاركة 45 فيلما من 12 دولة، شارك منها 30 فيلما فى مسابقاته الثلاث وتنافس فى المسابقة الدولية ستة أفلام فقط.
وقد حظى المهرجان باهتمام الدولة وأشارت وزيرة الثقافة والصناعة التقليدية فاطمة فال بنت الصوينع “إن مهرجان نواكشوط للفيلم القصير يعد حدثا مهما يجمع الكثير من سفراء الثقافة والإنسانية من العالم في خضمه، وينبثق عن تجربة ناجحة جسدها طموح الشباب القائمين على دار السينمائيين الموريتانيين”.
 
فيما أكد مدير المهرجان السيد محمد ولد إدوم “إن تسع سنوات مرت على مهرجان نواكشوط للفيلم القصير وهو يشكل أفقا ممتدا، يهب سكان نواكشوط فسحة للمتعة والفرجة لتحقيق طموح الشباب الموريتاني في سينما وطنية” تعبر عن قضايا وطموحات بلاده.
 
وقد عرض خلال المهرجان أفلاما حملت مضامين متعددة وقضايا جريئة  فقدمت المخرجة نبغوها بنت زيدان فيلم “خريف” والذي تناول قصة رجل خمسيني يعيش تحت وطأة صدام حقيقي بين حضارتين احتضنته إحداهما مدة 22 عاما، لتقذف به روح الانتماء إلى أرض أخرى قابلته بالرفض، وقد مثل دور البطولة فيه الممثل والمخرج الموريتاني المعروف سالم دندو، وصوره المختار ولد إبراهيم، أما فيلم “حلوتي فرنسا” لمخرجه عبد الله جاه، فقد طرح معاناة الشباب الموريتانى المغترب في فرنسا حيث يعبر البطل عن أزمته من خلال رسائل يرسلها لصديقه في أرض الوطن، منتقدا طريقة المعاملة التي يلاقيها المهاجر والمصاعب التي يواجهها بعيدا عن أهله، وجاء فيلم “1637” لمخرجه حمادة سيداتي متخذا الفانتازيا التراجيدية بصمة واضحة في أسلوبه. وقدم االمخرج محمد الددة  فيلمه الوثائقى بعنوان” بورات .. مثلث الأمل” الذى جاء كمرآة عكست صورة مثلث الفقر في وسط موريتانيا، مسلطا الضوء على معاناة مواطنين انقطعت بهم السبل بعيدا عن مراكز الخدمات ويعيشون فقرا مدقعا، ويعد فيلم “متاهة “لمخرجه الموريتاني محمد سيد أحمد الحدث الاستثنائي في الطرح إذ اختار موضوع التطرف ووقوع الشباب في شرك الجماعات الإرهابية موضوعا له.
 
 
تمبوكتو مفخرة الموريتانيين
 
عبد الرحمن سيساكو هو الاسم الأشهر على الإطلاق فى السينما الموريتانية، فهو من أوائل الموريتانيين الذين سافروا لدراسة السينما فى الخارج، واتجه الى روسيا وبعد أن أنهى دراسته اختار فرنسا ليقيم بها، ويقدم من خلالها أفلامه التى لم تنفصل عن قضايا بلاده، والتى توجها بفيلمه الأخير “تمبوكتو” المشارك فى مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبى، وقد شهد عرضه خلال المهرجان جمهورا غفيرا من الموريتانيين الذين عبروا عن شعورهم بالفخر تجاه سيساكو.
 
وقد حرص المهرجان على إقامة عدة ورش فى مجالات الفن السابع كالسيناريو والتمثيل والتصوير والاخراج التى شارك فيها عدد كبير من الشباب الموريتانى وأشرف عليها سينمائيين من مصر والمغرب.
 
واستطاع مهرجان نواكشوط فى نسخته التاسعة أن يبعث الحياة من عام الى عام فى صناعة الأفلام التى عرفتها موريتانيا منذ سبعينيات القرن الماضى على أيدى  سينمائيين كبار أمثال محمد هندوه، وعبد العزيز أحمد محمد الحسن، وعبد الرحمن سالم، وهمام أفال الذى كان أول موريتانى يتجه لتمويل الأفلام ، وشهدت السينما الموريتانية انتكاسة خلال فترة الثمانينات، ومع اطلاق الأسبوع الوطنى للفيلم عام 2006 عاد الأمل من جديد، وقد تحول بعد سنوات إلى مهرجان نواكشوط للأفلام القصيرة برعاية دار السينمائيين التى تسعى ليحقق مكانة مميزة ويساهم فى انطلاقة حقيقية للسينما الموريتانية. 
Exit mobile version