«سينماتوغراف» ـ أميرة لطفي
سيظل نور الشريف أكثر نجوم الصف الأول الذين دخلوا مجال الإنتاج السينمائي انطلاقاً من مهمة محددة ليس من بينها الربح أو البحث عن دور على الشاشة، لاسيما وأن ما أقدم عليه من إنتاج جاء في وقت كان فيه متربعاً على القمة، أي تحت الأضواء ومطلوباً من قبل المنتجين. وكان دخوله مجال الإنتاج مدفوعاً برغبة أكيدة في تقديم مخرجين وكتاب جدد والكشف عن مواهب شابة بالدرجة الأولى، مؤكداً أن هذا واجبه وأنه مثلما وجد من يمد له يد العون فى بداياته فإن عليه أن يرد الجميل.
عاش نور الشريف حياته قبل أن يرحل ولديه مشروع طموح لتقديم أفلام قصيرة من انتاجه، يتيح من خلالها للمواهب الشابة تقديم تجاربهم الأولى. بعد أن استطاع أن يرسخ إسمه ليس كنجم سينمائى موهوب فقط ولكن كمنتج أيضاً من خلال شركة ” n .b” مع زوجته الفنانة بوسى.
ومع إنتاج نور الشريف، ظهرت أسماء شابة وواعدة لأول مرة مثل سمير سيف، ومحمد خان، ومحمد النجار. ليس ذلك فحسب، بل إن الأفلام التي صنعها هؤلاء معه صنفت كعلامات فارقة في تاريخ السينما المصرية.
فالفيلم الأول الذي أنتجه نور الشريف وهو”دائرة الانتقام” عام 1976 وأخرجه سمير سيف كان نوعية جديدة تعتمد على الحركة والسرعة بما يمكن أن يطلق عليه فيلم “أكشن” حقيقي، وهو ما قاد نور الشريف لاختيار مخرجه سمير سيف ليخرج له ثانى فيلم من إنتاجه وهو فيلم “قطة على نار” 1977. وقد كسر الفيلم تابوهات ظلت جامدة لسنوات طويلة واختلف حوله الكثيرون لجرأته في معالجته للفيلم الأميركي المأخوذ عنه من تأليف تينسي وليامز تحت عنوان” قطة على سطح من الصفيح الساخن”، مع اختلاف تقاليد والعادات في كلا البلدين.
كما أنتج نور الشريف فيلم “مدينه الصمت” للمخرج وكاتب السيناريو كمال عطية، مع محمد اسماعيل رضوان، وشارك فى بطولته نور الشريف، حسن حسنى، أحمد راتب، أحمد عبد الوراث ونيللى .
فى عام 1981 قدم نور الشريف مع بوسى و المخرج حسين كمال واحداً من أجمل الأفلام الرومانسية فى تاريخ السينما المصرية حتى الآن وهو فيلم “حبيبى دائماً”، قصة وسيناريو كوثر هيكل وحوار رفيق الصبان. وقد حقق الفيلم نجاحا جماهيريا كبيرا.
وفى نفس العام قام نور بانتاج فيلمه “ضربة شمس” ليقدم من خلاله المخرج محمد خان فى اول أفلامه الطويلة والذى اعتبره الجميع الانطلاقة الحقيقية للسينما الجديدة فى فترة الثمانينيات، ولعب بطولته أمام بوسى، توفيق الدقن، ليلى فوزى.
وقد أوضح هذا الفيلم بجلاء بصمة مخرجه محمد خان صاحب مدرسة التصوير خارج البلاتوه وسط الأماكن الحقيقة لأفلامه وهي البصمة التي لايزال يصر عليها حتى اليوم.
في عام 1984، أنتج نور الشريف واحداً من علامات السينما المصرية وهو فيلم “آخر الرجال المحترمين”، من تأليف وحيد حامد، واخراج سمير سيف. وقد حاول الفيلم تعريف المجتمع المصري ببعض قضاياه المهمة من خلال مفاهيم بسيطه ومشاعر مختلفة نجد الفنان يحاول ونقد المجتمع بسلبياته مثل قضايا الثار والتخاذل والفقر مع الدعوة الى الخير والفضيلة.
وفى عام 1988 قدم فيلم “زمن حاتم زهران” وقدم من خلاله المخرج الشاب محمد النجار وقصة وسيناريو وحوار عبدالرحمن محسن وشاركه البطوله كل من بوسى، مشيرة اسماعيل، صلاح السعدنى. ويطرح الفيلم مشكلة الذين حاربوا لتحقيق النصر واسترداد الكرامة والذين لم يحاربوا وقفزوا على الصورة وتصدروا المشهد كأبطال وطنيين بينما توارى المقاتلون الذين دافعوا عن الأرض والعرض.
وفي عام 1992، أنتج نور الشريف، بالتعاون مع مجلة فن اللبنانية فيلم “ناجي العلي” تأليف بشير الديك، واخراج الراحل عاطف الطيب، ،1992 ولم يعرض الفيلم في دور العرض سوى اسبوعين فقط بسبب الهجوم العنيف الذي شن من قبل احدى الصحف المصرية على الفيلم والعاملين به.
وقد قام نور الشريف لمدة عامين بمتابعة وجمع المعلومات عن الفنان ناجي العلي، بالاضافة الى مقابلة أصدقاء ناجي في الكويت ولندن والدول العربية حتى تكون الشخصية قريبة منه، ومن أجمل التعبيرات التي وردت على لسان نور الشريف عن ناجي العلي “أنه نموذج لغياب الحرية، فهو لا يمسك مدفعاً ولم يؤلف حزباً، بل يمسك قلماً وريشة ويستخدم حبر وورق”. ويعكس انتاج نور الشريف لهذا الفيلم حرصه على حرية الرأي والابداع دون قيد أو شرط.
وكان آخر ما أنتجه نور الشريف فيلم “العاشقان”، وقام بإخراجه أيضا عام 1992، وهو من تأليف كوثر هيكل.