صورة فوتوغرافية جمعت بين النجمين البريطانيين كيت وينسلت وأدريس آلبا أثناء تقديمهما جائزة “بافتا” لأفضل ممثل عام 2016 والتي فاز بها ليوناردو دي كابريو عن فيلم The Revenant”، هذه الصورة خطفت أنظار المخرج الفلسطينى هانى أبو أسعد وجعلته يصرخ على طريقة نيوتن “وجدتها”، فقد عثر فيها على ضالته ليختارهما لبطولة فيلم The Mountain Between Us.
الفيلم الذى يجمع بين المغامرة والرومانسية يأخذنا فى رحلة المخاطر بصحبة وينست وآلبا الذين يلتقيان بالمصادفة ويستقلان طائرة واحدة فكل منهما لديه ارتباط مهم يحتم عليه ضرورة السفر فهى تسافر لاتمام حفل زفافها وهو ينتظره مرضاه لاجراء جراحات لهم لكن تتحطم الطائرة التي يستقلاها إلى نيويورك، وتتقطع بهما السبل فى منطقة جليدية لاحياة فيه، فيتحدا للبقاء على قيد الحياة وسط الثلوج في رحلة محفوفة بالمخاطر لكن الحب يشعل الأمل فى روحيهما وينجحا فى العودة للحياة، وقد تغير فى كل منهما أشياء لا حصر لها.
* أنها التجربة الأولى للمخرج الفلسطينى فى هوليوود وللتجربة الأولى مخاطرها وتحدياتها أيضاً، لذلك كان لابد أن نتوقف معه عند تفاصيل تلك التجربة الهامة والى أين تأخذه، إن العمل فى هوليوود يخضع لشروط وقواعد مختلفة تماماً، فكيف كانت تجربته وهل حققت له ما كان يطمح إليه، وهل سيكتفى بها أم ستتبعها تجارب أخرى، وهل حقق الفيلم نجاحاً يرضيه ويثبت أقدامه فى السينما الأمريكية، وهل يكرر تجربة الراحل مصطفى العقاد؟، وما موقع السينما الفلسطينية فى اهتماماته بعد أن خاض تجربة هوليوودية؟.
ـ صورة كيت وينسلت وإدريس آلبا فتحت بداية الحديث معه وهو يستعيد تلك اللحظة، إن المخرج يظل فى حالة قلق لا تنتهى على الفيلم، فإذا انتهى من السيناريو قفزت صور أبطاله، وقد شغله كثيراً من يسند إليهما هذا الفيلم الذى يتطلب ثنائى جديد، لم يسبق وأن تعاونا معاً، وكانت صورة النجمين معاً هى التى خطفت قلبه واستحوذت على تفكيره وكما يقول : عندما رأيت صورتيهما معاً كانا بمثابة السحر وشعرت أننى أود أن أشاهدهما فى فيلمى وحين طرحت اسمهما على مسئولى شركة Fox تحمسوا لفكرة جمع هذا الثنائي سوياً في فيلم واحد وعلى الفور بدأت تجارب الأداء لـ كيت وألبا .
* بالتأكيد التجربة كلها كانت مختلفة تماماً عن أفلامك السابقة، لكننا نود أن نعرف كيف كان التعامل مع هذين النجمين العالميين، وكيف وصلت بهما إلى هذه الدرجة من التعايش مع شخصياتهما؟
ـ كيت وينسلت ممثلة مخضرمة ولديها خبرات عديدة اكتسبتها نظراً لعملها مع مخرجين كبار آمثال ووودى ألان، فهي شديدة التركيز فى عملها وكثيرة التحضير للشخصية، وبالتأكيد لم يكن التعامل معها أمراً سهلاً مثلا لم يكن الحل هو توجيهها بأسلوب مباشر بل كنا ندخل فى نقاش حول تفاصيل الشخصية وتوقعات رد فعلها، ولا أذيع سراً إذا قلت أننى استفدت منها، ومع ذلك فقد كنت أكثر توتراً فى العمل مع إدريس آلبا فهو بالنسبة لى “أيقونة”، ممثل ساحر، لعب شخصية شديدة التركيب، ونجح أن يهضم مشاعرها المتضاربة. ودخلنا فى تحضيرات طويلة استمرت ستة أشهر، فى الواقع يبدو الأمر معقداً للحصول على موافقة الأبطال على السيناريو، لكن التحدي الأكبر كان كيفية الوصول بكل منهما للتعايش التام مع الشخصية التى يؤديها. وشعورهما بالحدث وتفاعلهما معه ليستشعرا الخطر الذي يعيشانه حتى يصدقهما المشاهد كان هذا هو التحدى الأكبر خاصة وأن التصوير كان مرهقاً في درجات حرارة وصلت الى 40 تحت الصفر وعلى قمم ثلجية.
* ولماذا اخترت رواية تشارلز مارتن لتكون محورا لأول أفلامك فى هوليوود؟
ـ كنت أبحث عن سيناريو لأبدأ به وكنت أتطلع لتجربة مختلفة، وبدأت فى كتابة سيناريو فكرة، لكنى اتذكر جيداً انه كان يوم أحد حين حدثنى مدير أعمالى “ديفيد دريفيزي” عن هذا السيناريو الذى جاء بترشيح من أستديو وشركة إنتاج توينتي سينشري فوكس، وعندما وصلني هذا السيناريو الفيلم قرأته دفعة واحدة وأعدت قراءته مرة ثانية ووجدتنى مأخوذاً به وغمرني الحماس الشديد وقلت هذا ماكنت أبحث عنه .
* من تحديات اختيار بطليك إلى تحديات التصوير واعتمادك على ممثلين اثنين فقط وصراع البقاء، والحب الذى يضئ روحيهما فى لحظات قاسية.
ـ نعم كان التصوير فى تلك الاجواء وسط الثلوج ودرجات الحرارة التى تهبط لأقل من 40 درجة تحت الصفر يعد تحدياً كبيراً علاوة على الاعتماد على ممثلين اثنين وقد رأيت ذلك ميزة وليست قيداً، لأننى مركز تماما معهما وهو ماحدث مع المشاهد أيضاً، وكان اختيار كيت وينسلت وإدريس إلبا موفقاً للغاية، وساعداني بأدائهما المميز لكى أخط لوحة بصرية جيدة، إذ لوٰنت بتمثيلهم هذا الثلج الأبيض الذي يكسو الجبال، ثم تفجرت قصة الحب بينهما وتسللت إلى وجدانهما وهما يصارعان من أجل البقاء.
* لكن هذا ليس كل شئ، هناك بالتأكيد أجواء مغايرة ترسم ملامح التجربة الهوليودية، تفاصيل مهمة تصنع هذا الفارق، كيف رأيتها؟
ـ هناك فروق عديدة فى الامكانات المتاحة للمخرج وميزانية الفيلم، فقد تم رصد ميزانية قدرها 45 مليون جنيه، هذه الإمكانات تجعلنى كمخرج أستطيع تنفيذ تصوير أي مشهد يقفز في عقلى خلال التصوير، ولعل مشهد سقوط الطائرة ما كان يمكن تنفيذه “وان شوت” لولا الإمكانيات الكبيرة مادياً وفنياً، كما أن وجود فريق عمل تنفيذى كبير يجعلنى أركز فى شغلى كمخرج ففى أفلامنا العربية تجدى المخرج مشغولاً بمسئوليات عديدة كالإنتاج والتسويق وتدبير النفقات هذا الوضع اختلف تماماً في (الجبل بينا) فمثلاً فريق العمل المسئول عن اختيار اسم الفيلم والبوستر التسويقي يتكون من 80 محترفاً، وكل يؤدى دوره كما ينبغى، كما أن العمل مع فوكس يتسم بأسلوب مختلف وبطريقة توافقية فى القرارات المهمة، أما عملى كمخرج فى التصوير وإدارة الممثلين فلم يختلف.
* وعلى أى نحو تقيم هذه التجربة؟
ـ هى تجربة أعتز بها لأنها حققت لى تواجداً مهما فى السينما العالمية، وحققت نجاحاً يرضينى تمثل فى إيرادات الفيلم أكثر من (60 مليون دولار) وفى استقبال الجمهور له سواء فى أمريكا أو فى الدول العربية وأولها القاهرة التى استقبلت الفيلم بحفاوة كبيرة خلال عرضه بافتتاح مهرجان القاهرة السينمائى.
* ماذا عن تجربتك القادمة هل تعود للسينما الفلسطينية أم تستكمل مسيرتك فى هوليوود؟
سوف أستكمل تجربتى فى السينما العالمية ففيلم واحد لايكفى فى هوليوود ولدى أربعة سيناريوهات لأختار فيلمى القادم من بينها، وهذا لا يعنى ابتعادى عن السينما الفلسطينية فهى جزء لايتجزأ منى، وهناك _ شركة إنتاجية تضمني مع عدد من المخرجين العرب، وهم عمر نعيم ( نجل الفنانين نضال الأشقر وفؤاد نعيم)، عمرو سلامة، محمد دياب ومحمد حفظي، ونتعاون لتقديم فيلم بعنوان “قناص بغداد” رداً على الفيلم الأميركي “القناص الأميركي”، وسأشارك به إنتاجياً ويخرجه عمرو سلامة.